جهود عربية لإقناع الرئيس الصومالي بالعودة لمحادثات الخرطوم مع «المحاكم»

TT

سعت السودان واليمن والجامعة العربية امس، إلى إقناع السلطة الانتقالية الصومالية التي يقودها الرئيس عبد الله يوسف، بالتراجع عن قرارها بمقاطعة جولة المفاوضات الثانية مع وفد المحاكم الإسلامية في العاصمة السودانية الخرطوم. وأجرى الرئيس السوداني عمر البشير الرئيس الحالي للقمة العربية ونظيره اليمني علي عبد الله صالح، اتصالات مكثفة مع الرئيس الصومالي في مقره بمدينة بيداوه الجنوبية، بغية حثه على إرسال وفد رسمي لتمثيل السلطة الانتقالية في محادثات الخرطوم.

وقال مسؤول ملف الصومال لدى الجامعة العربية ورئيس وفدها الموجود حاليا في الخرطوم سمير حسني، إن الساعات القليلة المقبلة ستبلور أحد حلين: إما وصول وفد رسمي من الحكومة الصومالية ومعه تفويض واضح بالتفاوض مع المحاكم الإسلامية، أو إعلان تأجيل المحادثات التي ترعاها الحكومة السودانية والجامعة العربية إلى وقت لاحق. وأوضح حسني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من مقر إقامته في الخرطوم أن الجامعة العربية تسعى لبلورة اتفاق وطني صومالي والقضاء على الخلافات العالقة بين الحكومة الانتقالية والمحاكم الإسلامية. وأكد أن وفد المحاكم الإسلامية الذي قاده الدكتور إبراهيم حسن عدي قد تعهد باحترام شرعية السلطة الانتقالية ورحب بوجود رئيسها عبد الله في العاصمة الصومالية مقديشو، التي باتت تخضع بالكامل لهيمنة الميليشيات المسلحة التابعة للمحاكم الإسلامية.

ونأى حسني بنفسه عن الدخول في تفاصيل الخلافات التي طفت على السطح أخيراً بين أركان السلطة الانتقالية على ضوء إعلان رئيس البرلمان رفضه للقرار الذي اتخذه الرئيس عبد الله يوسف ورئيس وزرائه علي محمد جيدي بمقاطعة محادثات الخرطوم واعتزامه إرسال وفد يمثل البرلمان إليها. وقال حسني: «لا نريد وفدا من البرلمان فقط، نريد التفاوض مع وفد يمثل ترويكا الحكم في الصومال».

وتقول الحكومة الصومالية، إنها لن تعترف بأية نتائج قد تنتج عن مفوضات وفد البرلمان مع المحاكم الإسلامية، فيما أكد عبد الرحمن ديناري الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء الصومالي علي محمد جيدي، أن موقف رئيس البرلمان يمثل انتهاكا للدستور وتجاوزا على الصلاحيات الممنوحة للحكومة. من جهته، نفى نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية الصومالي حسين عيديد لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون قد استقال من منصبه على خلفية الجدل المثار بين الحكومة والبرلمان، حول محادثات الخرطوم. وقال عبر الهاتف من مدينة بيداوه إنه مستمر في عمله كالمعتاد، ووصف الشائعات الخاصة باستقالته بأنها كاذبة، ولا أساس لها من الصحة. وأكد عيديد أن ميلشياته التي ما تزال تسيطر على أجزاء كبيرة في العاصمة مقديشو، تحظى بدعم وتأييد كافة العشائر والقبائل الصومالية، وتابع قائلاً: «أنا أعرف المحاكم الإسلامية أكثر من أي شخص في الصومال، والشيخ عويس رئيسها أخي، وتربطنا علاقة عائلية، وأنا من أقنعت الرئيس عبد الله يوسف ورئيس الوزراء على محمد جيدي بالترحيب أول مرة بتمكن ميليشيات المحاكم الإسلامية من دحر أمراء الحرب وزعماء الميليشيات، الذين كانوا يتلقون دعما من الولايات المتحدة».

وشدد على أنه ليس في حالة حرب مع المحاكم الإسلامية، وأن مهمته كوزير للداخلية، هي ضمان حفظ الأمن والسلام في مقديشو، وغيرها من المدن الصومالية.

وفى سياق آخر، كشف عيديد النقاب عن أنه نصح الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف بمغادرة مقره المؤقت في بيداوه، والانتقال إلي مسقط رأسه في جمهورية «بونت لاند»، تحسبا لهجوم قد تشنه المحاكم الإسلامية في غضون الأسبوعين المقبلين. وقال عيديد ان المحاكم الإسلامية، تستعد على ما يبدو للانقضاض على بيداوه لكن الرئيس متمسك بالبقاء فيها، مشيرا إلى أن عملاء للمحاكم قد يحاولون زعزعة الأمن والاستقرار في المدينة، تمهيدا لهذا الهجوم المتوقع. لكن قيادات المحاكم الإسلامية قالت لـ«الشرق الأوسط» انه ليست لديهم أي نية لاقتحام بيداوه، ما لم تصدر منها أية تهديدات تجاه التنظيم.