مشروع فرنسي للتسوية في مجلس الأمن وشيراك يدعو إلى «هدنة إنسانية»

كولر ونابوليتانو يدعوان لوقف النار.. وبوش وبلير يتمسكان بالرفض حتى تسليم الجنديين الإسرائيليين

TT

القى الاتحاد الاوروبي امس بثقله في الوضع اللبناني مطالبا بوقف شامل للنار وبشكل عاجل، في وقت تسارعت فيه مساعي التهدئة من عدة جهات أوروبية وغربية في مواجهة رفض أميركي ـ بريطاني لوقف المعارك. وفيما طالب الرئيس الالماني هورست كولر ونظيره الايطالي جورجيو نابوليتانو بوقف للنار، قدمت البعثة الفرنسية لدى الامم المتحدة الى اعضاء مجلس الأمن الدولي مقترحات غير رسمية تتعلق خصوصا بوقف النار لايجاد حل للازمة اللبنانية، ودعا الرئيس جاك شيراك الى «هدنة انسانية» لفتح «ممرات آمنة» في لبنان الذي يتعرض منذ ثمانية ايام لقصف اسرائيلي. ودعا ممثل الاتحاد الاوروبي الاعلى للسياسة الخارجية خافيير سولانا امس خلال زيارة الى اسرائيل الى وقف النزاع بين اسرائيل وحزب الله اللبناني. وقال سولانا في مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني «اولئك الذين لديهم نفوذ للمساعدة على حل هذه المشكلة يجب ان يقوموا بذلك سريعا، وعلى الفور والان. كل يوم يحتسب». واضاف ان الاتحاد الاوروبي «سيواصل جهوده لوقف حمام الدم في لبنان».

وقال المندوب الفرنسي في الامم المتحدة جان مارك دو لا سابليير ان «فرنسا بوصفها عضوا في مجموعة الثماني ومجلس الأمن الدولي رغبت في ان تطرح على الاعضاء الاخرين في مجلس الأمن عناصر تتيح اجراء دراسة معمقة في مجلس الأمن لإيجاد حل للازمة في لبنان». والمقترحات غير الرسمية التي قدمتها فرنسا تدعو جميع الاطراف المعنية الى «ضبط النفس خصوصا لتفادي سقوط مزيد من الضحايا في صفوف المدنيين وتجنب الحاق دمار اكبر بالبنى التحتية المدنية».

ويدين النص «القوى المتطرفة التي تسعى الى زعزعة استقرار المنطقة»، مشيرا الى انه «لا يمكن السماح لهذه القوى المتطرفة وكل الجهات التي تدعمها باغراق الشرق الاوسط في الفوضى وتوسيع رقعة النزاع». ودعا النص الفرنسي الى «وقف شامل ودائم لإطلاق النار» مؤكدا على ضرورة اخذ الاسباب الفورية للازمة الحالية في الاعتبار. وشدد أيضا على ضرورة الافراج عن الجنديين الاسرائيليين المخطوفين وتفكيك جميع الميليشيات في لبنان ونزع اسلحتها ومساعدة الحكومة اللبنانية على بسط سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية.

وأعرب النص عن الامل في «درس التدابير الكفيلة بتفادي نشوب ازمة مستقبلا بين لبنان واسرائيل بما في ذلك امكانية نشر قوات دولية للمراقبة وضمان الأمن» في لبنان. وقد عقد مجلس الأمن ثلاثة اجتماعات منذ الجمعة الماضي لدرس الازمة في لبنان لكنه لم يتخذ اي قرار بشأن الدعوة الى وقف لاطلاق النار او احتمال نشر قوة استقرار في لبنان خصوصا بسبب رفض واشنطن الطلب من اسرائيل وقف عملياتها في لبنان.

وقال دو لا سابليير ان «فرنسا ما زالت ترى ضرورة لتبني مجلس الأمن، عندما يحين الوقت، قرارا لايجاد حل دائم للازمة»، مشيرا الى ان «تدهور الاوضاع الانسانية في لبنان واستمرار المعارك يقلقان» المجتمع الدولي. من جهتها رفضت الولايات المتحدة مجددا فكرة وقف اطلاق النار بين اسرائيل وحزب الله وصعدت في المقابل لهجتها حيال سورية واتهمتها بالسعي الى «العودة» الى لبنان. وقال بوش ردا على سؤال حول جدوى الدعوة الى وقف فوري لاطلاق النار ان «حزب الله اصل المشكلة ويجب تسويتها». واضاف الرئيس الاميركي «يمكننا القيام بذلك دوليا بالقول بوضوح لسورية ان عليها التوقف عن دعم حزب الله. وفي رأيي تحاول سورية العودة الى لبنان».

وبرفضها الضغط على اسرائيل لوقف عملياتها العسكرية في لبنان التي اوقعت 297 قتيلا وحملت عشرات آلاف الاشخاص على النزوح، تجد الولايات المتحدة نفسها معزولة عن حلفائها الاوروبيين والعرب الذين دعوا الى هدنة. كما رفض رئيس الوزراء البريطاني توني بلير امس الدعوة الى وقف لاطلاق النار في لبنان، مشيرا الى ان على حزب الله قبل ذلك ان يفرج عن الجنديين الاسرائيليين اللذين خطفهما في 12 يوليو ووقف اطلاق الصواريخ. وقال بلير خلال جلسة اسئلة في البرلمان البريطاني «ما يحصل في لبنان مأساوي ورهيب، لا سيما بالنسبة الى اللبنانيين (...). اذا كان لا بد ان يتوقف ذلك، فيجب ان يتوقف عبر اصلاح ما تسبب به. والسبب هو خطف جنديين اسرائيليين وقصف شمال اسرائيل». واضاف «اذا اردنا ان يتوقف ذلك، فيجب ان يتوقف» ما كان السبب فيه.

وكان نائب طرح عليه سؤالا حول موقفه من وقف لاطلاق النار. وقال بلير «من المهم ان يكون رد اسرائيل متكافئا وان تبذل كل ما بوسعها للتقليل من الخسائر المدنية». وتابع «سيتوقف ذلك الآن اذا تم العثور على الجنديين اللذين خطفهما حزب الله واذا توقف اطلاق الصواريخ على حيفا بهدف القتل المتعمد لمدنيين ابرياء». وقال بلير «اذا تم هذان الامران، سأكون اول من يقول ان على اسرائيل ان توقف عملياتها».

الى ذلك طالب الرئيس الفرنسي جاك شيراك امس بفتح «ممرات انسانية» آمنة في لبنان الذي يتعرض منذ ثمانية ايام لقصف اسرائيلي. كما اعلن الرئيس الفرنسي ارسال طائرة محملة بالادوية وبتجهيزات لتأمين مياه الشرب ومولدات كهربائية لتشغيل المستشفيات، الى لبنان. واضاف شيراك ان هذه الطائرة ستتوجه «في الساعات المقبلة» الى لارنكا (قبرص) على ان تنقل حمولتها بحرا الى لبنان. وقال شيراك في تصريح صحافي «علينا فتح ممرات انسانية آمنة للسماح بانتقال النازحين بامان بين المناطق اللبنانية وكذلك بين لبنان والخارج اي حاليا بين لبنان وقبرص» لاجلاء الرعايا الاجانب. وأكد شيراك على ضرورة التوصل الى «هدنة انسانية» في الوقت الذي يتعرض فيه لبنان لهجوم اسرائيلي.

وذكر شيراك بالشروط الضرورية للتوصل الى تهدئة النزاع وهي الافراج عن الجنود الاسرائيليين الثلاثة الاسرى لدى حزب الله وحركة حماس ووقف اطلاق الصواريخ على اسرائيل ووقف القصف الاسرائيلي على لبنان الذي «يدمر في الوقت عينه التجهيزات الضرورية لحياة لبنان والتي توقع للاسف ضحايا، بين موتى وجرحى».الى ذلك دعا الرئيس الالماني هورست كولر ونظيره الايطالي جورجيو نابوليتانو امس الى وقف فوري لاطلاق النار في لبنان واستئناف المفاوضات في الشرق الاوسط. وقال كولر ان اسرائيل يحق لها الدفاع عن نفسها «لكننا قلقون جدا لتزايد الضحايا المدنيين وتدمير البنى التحتية». وكان الرئيس الالماني يتحدث اثر محادثات في برلين مع نابوليتانو الذي يقوم باول زيارة رسمية الى الخارج منذ انتخابه في مايو الفائت.

ومن جهته، رحب الرئيس الايطالي بنشر قوة حفظ استقرار في لبنان مع توسيع مهمتها، مؤيدا مشاركة جنود اوروبيين في قوة مماثلة. وقال ان «الامم المتحدة تستطيع التعويل على الاتحاد الأوروبي». وكان الامين العام للامم المتحدة كوفي انان أوضح أول من أمس في بروكسل ملامح قوة لحفظ الاستقرار يمكن إرسالها الى لبنان، وذلك «لمنح الوقت» لبيروت لنزع سلاح حزب الله.