معركة بنت جبيل تقوّض الحسابات الإسرائيلية

أسئلة عديدة تطرح على الجيش: لماذا قلتم إنكم أكملتم السيطرة على البلدة ؟

TT

أدت المعارك الضارية بين الجيش الاسرائيلي وبين مقاتلي «حزب الله»، أمس، الى تقويض الحسابات الاسرائيلية في ادارة الحرب قي لبنان واثارت العديد من الأسئلة التي تشكك بما تقوله البيانات الرسمية وتتكلم بوضوح عن أكاذيب الرواية الاسرائيلية. وبات النقاش متركزا حول إذا ما كان الكذب مقصودا أو ان هناك بلبلة وارتباكا في قيادة الجيش.

وكان قائد القوات الاسرائيلية في الجليل، العميد غال هيرش، قد أعلن مساء اول من أمس، ان قواته تسيطر سيطرة كاملة على بنت جبيل وأن «المخربين» أي مقاتلي «حزب الله» شوهدوا وهم يفرون من المنطقة تاركين وراءهم أسلحة وذخيرة وأجهزة. وأن قواته استفادت من درس قرية مارون الراس (التي قاوم فيها «حزب الله» ستة أيام وكان الجيش الاسرائيلي يعلن في نهاية كل يوم انه أنهى احتلالها)، وانها هذه المرة أنهت القتال بالفعل بالانتصار على «حزب الله».

وفي الساعة الخامسة من فجر أمس، بدأت قوات الجيش الاسرائيلي تدخل بلدة بنت جبيل في خطوات حذرة للغاية، تمشطها بيتا بيتا. وكلما تكتشف موقعا لـ«حزب الله»، خندقا أو نفقا أو غرفة عمليات، تبشر القيادة بأنها تتقدم وتحرز الانجازات. وما هي إلا ساعة حتى تبين ان مقاتلي «حزب الله» نجحوا مرة أخرى في نصب كمين للقوات الاسرائيلية. فقد هوجمت القوة المحتلة بشكل مفاجئ بوابل من اطلاق النار والقذائف الصاروخية وقذائف «ار بي جي»، بعد أن أتاحوا لها التقدم بضع عشرات من الامتار. وطوق مقاتلو «حزب الله» هذه القوة من كل جانب. وتوزع المقاتلون على عدة محاور، ليمنعوا وصول الامدادات للجنود المحاصرين ويقطعوا تواصلهم مع قيادتهم.

وردت القوات الاسرائيلية بكل قوتها على هذا الهجوم، مستندة أولا على طائرات الهليكوبتر. وتصرفت الطائرات أيضا بحذر. فلم تحلق على علو منخفض خوفا من صواريخ مضادة للطائرات. وبقيت تحلق على ارتفاع وألقت أطنان المتفجرات على المقاتلين. وسقط من جراء ذلك العديد من المقاتلين، لكن المعركة مع الجنود المحاصرين استمرت ما يزيد عن اثنتي عشرة ساعة. وفي بعض المراحل وصلت الى حد الاشتباك المباشر بالسلاح الأبيض. وحتى ساعات المساء من يوم أمس، اعترفت اسرائيل بأن الجيش لا يذكر اشتباكات بهذا المستوى في السنوات الأخيرة. وبأن جنود «حزب الله» أظهروا قدرات كبيرة على القتال وانهم حاربوا كجنود جيش منظم ومدرب على مستوى عال. وانها عثرت على أجهزة تنصت متطورة استخدمها رجال «حزب الله»، تبين انها من صنع ايران وانها مكنتهم من التنصت على هواتف جوالة في اسرائيل. وقالت ان الاشتباكات أسفرت عن اصابة 30 جنديا اسرائيليا نقل 22 منهم الى المستشفيات، أحدهم جراحه بليغة وحياته في خطر واثنان منهم جراحهما قاسية وواحد جراحه متوسطة والباقون جراحهم خفيفة بالأطراف (مصادر مستقلة تقول ان عدد القتلى الاسرائيليين بلغ 13 جنديا ومصادر «حزب الله» تتحدث عن 20 جنديا اضافة الى عشرات الجرحى). وادعت ان خسائر «حزب الله» بلغت حوالي مئتين، وأن الجيش الاسرائيلي تمكن من أسر بعض مقاتلي «حزب الله» من جهة ومن خطف جثث خمس عشرة جثة ستستخدمها في المفاوضات على اطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين الأسيرين في لبنان.

واثر هذه الأنباء، ومصدرها الأساسي اسرائيلي، بدأت تطرح تساؤلات بصوت عال في اسرائيل حول مصداقية قادة الجيش الاسرائيلي ولماذا يستخدمون الأكاذيب. وقال التلفزيون الاسرائيلي ان المواطنين باتوا يصدقون زعيم «حزب الله» حسن نصر الله أكثر من القادة الاسرائيليين. من جهة أخرى واصل «حزب الله» اطلاق الصواريخ على الشمال الاسرائيلي، وبلغ عددها مائة صاروخ أمس، لكن ربعها فقط أصابت مناطق سكنية وتسببت بجرح 4 أشخاص، أحدهم جراحه قاسية. وطالب اتحاد الصناعيين الاسرائيلي، أمس، بأن تعلن الحكومة عن حالة الطوارئ في الشمال حتى يتاح تعويض الصناعيين والمزارعين عن الأضرار التي لحقت بهم. وجاء في بيان للاتحاد جاء ان الخسائر المباشرة التي لحقت بالفروع الاقتصادية حتى الآن بلغت مليارين وربع المليار شيكل (حوالي 300 مليون دولار)، هذا عدا عن الخسائر غير المباشرة التي وصلت الى 150 مليون دولار في كل يوم.