قال عبد العزيز مزيان بلفقيه، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، إن المغرب حاليا على مفترق طرق، ومستقبله بين أيدي ابنائه، مما يتوجب معه إثارة نقاش عام، مشيرا إلى أن التعامل مع الماضي يشكل تمرينا صعبا يتطلب الكثير من الـتأني والتواضع، مع استبعاد التعامل العدمي والنظرة التمجيدية.
وجاءت تصريحات بلفقيه، خلال مداخلة له في إطار يوم دراسي نظمه الفريق الاشتراكي (غالبية حكومية)، أمس، حول «تقرير الخمسينية، دروس الماضي وآفاق المستقبل».
وأضاف بلفقيه أن تقرير الخمسين سنة من التنمية، الذي اشرف عليه، اقترح نوعا من التشخيص المشترك يتفق فيه الجميع اليوم على أن المغرب صار مختلفا تماما عن الذي تركه الاستعمار قبل خمسين عاما، مشيرا إلى أن المكتسبات المهمة التي تحققت لا يمكن أن تخفي مكامن التعثر، فالبلاد تحتل المرتبة 124 في سلم التنمية البشرية العالمي، بسبب انتشار الأمية والفقر.
وأوضح بلفقيه أنه بات على المغرب الانخراط أكثر في مسائل أصبحت الآن كونية، وتلخصها عبارة «الحكامة الجيدة»، باعتبارها شأنا يعني السياسيين والمقاولات والمجتمع المدني، مشددا على أن الفترة التي يجتازها تعد مرحلة جميع الانتقالات السياسية والديموغرافية والاجتماعية في ارتباط بانتقالات حاسمة يعرفها العالم على المستوى الجيو ـ استراتيجي والتكتلات العالمية وصعود قوى دولية ودول تمتلك مفاتيح التكنولوجيا والمعرفة.
وأبرز مستشار العاهل المغربي أن الاندماج الفعلي في مجتمع المعرفة يفترض الانكباب على ورش إصلاح التعليم، الذي يتم التعامل معه بنوع من البرودة الناتجة عن ضعف الحوار وانحسار النقاش حول قضاياه، مشددا على أنه يجب التعامل مع ملف التعليم وفق منطق القطيعة الذي لا يخلو من تضحيات.
وأكد بلفقيه أن تقرير الخمسينية ركز على إرساء سياسة للمدينة والجوار المتوسطي، خصوصا مع اسبانيا والتأكيد على الخيار المغاربي، وكذا نهج سياسة ذكية مع القارة الأميركية وتنويع العلاقات مع آسيا. ومن جانبها، أوضحت رحمة بورقية، عميدة جامعة المحمدية (جنوب الرباط) أن التمدين يعد من أكبر التحولات التي عرفها المغرب منذ الاستقلال، مما أدى إلى انتقاله من مجتمع قروي إلى مجتمع حضري، مشيرة إلى أن مستقبل القرى موجود في المدن، وهذا الانتقال يفرض على المغرب مجموعة من الخيارات السياسية.
وأبرزت بورقية أن الحراك الاجتماعي تراجع منذ الثمانينات من القرن الماضي، مما نتج عنه تزايد في نسبة الفئات الفقيرة، مبرزة أن الفئات الوسطى لا تقوم بأدوارها في تغيير المجتمع رغم كونها تشكل العمود الفقري للإدارة والتعليم والإعلام وتتمركز في مواقع دينامية المجتمع.
وأوضحت بورقية أن هناك تداخلا بين الثقافي والاجتماعي والسياسي في المجال الديني، كما ظهر جيل جديد في المغرب يعتقد أنه يفهم الدين أحسن من سابقيه، وهو ما لا يمكن فهمه من دون ربطه بسياقات عالمية.
من جهته، أوضح محمد الطوزي، أستاذ جامعي مشارك في انجاز تقرير التنمية، أن المغرب يتجه ببطء للخروج من الطابع الدرامي الذي رافق الإصلاحات السياسية التي انعكست في العلاقة التصادمية من أجل الإصلاح، مضيفا أن الطبقة السياسية مطالبة بخلق قواعد للحوار حول الإصلاحات من منطلق الإيمان بأن الممارسة هي التي يمكن أن تغير القانون، داعيا الى بناء الثقة وتجنب الريبة في العلاقات التي تكلف ثمنا باهظا.