أولياء تلاميذ المدرسة السعودية في الجزائر يلجأون لبوتفليقة للتدخل لإلغاء قرار منع الدراسة

TT

ناشد جزائريون سجلوا أبناءهم بالمدرسة السعودية بالجزائر، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، التدخل لإلغاء قرار منع الأطفال الجزائريين من التمدرس، بدعوى أن المؤسسة التربوية لا تعتمد مناهج التعليم الجزائري الرسمية. واحتجوا على «التمييز في التعامل بين المدارس الأجنبية».

والتقى وفد من أولياء تلاميذ جزائريين يتابعون الدروس بالمدرسة السعودية، فاروق قسنطيني رئيس «اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان» الحكومية قبل أيام، وسلموه رسالة تتضمن شكوى سلمها هو بدوره للرئيس بوتفليقة. وجاء في الرسالة التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها أن المدرسة السعودية تتعرض لمشاكل منذ 2004، تاريخ صدور مرسوم رئاسي يحدد شروط فتح المدارس الأجنبية، حيث بدأت المتاعب تلاحق أبناء الجزائريين الدارسين بها، ثم اتخذت وزارة التربية قرارا يمنعهم من دخولها بدءا من 2006، تحت مبررات واهية أساسها أن «المدرسة تدرس الدين وغير مطابقة للمناهج الجزائرية».

وذكرت الوثيقة أن «تلاميذ المدرسة السعودية يتلقون دروسا في المواد العلمية العادية زيادة على العلوم الشرعية، كحفظ القرآن بطريقة صحيحة وهذا التعليم يشابه التربية الإسلامية بالمدارس الجزائرية، لكن يدرس بشكل أوسع وأصح، وقد استغل المغرضون الجانب الديني في المواد المدرسية لزرع الأكاذيب، منها أن المدرسة أصبحت مركزا للإرهاب». وورد في الرسالة أن «التطابق موجود بين ما ينص عليه المرسوم الرئاسي، حول ضرورة تلقين تلاميذ المدارس الأجنبية المناهج الرسمية، وما يدرس بالمدرسة السعودية بحيث يتم تدريس مواد التاريخ والجغرافيا والتربية المدنية للتلاميذ الجزائريين، وذلك طبقا لاتفاقية مبرمة بين حكومتي البلدين». وتذكر المادة الرابعة من الاتفاقية الموقعة في 06 أبريل (نيسان) 2004 والتي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، أن المدرسة السعودية «مطالبة بمنح تلاميذها تعليما مطابقا لبرنامج النظام التربوي السعودي مع تخصيص مكانة مميزة لتعليم تاريخ الجزائر وجغرافيتها، وتعليم التربية المدنية لتلاميذ الجزائريين وفقا للمناهج المدرسية الجزائرية». وهي عناصر متوفرة بالمدرسة ويجري احترامها منذ تأسيسها، حسب أولياء التلاميذ.

ووقع الاتفاقية عن الجانب الجزائري، أمين عام وزارة الشؤون الخارجية، وعن الجانب السعودي السفير السابق أحمد بكر قزاز. ويدرس بالمدرسة السعودية 700 تلميذ، 450 منهم جزائريون والبعض جزائريون مزدوجو الجنسية (ولدوا في فرنسا أساسا وبلدان أوروبية أخرى) وآخرون سعوديون من أبناء الجالية المقيمة بالجزائر. وعلمت «الشرق الأوسط»، أن مسؤولا بوزارة التربية السعودية تنقل إلى الجزائر الشهر الماضي، والتقى مسؤولين بوزارة الشؤون الخارجية قصد حل المشكل، لكن يبدو، بحسب مصادر، أنه لم ينجح في إقناع الطرف الجزائري بالعدول عن قرار وزير التربية.

وقال أحد أولياء التلاميذ الذين مستهم إجراءات المنع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد ذكر وزير التربية أبو بكر بن بوزيد أنه لا يعلم بوجود اتفاقية حول إنشاء المدرسة السعودية، مع أن مجلس الوزراء صادق على مشروع استحداثها في 18 سبتمبر (ايلول) 2004. وعلى كل حال، نحن متفائلون بتطورات القضية ونعتقد أن الرئيس بوتفليقة لا يظلم عنده أحد».

وذكرت مصادر مطلعة على «أزمة المدارس الأجنبية بالجزائر»، أن رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم تذمر من منع تسجيل الجزائريين بالمدرسة السعودية لما بلغه الأمر، وحينها كان وزير دولة ممثلا شخصيا لرئيس الجمهورية، واعتبر القرار غير مستند إلى مبرر قانوني. وأفاد مصدر حكومي أن القرار اتخذه بن بوزيد بإيعاز من رئيس الحكومة السابق أحمد أويحي، وأنه يعكس صراعا إيديولوجيا في النظام التربوي بين أنصار الثقافة الفرانكفونية والتيار العروبي الإسلامي.

ويسعى أولياء التلاميذ منذ أيام إلى مقابلة رئيس الحكومة آملين في إلغاء قرار المنع. وكانت وزارة التربية أصدرت إجراءات مطلع العام الحالي تقضي بغلق كل المدارس الجزائرية الخاصة والأجنبية بحجة أنها لا تدرس المواد العلمية باللغة العربية بالنسبة للبعض، ولا تعتمد مناهج التعليم الرسمية بالنسبة للبعض الآخر. ثم قررت منع الجزائريين المسجلين في المدارس الأجنبية من متابعة الدروس بها وغلق المدارس الخاصة، قبل أن تمهلهم حتى يونيو (حزيران) الماضي للامتثال للإجراءات.

واحتج مسؤولو المدارس العربية على هذه الإجراءات كونها لا تستثني المدرسة الفرنسية التي لا تتقيد بالمنهاج الجزائري ولا تدرس موادها باللغة العربية.