كارثة إنسانية تجتاح مدينة صور في الجنوب اللبناني وبراد اللحم يؤوي الجثث بانتظار إمكانية دفنها

TT

«نحن نموت كل يوم ألف ميتة». هكذا وصف علي شحادة من مدينة صور في جنوب لبنان وضع السكان المحتجزين في مدينتهم منذ سبعة أيام. وأضاف: «لذا قررت أن أموت مرة واحدة، اذا كانت هذه إرادة الله، واتحدى القصف المجنون وأغادر الى بيروت». شحادة وصل الى العاصمة اللبنانية بعد رحلة استغرقت خمس ساعات عوضا عن ساعة في الاوقات العادية، مجتازا بسيارته طرقا ترابية تصل منطقة الجنوب بالشوف ومنها الى عاليه فبيروت. كان يقود بين القذائف ويتابع الاخبار ليتجنب مناطق الخطر، يلحق حدسه والسيارات وما تيسر من إشارات المرور. شحادة كان حسن الطالع واستطاع مغادرة «الجحيم» كما وصف حال مدينته التي عاد اليها بعد اربعين عاما في مغتربه الافريقي. لكن الكارثة لا تزال تتابع فصولا. ويقول معظم «الصامدين» في المدينة إنهم ينتظرون الموت، كما هي حال سلمى محفوظ التي ودعت اولادها الموجودين في ساحل العاج، حيث يعملون، هاتفيا وجهزت كفنها ووصيتها. وذلك بعد أن شهدت بأم عينها انهيار المبنى الملاصق لبيتها وبقيت ساعات تسمع انينا ولا من يسعف او يساعد نتيجة زنار النار الذي طوق المكان. وتضيف: « لم نعرف مثل هذه المأساة حتى خلال اجتياح العام 1982 او خلال اعتداءات 1993 و1996. آنذاك كانت المؤن تصل من كل جهة والاسعافات والمساعدات الطبية والانسانية متوفرة من المؤسسات الاهلية، اضافة الى وجود ملحوظ ومطمئن للقوات الدولية، التي شكل مقرها في صور مصدر دعم كبير. حتى مجزرة قانا اصبحت ثانوية حيال ما يحصل اليوم».

سامي يزبك المسؤول في منظمة الصليب الاحمر الدولي في مكتب صور الاقليمي يرسم الصورة المأساوية لمدينة صور فيقول: «سحبنا حتى الآن 300 جريح وحوالي 125 شهيدا. ولدينا إشكالية كبيرة لأن لا أحد يستطيع سحب 28 شخصا مجهولي الهوية تحت الانقاض في عدد من القرى المحيطة بالمدينة، إضافة الى 8 قتلى سقطوا في مجزرة ناتجة عن تدمير مبنى من 13 طبقة في أحد الاحياء وخمسة آخرين في منطقة الحوش.