النازحون يستهولون استهتار البعض بمأساتهم والمساعدات العربية بدأت تتدفق إلى لبنان

TT

كاد علي ان يقع ارضاً مصدوماً بما شاهده، ليس امام منزل اهله في ضاحية بيروت الجنوبية ولا امام صور المجازر التي ترتكبها اسرائيل بحق المدنيين من اطفال ونساء وعجزة، بل في المكان الذي نزح اليه مع عائلته هرباً من القصف. كان في طريقه لشراء دواء لابنه الرضيع عندما فاجأته زحمة المصطافين في ساحة بلدة برمانا وفي المقاهي وعلى الارصفة. وحده دخان النراجيل الذي كان يحجب الوجوه ذكّره بدخان القصف الاسرائيلي.

اردت ان اخفف عنه فلفته الى شابين يوزعان مناشير في وسط الطريق وقلت: «انهما يطلبان مساعدة النازحين بالتأكيد». لكنني لم اطلعه على المنشور الذي كان يعلن عن عرض موسيقي مباشر ومشغل اسطوانات في احد ملاهي برمانا الليلية. والحال ان المرابع الليلية في المصايف اللبنانية لم تقفل ابوابها رغم اعلان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ان البلاد منكوبة. حال الطوارئ لا تعدو كونها رسمية في جزء منها واهلية من جزئها الآخر. سألني علي: «هل الحرية والسيادة والاستقلال برفع العلم اللبناني في وسط بيروت ام في الموت دفاعاً عن الوطن؟».

هو لبنان مرة اخرى عند مفترق. هو لبنان عربة يشدها جوادان كل في اتجاه. اناس يقتلون وتدمر بيوتهم. وآخرون يسألون عن التوقيت. فريق يدعو للتوحد بانتظار الخروج من الازمة. وفريق يتوعد بالمحاسبة منذ الآن.

هذا وتواصلت الاستعدادات لاستقبال مزيد من النازحين وتوفير اماكن الاقامة لهم والمواد الغذائية في مختلف المناطق اللبنانية التي لم يطاولها القصف الاسرائيلي حتى الآن. وقد غصت المدارس بـ «طلاب» جدد يبحثون عن الحياة لا العلم. وفي جنوب لبنان تم تشكيل لجنة للاغاثة في مقر قيادة القوة الأمنية المشتركة مهمتها تأمين المواد الغذائية والأدوية للنازحين ورفع الانقاض واخلاء الجرحى والضحايا.

على صعيد المساعدات العربية، وصلت صباح امس الدفعة الاولى من المساعدات الانسانية التي قدمها الاردن للبنان بتوجيه من الملك عبد الله الثاني. وقد بدأت عملية تفريغ الشاحنات التي تنقل المساعدات عند نقطة الحدود اللبنانية ـ السورية الشمالية في منطقة العريضة، تمهيدا لتسليمها الى الهيئات المختصة لتوزيعها على المناطق المنكوبة والنازحين.