تصاعد التوتر العسكري والأمني في معقل الحكومة الصومالية

بعد اقتراب ميليشيا المحاكم الإسلامية من مدينة بيداوة

TT

تصاعد أمس الموقف السياسي والعسكري في الصومال على نحو ينذر بوقوع مواجهة عسكرية وشيكة بين السلطة الانتقالية والمحاكم الإسلامية بعد اقتراب ميليشيا مسلحة ومعززة بالأسلحة الثقيلة على مقربة من معقل السلطة في مدينة بيداوة الجنوبية.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن السلطة الانتقالية الصومالية التي تتخذ من مدينة بيداوة الجنوبية مقرا لها، وضعت أمس قواتها العسكرية والأمنية في حالة استنفار قصوى على خلفية الوصول المفاجئ لميليشيا تابعة للمحاكم الإسلامية إلى مدينة بور هكبة على بعد أقل من 35 كيلو مترا من المدينة الواقعة في إقليم باي جنوب غربي الصومال.

وعقد رئيس الوزراء الصومالي اجتماعا عاجلا لحكومته وسط مخاوف من قيام ميليشيا المحاكم الإسلامية بمحاولة اقتحام معقل الحكومة والسيطرة عليه خلافا لتأكيدات معظم قادة المحاكم بأن المدينة ليست على جدول أعمالهم.

وبينما رفض الشيخ طاهر حسن عويس والشيخ شريف شيخ أحمد أبرز قادة المحاكم الإسلامية الرد على عدة محاولات عبر هواتفهما الجوالة للحصول على توضيح لنواياهما، فقد اعتبر رئيس الحكومة الصومالية في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأنه خطير للغاية ويدعو للقلق.

واتهم جيدي المحاكم الإسلامية بمحاولة تضييع الوقت عبر إعلان رغبتها في الجلوس إلى مائدة المفاوضات مع حكومته بينما هي تمضي فيما وصفه بمخططها السري لمحاولة الهيمنة على كافة الأراضي الصومالية بما في ذلك معقل الحكومة والسلطة الانتقالية في بيداوة التي تبعد 245 كيلو مترا جنوب العاصمة مقديشو.

ويعتقد الكثير من المسؤولين الصوماليين أن وصول هذه الميليشيا قد يكون الخطوة قبل الأخيرة قبل إقدامها على شن هجوم على المدينة وطرد السلطة الانتقالية منها وإعلان تشكيل حكومة بديلة للمحاكم الإسلامية.

وتعد هذه هي المرة الأولى التي تصل فيها ميليشيا للمحاكم الإسلامية إلى هذه المسافة القريبة من مقر السلطة الانتقالية منذ نجاحها في طرد أمراء الحرب وزعماء الميليشيات من العاصمة وسيطرتها عليها بالإضافة إلى مدينة جوهر.

وتوقعت المصادر اشتراك قوات إثيوبية إلى جانب ميليشيا وقوات الحكومة الانتقالية في الدفاع عن معقل الحكومة إذا ما تعرض إلى هجوم من قبل ميليشيا المحاكم الإسلامية، لكن رئيس الوزراء الصومالي بدا أمس واثقا من إمكانية حكومته منفردة دون الاستعانة بأية قوات أجنبية من إحباط مثل هذا الهجوم.

وأبلغ جيدي «الشرق الأوسط» قبل أن يعقد مؤتمرا صحافيا بمقره، امس، أن حكومته ستتعامل بحزم وقوة مع أي محاولة للاعتداء على مقرها في بيداوة، مشيرا إلى أن المحاكم الإسلامية ستتحمل ما وصفه بالعواقب الوخيمة التي قد تترتب على محاولة اقتحام المدينة. ووفقا لما أبلغته مصادر صومالية في المدينة لـ«الشرق الأوسط» فقد انتشرت ميليشيا تابعة للسلطة الانتقالية في بيداوة وتم تعزيز الإجراءات الأمنية حول مرافق الحكومة ومقرات أعضائها بالإضافة إلى نشر المئات من الجنود وعربات القتال المحملة بصواريخ ومدافع في معظم المداخل الرئيسية إلى المدينة.

ويأتي هذا التوتر ليصيب محادثات السلام المقررة في الخرطوم بنكسة جديدة خاصة بعد ما كان الرئيس عبد الله يوسف قد تراجع عن معارضته اجتماع وفد من حكومته في الخرطوم مع وفد من تنظيم المحاكم الإسلامية.

وقالت مصادر مقربة من يوسف الذي يقوم حاليا بزيارة إلى مسقط رأسه في إقليم البونت لاند «أرض اللبان» شمال شرقي الصومال أنه وافق على التخلي عن رفضه عقد الجولة الثانية من هذه المحادثات عقب وساطة سودانية ويمنية ومحادثات أجراها رئيس البرلمان شريف آدم مع علي محمد جيدي رئيس الحكومة الانتقالية.

وأبلغ سمير حسني مسؤول ملف الصومال لدى الجامعة العربية ورئيس وفدها إلى محادثات الخرطوم الموجود حاليا هناك «الشرق الأوسط» أن وفدي الجامعة العربية والمحاكم الإسلامية ما زالا في انتظار وصول وفد الحكومة الذي لم يتحدد بعد مستوى تمثيله أو عدد أعضائه.

وحث حسني في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من الخرطوم السلطة الانتقالية في الصومال على عدم إضاعة ما وصفه بالفرصة السانحة للتوصل إلى اتفاق وطني يساهم في عودة الأمن والاستقرار المفقودين في البلاد منذ انهيار نظام حكم الرئيس المخلوع محمد سياد بري عام 1991.

لكن الحكومة الصومالية تقول الآن إن محادثات الخرطوم باتت معلقة إلى أجل غير مسمى بسبب انتهاك المحاكم للاتفاق الذي وقعه الطرفان الشهر الماضي في الخرطوم والذي ينص على عدم تحريك المحاكم الإسلامية لميلشياتها خارج المناطق الخاضعة لنفوذها.