طفل لبناني يصيبه صاروخ وهو يفر مع أسرته فيقتله مع 19 آخرين

جحيم إسرائيلي يحاصر قرويين لبنانيين فارين

TT

كان الطفل ممسكا بشطيرة حين قتله صاروخ اسرائيلي، هو و19 اخرين، اثناء فرارهم من قريتهم الواقعة على الحدود اللبنانية في شاحنة صغيرة. كانت يدا الطفل الصغيرتان المسودتان مضمومتين الى صدره حيث كان متشبثا بالخبز حين انتشل أفراد قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة الجثة الى جانب بعض جثث لآخرين. وذكرت مصادر طبية أن نصف الركاب كانوا من الاطفال أو الشبان. وهذا هو أكبر هجوم من حيث عدد القتلى منذ بدأت اسرائيل قصفا جويا ضد لبنان، بعد أن خطف مقاتلو «حزب الله» جنديين من قواتها يوم الاربعاء. وتجمع الاقارب في مستشفى للتعرف على هويات الجثث التي قيل انها لأفراد من أسرتين هما عبد الله وغانم وانهم كانوا يحاولون الفرار من قريتهم قرية مروحين. وفرت الاسرتان بعد أن أمهل الجيش الاسرائيلي السكان بضع ساعات للرحيل.

وقال ميلوس ستروجر، المتحدث باسم قوة الامم المتحدة المؤقتة في لبنان، لرويترز، ان نحو 100 من السكان وصلوا الى قاعدة قريبة تابعة للقوة طلبا للمأوى غير أنهم عادوا الى ديارهم بعد أن لم يستطع مسؤولون تأكيد الانذار الذي وجهته اسرائيل. وأضاف ستروجر أن سكانا آخرين حاولوا المغادرة في وقت لاحق وقتلوا في هجوم صاروخي، مضيفا أن السلطات اللبنانية طلبت من قوة الامم المتحدة المساعدة في إجلاء ما بين 120 و160 متبقين في مروحين. وسيعاد توزيعهم. وأنحى أقارب باللائمة على قوة الامم المتحدة المؤقتة في وفاة أقاربهم حيث رشقوا أفراد قوات حفظ السلام بالحجارة حين وصلوا برفقة الجثث عقب الهجوم. وقال محمد عقلة الذي كان بالمستشفى «لو كانوا أدخلوا الناس مبدئيا لما قتل أحد قط». كما خرج شاب وزوجته برفقة ثلاثة أطفال من مبنى سلم بأعجوبة من الغارات الاسرائيلية على الضاحية الجنوبية، والاعياء باد على وجوههم المسودة بسبب الدخان، وتوسلوا الصحافيين قائلين «اخرجونا من هذا الجحيم، خذونا الى اي مكان». وقالت الزوجة متوجهة بالحديث الى الاعلاميين «الاستمرار في العيش يفوق قدرة الانسان على التحمل». ويسير ما تبقى من السكان بعضهم بلباس النوم تائهين في الشوارع المطمورة بالركام. وصباح أمس، استفاقت ضاحية بيروت الجنوبية التي تقصفها اسرائيل منذ ثلاثة ايام من دون انقطاع، مذهولة وكأن زلزالا ضربها.

وأفاد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية، ان الغارات الاسرائيلية دمرت عشرات المباني والعديد من الجسور في هذه المنطقة التي تعد معقل حزب الله الشيعي اللبناني. وطوال الليل، اهتز زجاج المباني في وسط بيروت على وقع قصف الطيران والبحرية الاسرائيلية قبالة ساحل بيروت. وكان هذا القصف يستهدف هذه الضاحية ذات الغالبية الشيعية التي تقع على بعد ثلاثة كلم من وسط بيروت وحيث كان يقيم منذ بضعة ايام نحو 500 ألف شخص.

وقطعت الطرق المؤدية الى «المربع الأمني» الذي تبلغ مساحته كيلومترا مربعا واحدا والذي حدده «حزب الله» للحفاظ على أمن قيادييه والى مبنى تلفزيون «المنار» التابع له، بسبب ركام المباني المتعددة الطوابق التي دمرها القصف الجوي والبحري. وقد دمر مبنى «المنار» المؤلف من عشر طوابق بالكامل وكذلك جادة يحيط بها عشرة مبان. وانهار مبنيان مؤلفان من سبعة طوابق وموجودان عند مدخل «المربع الأمني». ولا يزال ينبعث الدخان من الرماد الذي خلفته الحرائق الناتجة عن القصف. وكانت مجموعة المباني المؤلفة من عشر طوابق والتي تشكل «المربع الأمني»، وتضم الامانة العامة لـ«حزب الله» دمرت في غارات اسرائيلية عدة الجمعة، حين حاول الجيش الاسرائيلي اغتيال أمين عام الحزب حسن نصر الله.

وقد دمر القصف الاسرائيلي من ناحية ثانية الجسور والطرقات التي تربط الضاحية الجنوبية بالعاصمة، لا سيما في بئر العبد. وتتضمن هذه المنطقة جامعا يؤم الصلاة فيه العلامة الشيخ محمد حسين فضل الله، وكذلك جادة هادي نصر الله، نجل الأمين العام لـ «حزب الله» الذي قتل في عملية ضد اسرائيل منذ سنوات. وعلى جانبي الجسور التي شطرت الى جزئين، خلفت القنابل الاسرائيلية حفرا كبيرة. ويقوم شبان مدنيون يركبون دراجات نارية صغيرة، وهم على الارجح ناشطون في «حزب الله»، بإعطاء الاوامر. وقال أحدهم الى المصورين «لا تدخلوا في المربع الأمني. قد توجد قذائف لم تنفجر. انتظروا بضع دقائق، ستحاول جرافة فتح احد المنافذ». وتقوم الجرافة بتنظيف المكان حتى يتم التمكن من الدخول الى «المربع الأمني». وتنتظر سيارة الاسعاف إنجاز هذه المهمة. وقال أحد المسعفين «يجب ان نتمكن من الدخول الى المنطقة المنكوبة. قد يكون هناك قتلى او جرحى تحت الركام». وعادة يقيم نحو نصف مليون شخص في الضاحية الجنوبية، لكن معظمهم هربوا للجوء الى أحياء اكثر امانا في بيروت او الجبل او وادي البقاع.