بوش: لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها لكن يجب أن تكون مدركة للعواقب

شيراك يدعو للدفاع عن سيادة لبنان ورسالة عاجلة من عباس للثماني > واشنطن قلقة من تصاعد عدد القتلى

TT

بذل قادة دول مجموعة الثماني جهودا مضنية أمس لبلورة موقف مشترك حول التعامل مع أزمة الشرق الأوسط التي تزداد تفاقما. وتجاهد مجموعة الثماني للتغلب على الانقسامات العميقة بين قادتها، حيث يلقي الرئيس الاميركي جورج بوش باللائمة في العنف على سورية وإيران و«حزب الله»، فيما تطالب روسيا ومعظم القادة الأوروبيين، إسرائيل، بعدم استخدام القوة غير المتكافئة. وعقد بوش محادثات منفصلة مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الفرنسي جاك شيراك حول الأزمة المتصاعدة. وتهيمن الجهود لمحاولة منع اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط على قمة مجموعة الثماني التي يستضيفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.. ولكن الانقسامات حول الشرق الأوسط بين أعضاء نادي الصفوة قلصت الآمال في خروج القمة بمبادرة قوية لوقف سفك الدماء في المنطقة. واتخذ بوتين وغيره من قادة دول المجموعة باستثناء بوش ورئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر موقفا منتقدا للأفعال الاسرائيلية ووصفوها بأنها «غير متكافئة».

أما الرئيس الاميركي فواصل تأييده القوي لحق إسرائيل في حماية نفسها. وقال بوش عقب محادثاته مع بلير «لجميع الدول ذات السيادة الحق في الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الارهابية». لكن بوش خفف للمرة الاولى من لهجة دعمه الشامل لإسرائيل بقوله: «نأمل بأن يكون هناك ضبط للنفس عند الرد.. رسالتنا لإسرائيل هي أن تدافع عن نفسها لكن عليها الانتباه إلى العواقب». وأصر الرئيس الاميركي، يدعمه في ذلك بلير، على أن الطرف الرئيسي الملوم في الازمة هو «حزب الله»، و«الايرانيون الذين يمولون حزب الله والسوريون الذين يؤون حزب الله». وشدد بلير على أنه على قادة مجموعة الثماني بلورة «موقف مشترك موحد» بشأن الأزمة. وخلال لقائه بوش دعا الرئيس الفرنسي جاك شيراك «جميع الاطراف إلى الالتزام بالتهدئة.. بما يمكن من خلق ظروف لوقف إطلاق نار طويل الأمد في المنطقة». ومثل شيراك يريد معظم قادة المجموعة الاستجابة السريعة لمناشدة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة بالوقف الفوري لإطلاق النار. لكن بوش تجنب الاجابة على سؤال طرح عليه مرارا حول ما إذا كان يؤيد الهدنة.

وكان سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسية، قد قال ان السبب الرئيسي لانفجار الأوضاع في الشرق الأوسط يكمن في عدم تسوية النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي بمساراته المتعددة. وقال انه يجب على مجلس الأمن الدولي عدم الاكتفاء ببحث الأوضاع في المنطقة من الازمة الى الازمة والبحث في جذور المشكلة. وأشار في معرض إجابته على سؤال «الشرق الأوسط» الى «ضرورة الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن من أجل تحقيق التسوية الشاملة للقضية». وقال الوزير الروسي ان قمة الثماني الكبار تعكف على دراسة إصدار بيان حول هذه المشكلة، وهو البيان الذي لم يستطع الرئيسان بوش وبوتين التوصل اليه خلال مباحثاتهما الثنائية قبيل افتتاح القمة. وحذر لافروف من احتمالات ان يسفر انفجار لبنان عن تفجير الموقف برمته وانعكاس ذلك على كل بلدان المنطقة. وكان الخلاف واضحا ايضا تجاه مطلب نزع سلاح «حزب الله»، أما عن القرار الصادر عن مجلس الأمن 1595 حول الاوضاع في لبنان ونزع سلاح التشكيلات العسكرية، قال انه يتعلق بالتشكيلات العسكرية الاجنبية ولا ينسحب على «حزب الله». وقال ان «حزب الله» مدعو الى الانخراط في محاولات تحقيق الوفاق والمصالحة الوطنية في لبنان من دون ان يعلق على ما طلبه الرئيس بوش حول نزع سلاح «حزب الله» وطلب مساعدة سورية في الضغط على «حزب الله».

ووصف الوزير لافروف اختطاف الجنود الاسرائيليين في لبنان بأنه «محاولة استفزازية»، استهدفت ضمنا إحباط محاولات التسوية والحوار اللبناني الداخلي. وأوضح وزير الخارجية الروسية انه أجرى اتصالا مع نظيرته الاميركية كوندوليزا رايس لمناقشة الصياغة المحتملة للمواقف والتي يمكن ان تقرها مجموعة «77» (عدم الانحياز).

إلى ذلك، قالت وزيرة الخارجية الاميركية، ان الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن تصاعد عدد القتلى من المدنيين في لبنان، ولكن وقفا فوريا لإطلاق النار لن يحل المشكلة. وقالت رايس للصحافيين انها أبلغت رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت «بأننا قلقون بشأن تأثر المدنيين الابرياء، ونأمل أن تأخذ اسرائيل في اعتبارها ذلك وتمارس ضبط النفس في عملياتها بحيث لا يعاني المدنيون الابرياء». غير أنها قالت ان وقف اطلاق النار الذي طلبه رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة لن ينجح ما لم تتم معالجة السبب الاساسي للمشكلة الذي تقول واشنطن انه العنف الذي يمارسه مقاتلو «حزب الله» والدعم الذي يحصلون عليه من سورية وايران». وأضافت رايس: «ما نحتاج اليه هو التركيز على المضي قدما بما يسمح بوقف العنف الذي سيكون مستديما بادئ ذي بدء بحيث لا نعود بعد ثلاثة أسابيع من الآن لنتحدث عن وقف جديد للعنف». وتابعت ان الولايات المتحدة تؤيد بشدة حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها، وقالت: «لن أحاول إصدار أحكام على كل عملية اسرائيلية أو كل هجوم اسرائيلي». ومن ناحيته، اعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك انه يجب "وقف كل القوى التي تهدد امن واستقرار وسيادة لبنان". كما دعا شيراك الى "حماية السكان المدنيين، والاعتدال والتوصل الى وقف اطلاق نار دائم" قبل لقاء ثنائي مع بوش. واعلن انه "يؤيد تماما" أهداف وفد الامم المتحدة في المنطقة للتوصل الى اطلاق سراح الجنود الاسرائيليين الاسرى ووقف اطلاق الصواريخ على اسرائيل. واكد ايضا انه لا غنى عن "استئناف الحوار" مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

الى ذلك، وجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسالة إلى قمة دول الثماني. وقال عبد الله عبد الله عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة فتح في تصريحات صحفية إن "الرئيس عباس وجه رسالة إلى اجتماع دول الثماني المنعقد في العاصمة الروسية موسكو لوضعهم أمام مسئولياتهم التاريخية حول ما يجري في الاراضي الفلسطينية". وأضاف : "نحن مصممون على التوجه لمجلس الامن المكلف بحماية الامن والسلم الدوليين منذ تأسيسه لان الامور لن تبقى على حالها ولن تقتصر على فلسطين ولبنان". واستهجن عبد الله ما سماه بـالصمت حيال ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة وقال: " لا يوجد حتى الان ردود حقيقية من الاطراف الاقليمية أو الدولية على ما تقوم به إسرائيل من عدوان وتصعيد وأن المطلوب موقف عربي جماعي موحد كأحد المخارج من الازمة الراهنة".