كوريا الشمالية ترفض القرار الدولي بإدانتها وتهدد بتعزيز «قوتها للردع العسكري»

واشنطن تشيد بصدور القرار بالإجماع وتعتبره «رسالة قوية إلى إيران»

TT

رفضت كوريا الشمالية، القرار التي تبناه مجلس الأمن الدولي الليلة قبل الماضية، وأدان فيه تجاربها الصاروخية الأخيرة، وهددت في المقابل بتعزيز «قوتها للردع العسكري».

وقال مندوب كوريا الشمالية في مجلس الأمن باك جيل يون، بعد صدور القرار، ان تطوير بلاده لصواريخ يهدف للحفاظ على توازن القوى في شمال شرق آسيا، مؤكدا ان التجارب الصاروخية «ستستمر». من جهتها، وقالت وزارة الخارجية الكورية الشمالية، في بيان بثته وكالة الانباء الرسمية ان «جمهوريتنا ستعزز جهودها للردع العسكري، للدفاع عن النفس بكل الاشكال الممكنة، وبكل الوسائل والطرق، بعد ان بلغ الوضع الآن اسوأ مراحله، بسبب العمل المفرط في العدائية، الذي قامت به الولايات المتحدة». واعتبرت ان قرار مجلس الامن «ينبع من السياسة الاميركية المعادية لكوريا الشمالية». واضافت الوزارة ان «القول بأن التجارب الصاروخية التي تجريها الولايات المتحدة واليابان شرعية، في حين ان التجارب التي تجريها (كوريا الشمالية) دفاعا عن النفس، غير شرعية منطق منافق، ووحده القوي قادر اليوم على الدفاع عن العدالة في عالم تسوده شريعة الغاب. لا الأمم المتحدة ولا أي جهة أخرى قادرة على حمايتنا».

وكان مجلس الأمن اعتمد الليلة قبل الماضية بالاجماع، قرارا يدين كوريا الشمالية بسبب تجارب الصواريخ التي اجرتها في الخامس من يوليو (تموز) الحالي، ويتضمن اجراءات ملزمة بالنسبة لبيونغ يانغ. وخلافا لما كانت ترغب طوكيو اساسا، لم يشر القرار الى الفصل السابع في ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز استخدام القوة في حال عدم احترام القرار، ما اتاح تجنب استخدام روسيا والصين، حليفتا كوريا الشمالية، لحق النقض. ويطلب القرار 1695 الذي اعتمده مجلس الأمن من كوريا الشمالية، «تعليق كل الأنشطة المرتبطة ببرنامجها للصواريخ البالستية والالتزم في هذا الاطار بتعهداتها السابقة بشأن تعليق اطلاق الصواريخ»، كما «يطلب من الدول الاعضاء كافة التحلي باليقظة، وتفادي اي نقل لصواريخ ومعدات وتقنيات يمكن ان يستخدمها الكوريون الشماليون في تصنيع صواريخ او برامج لأسلحة دمار شامل».

وهذا أول قرار اتخذه مجلس الأمن الدولي بشأن كوريا الشمالية منذ عام 1993، عندما حث بيونغ يانغ على فتح مواقعها العسكرية أمام مفتشين نوويين، والعدول عن قرارها بالانسحاب من معاهدة الحد من الانتشار النووي.

واعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس، أن ادانة مجلس الأمن لكوريا الشمالية، وبدعم ناشط من الصين سيرغم بيونغ يانغ على العودة الى طاولة المفاوضات. وقالت رايس خلال قمة «مجموعة الثماني» في سان بطرسبرغ، «انه قرار لافت قدمت الصين دعمها له»، و«في النهاية لن يكون امام كوريا الشمالية من خيار، سوى العودة الى طاولة المفاوضات».

ودفعت سرعة رد الفعل الصادرة عن كوريا الشمالية بالسفير الاميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون، الى القول ان «كوريا الشمالية حققت رقما قياسيا برفض القرار بعد 45 دقيقة من تبنيه». وأعلن السفير الأميركي ان «القرار يواجه رسالة لا لبس فيها، وبدون غموض وتحظى باجماع لبيونغ يانغ بأن عليها ان تعلق برنامجها للصواريخ البالستية ووقف التزود بالمواد المرتبطة بأسلحة الدمار الشامل». واضاف انه اذا لم تلتزم كوريا الشمالية بمطالب هذا القرار، فإن الولايات المتحدة والدول الاخرى الاعضاء سيكون امامها «احتمال العودة الى مجلس الامن لاتخاذ اجراءات، اضافية في اي وقت كان». وكان بولتون اعتبر الجمعة ان مشروع القرار وحتى بدون تضمنه اشارة واضحة الى الفصل السابع، له قوة قانونية ملزمة. ورأى بولتون ان القرار سيساعد على توجيه رسالة قوية الى ايران، بقوله: «اعتقد انه يفترض في إيران ان تلقي نظرة على هذا القرار، وتلاحظ أن مجموع أعضاء مجلس الامن، وبينهم الدول الخمس الدائمة العضوية، أجمعوا عليه».

من جهته رأى المندوب الفرنسي في الامم المتحدة جان مارك دو لا سابليير ان الاجماع الذي تحقق في مجلس الأمن في موضوع كوريا الشمالية، «يضمن الارادة المشتركة للتحرك بحزم في مكافحة انتشار» أسلحة الدمار الشامل. وأشار دو لا سابليير إلى أن فرنسا عملت «طيلة فترة المفاوضات من أجل وحدة مجلس الأمن، لأن وحدة المجلس تزيد بشكل كبير فاعلية عمله». وتابع أن «الوحدة اليوم هي الضمان للارادة المشتركة بالتحرك بحزم خلال المراحل المقبلة من مكافحة أسلحة الدمار الشامل». ورحبت اليابان، التي قدمت مشروع القرار ضد كوريا الشمالية، إذ قال وزير خارجيتها تارو آسو للصحافيين في طوكيو ان «كوريا الشمالية يجب أن تعتبر هذا القرار على انه رسالة حزم من قبل المجموعة الدولية»، مشيدا بالقرار باعتباره «قويا وملزما». وحث الوزير الياباني ايضا بيونغ يانغ على الانصياع لهذا القرار عبر وقف «فوري» لكل الأنشطة المرتبطة ببرنامجها للصواريخ البالستية والعودة الى التزاماتها السابقة المتمثلة بتعليق اطلاق صواريخ. من جهته، قال المسؤول الثاني في الحكومة اليابانية شينزو ابي ان القرار «يظهر تصميم المجموعة الدولية الحازم». كذلك، رحبت كوريا الجنوبية بالقرار، اذ قال الناطق باسم الخارجية الكورية الجنوبية شو كيو ـ هو ان حكومة بلاده «تدعم القرار 1695 حول تجربة الصواريخ من قبل كوريا الشمالية»، مضيفاً ان «كوريا الشمالية مدعوة لتقبل الرسالة الحازمة والموحدة التي وجهتها المجموعة الدولية، وتجنب اتخاذ اجراءات تؤدي الى تفاقم الوضع، وان تلتزم باتفاق تعليق تجارب الصواريخ».

وعبرت الصين عن «أملها» في أن يؤدي القرار الذي اعتمده مجلس الأمن الى «استئناف سريع» للمحادثات المتعددة الاطراف حول البرامج النووية لكوريا الشمالية. وقال الناطق باسم الخارجية الصينية جيانغ يو: «نأمل في ان تتمكن كل الأطراف المعنية ان تعتبر ذلك منعطفا، وان تقوم بجهود مشتركة وتخلق الظروف لاستئناف سريع للمفاوضات السداسية»، التي تضم الكوريتين والصين والولايات المتحدة واليابان وروسيا. واضاف «انها الرغبة المشتركة للمجموعة الدولية».