الحرب في لبنان تعيد ملف قانون الطوارئ إلى صدارة النقاش السياسي في الجزائر

TT

أعادت الحرب الدائرة رحاها في لبنان ملف حالة الطوارئ بالجزائر إلى واجهة النقاش السياسي، حيث انتقدت أطراف سياسية، في مقدمتها الإسلاميون «تخفي السلطات وراء قانون الطوارئ لتكميم الحريات الفردية والجماعية»، بينما تقول وزارة الداخلية انها لن ترفع الإجراء الاستثنائي المعمول به منذ 14 سنة، ما لم ينته التهديد الارهابي بالكامل من البلاد.

وتحاول احزاب ومنظمات بارزة تنظيم مظاهرات شعبية في العاصمة، تضامنا مع اللبنانيين امام الاعتداءات الاسرائيلية، التي يتعرضون لها منذ أكثر من 10 أيام، لكنها اصطدمت برفض مستميت من وزارة الداخلية التي أشهرت قانون حالة الطوارئ في وجه قيادييها، وهددت بمنع أية دعوة للسير في الشوارع. وفعلا منعت بالقوة مسيرة للإسلاميين الخميس الماضي.

ويعرف الوسط السياسي حراكا لم يعرفه منذ حرب الخليج، على خلفية الضغط الذي يمارسه مناضلو الأحزاب الكبيرة، لدفعها إلى تنظيم مسيرات في العاصمة. وعقدت «جبهة التحرير الوطني» صاحبة الأغلبية البرلمانية، و«حركة مجتمع السلم» ذات التوجه الإسلامي، و«التجمع الوطني الديمقراطي» العلماني، و«حزب العمال» اليساري، اجتماعات ماراثونية في الأيام الماضية في مقار «الاتحاد العام للعمال الجزائريين» وهو أكبر تنظيم نقابي في الجزائر، استعدادا لتنظيم تظاهرة تضامنية مع اللبنانيين. ووقع الاتفاق على تنظيم مظاهرة في ساحة «الاتحاد»، التي تتسع لآلاف الأشخاص، وكان يفترض أن تجري أمس، لكن أمين عام «جبهة التحرير» ورئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم تدخل لنقل التظاهرة إلى قاعة رياضية مغلقة، الأمر الذي أثار حفيظة قياديين من «حزب العمال» و«حركة مجتمع السلم» الذين انتقدوا بلخادم «كونه تصرف من موقع رئيس الحكومة الحريص على تطبيق قانون الطوارئ، وليس كزعيم حزبي ذي توجه عروبي وحريص على تسجيل مواقفه تجاه القضايا التي تمس الأمة العربية والإسلامية». ومع ذلك شارك الحزبان في المظاهرات مساء أمس بحضور عدد كبير من الأشخاص، رفعوا الشعارات المعبرة عن التضامن والمساندة وأطلقوا العنان لغضبهم ضد «الصهاينة المعتدين».

وقال نائب رئيس «حركة مجتمع السلم» عبد الرحمن سعيدي، إن برلمانيي الحزب، يعتزمون طرح مشروع الغاء قانون الطوارئ، مجددا، في الدورة البرلمانية الخريفية التي تفتتح مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل. واضاف سعيدي لـ«الشرق الأوسط»: «ما زلنا متمسكين بمطلب رفع حالة الطوارئ لعدة اعتبارات، أهمها أن الأوضاع الأمنية التي كانت سببا في فرضها، تحسنت بشهادة السلطات نفسها، ونعتقد أن الإبقاء على هذا الإجراء لم يعد مقنعا واتضح أن الحكومة تستخدمه للتعسف، بحيث منعت في ظله اعتماد أحزاب جديدة ورفضت الترخيص لمؤسسات إعلامية جديدة، وحظرت على مدى أكثر من 12 سنة المسيرات والمظاهرات مما ترك الانطباع بأن الجزائر تراجعت خطوات إلى الوراء على صعيد المكاسب الديمقراطية كالتعددية السياسية وحرية الإعلام».

لكن في الجهة المقابلة، تبقى الحكومة صماء للنداء وأعاد وزير الداخلية يزيد زرهوني طرح نفس الموقف الرسمي حيال القضية، حيث قال، في لقاء مع صحافيين الأسبوع الماضي: «صحيح أننا كسرنا شوكة الإرهاب، لكن لا تزال بقاياه تضرب من حين لآخر، وما دام الأمر كذلك ستظل حالة الطوارئ مفروضة».