نازحون ينتهكون أحكاما قضائية..لتأمين سكنهم والغلاء سيد الموقف

سعوديون قدموا منازلهم للبنانيين هربوا من القصف

TT

على تلة مطلة تشرف على الضاحية الجنوبية لبيروت، يقف شابان وفتاة يراقبون الغارات الاسرائيلية على منطقتهم التي غادروها منذ ساعات بحثاً عن «مكان آمن» في قرية درزية في جبل لبنان.

هؤلاء هم جزء من نحو 50 عائلة «اقتحمت» اول من امس فندقاً من ممتلكات طه قليلات في المنطقة الجبلية، ونزعوا بالقوة اختام الشمع الاحمر التي وضعتها الجهات القضائية اللبنانية على الفندق كغيره من ممتلكات قليلات وشقيقته رنا، المتهم الرئيسي في قضية «بنك المدينة» الفضيحة المالية الاكبر في لبنان في السنوات الـ 30 الماضية.

بعد نقاشات وسجالات مع القوى الأمنية فتح الفندق للمتجمهرين ودخلوه دخول الفاتحين يحاولون ان يغنموا الغرف الافضل، من دون ان يخلو الامر من بعض السجالات العنيفة، وخصوصاً من قبل العائلات التي فشلت في احتلال مكان يقيها حرارة الشمس وبرد الليل في الجبل المقصود من اللبنانيين والعرب لقضاء فصل الصيف فيه هرباً من حر بيروت. وهكذا اضطر من خرج منهم صفر اليدين الى قضاء الليل في السيارات التي اقلتهم بانتظار شروق الشمس لبدء رحلة البحث عن منزل. يقول علي، وهو شاب في مطلع الثلاثينات: « ان فك ختم قضائي ليس جريمة، انما بقاء اولادنا وعائلاتنا بلا سقف يؤويهم هو الجريمة». ويتابع حديثه: «لقد بحثنا عن شقة مفروشة او غير مفروشة طوال النهار، لكن الايجارات ارتفعت بشكل غير معقول». ويضيف مستغرباً: «لقد طلبوا مني 3500 دولار ايجاراً لمنزل من غرفتين... انه مبلغ يكاد يوازي مدخولي السنوي فكيف اؤمنه؟».

وما لاقاه علي وآخرون من رفاقه هو عينة مما يلاقيه كثيرون من النازحين من اهالي بيروت وضواحيها بعدما ارتفعت ايجارات الشقق الى ارقام خيالية جعلت المحظوظ منهم يحظى بشقة مقابل مائتي دولار في الاسبوع.

اما بعد ان يستقر النازح في مسكنه، فعليه مواجهة ازمة اخرى تتمثل بغلاء المواد الغذائية واختفاء المحروقات كما حصل امس، اذ «فرغت» خزانات الوقود في عدد كبير من المحطات فجأة بعد دقائق من تردد انباء عن اصابة خزانات الوقود في محلة الدورة.

وفيما يلعب اولاد النازحين في الباحة الخلفية للفندق غير آبهين بما يجري حولهم، فان هموم الاهالي تنصب على تأمين الطعام لهم فيقفون صفوفاً طويلة امام مراكز البيع. وهنا لا يتمتع الشاري بأي امتيازات ولم يعد «الزبون دائماً على حق». كما يقول الشعار اللبناني، فالبائع هنا على حق يحدد السعر الذي يريد والنوعية التي يشاء. ولا يمكن للشاري ان يتذرع بانه مريض بالقلب ليحصل على لحم خال من الدهون، فالجملة جاهزة عند البائع «اذا لم يعجبك غيرك سيشتريه... غيره». اما في بيروت فالحال افضل، اذ ان الاسعار لا تزال على حالها، لكن محال «السوبرماركت» الكبيرة والصغيرة قلصت اوقات عملها وبات الكثير من رفوفها خاليا، وخصوصا من المواد الاساسية. وفي حين كان البائع يصر على قبض 5000 ليرة ثمنا لربطة الخبز (ثمنها الاصلي 1500 ليرة)، كان احد النازحين يتوعده بعدما دفع الثمن بانه سيعود لتحطيم متجره بعد انتهاء العدوان. اما الادوية فلا تزال متوافرة، لكن الصيدليات كانت تقنن البيع فلا تسمح للمتهافتين بشراء كميات كبيرة. وتقول البائعة لاحد الزبائن «عفوا... لكني مضطرة لتأمين الدواء للاخرين».