إدارة بوش تعد مشروع قانون لمحاكمة معتقلي غوانتانامو.. رداً على المحكمة العليا

المقترح يدعو لمعاقبة المشبوهين «دون أي تقييدات» وإبقائهم معتقلين حتى لو اتضحت براءتهم

TT

تعمل ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش على اعداد مشروع قانون يحدد قواعد جديدة لمحاكمة المشبوهين بالارهاب ويسمح باستخدام ادلة استخباراتية بشرية ما لم تكن «غير موثوق بها»، حسبما جاء في مسودة لمشروع القانون.

ومشروع القانون، الذي قال مسؤولون انه وزع داخل الادارة، ليس نهائيا، لكنه يشير الى الاتجاه الذي تسعى الادارة انتهاجه في التعامل مع قرار المحكمة العليا الذي عارض المحاكم الخاصة التي انشئت لمحاكمة المعتقلين في سجن غوانتانامو بشبهة الارهاب.

ويدعو المشروع الذي جاء في 32 صفحة لابقاء اللجان العسكرية لمقاضاة المشتبه فيهم لكنه يضم تغييرات محدودة في القواعد الاجرائية، مثل توسيع اجراءات حماية المتهمين. لكن المشروع المقترح قد يلقى معارضة محتملة من قبل المشرعين الذين دعوا الى اجراء تغييرات للمحاكمات العسكرية بحيث تضمن للمتهمين حقوقا أكبر.

ويصف المشروع اجراء المحاكم العسكرية باعتباره «غير عملي في محاكمة المقاتلين الأعداء» لأن القيام بذلك «يفرض على الحكومة ان تشرك آخرين في المعلومات السرية»، ويمكن أن يستثني «الادلة السماعية التي تعد دليلا اختباريا وموثوقا».

وراجع الرئيس بوش المشروع الأسبوع الماضي في اجتماع مع كبار مستشاريه، وفقا لما ذكره مسؤول كبير في البيت الأبيض قال ان المستشارين أبلغوا بوش انهم راضون عن المشروع ومستعدون لتقديمه الى المحامين العسكريين. وعندما يكون التشريع في صيغته النهائية سيتعين على الادارة ان تطلب من عضو في الكونغرس تقديمه الى المشرعين.

وبدلا من الدعوة الى محاكمة سريعة لـ «المقاتلين الأعداء» يقول المشروع المقترح انه «يمكن أن يحاكموا ويعاقبوا في أي وقت بدون تقييدات». ويمكن اعتقال المتهمين الى أن تنتهي النزاعات حتى لو خلصت اللجنة الخاصة الى انهم ابرياء.

ولا يتقيد المشروع بقواعد الجيش الخاصة بقبول الدليل والشاهد لأن «الولايات المتحدة لا يمكن أن تطلب على نحو مضمون من أفراد القوات المسلحة جمع أدلة من ميدان المعركة كما لو أنهم ضباط شرطة»، وفقا لما جاء في مشروع القانون.

ويشير المشروع الى انه لا يهم الكيفية التي يجري بها جمع الأدلة، فالدليل «يكون مقبولا اذا اكد القاضي العسكري ان له قيمة اثبات». ويمكن أن تكون الادلة السماعية، التي تعني امراً ما سمعه شاهد لكنه لا يعرف ما اذا كان صحيحا «وفقا لما يقرره القاضي ما لم تتوفر ظروف تجعله امراً غير موثوق به أو يفتقر الى قيمة اثبات».

كما يدعو المشروع الى حظر «الافادات التي يجري الحصول عليها عبر استخدام التعذيب»، لكن الادلة التي يجري الحصول عليها خلال عمليات استجواب حيث يستخدم الاكراه يمكن ان تكون مقبولة ما لم يعتبرها القاضي العسكري «غير جديرة بالثقة».

ومن المحتمل ان يكون البند القانوني الذي يسمح باستثناء المتهمين من المحاكمة لمنعهم من الاستماع الى أدلة سرية ضدهم، من بين الجوانب الاكثر اثارة للجدل في مشروع القانون. ويشير المشروع الى أن «أعضاء تنظيم القاعدة لا يمكن الوثوق بهم من ناحية اطلاعهم على اسرار بلادنا». لكن المشروع يحدد أن «استثناء المتهمين لن يكون أوسع من الضروري» ويتطلب ان يقدم خلاصة غير سرية بالمعلومات للمتهمين.

وتتمثل احدى القضايا الأكثر صعوبة التي تواجهها الادارة في ما اذا كان بند قانوني في معاهدات جنيف، يعرف باسم الفقرة الثالثة العامة، ينطبق على السجناء. وكانت المحكمة العليا قررت في الآونة الاخيرة ان هذا البند ينطبق على السجناء. ويقول المشروع المقترح على نحو واضح ان معاهدات جنيف «ليست مصدر حقوق فردية يمكن فرضها قضائيا»، مما يعني ان الارهابيين المشتبه فيهم مثل سالم احمد حمدان، اليمني المعتقل في غوانتانامو والذي انتهت قضيته الى حكم المحكمة العليا، لا يمكنهم في المستقبل ان يرفعوا قضايا قانونية تشير الى انتهاك لمعاهدات جنيف.

وتحظر الفقرة الثالثة «انتهاك الكرامة الشخصية، خصوصا المعاملة المذلة والحط من قدر السجناء». وحذر محامو الادارة من أن النص القانوني يمكن أن يؤدي الى اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد القوات الأميركية التي تستخدم اساليب فظة في عمليات الاستجواب. ويحاول مشروع القانون ان يزيل هذا القلق بالقول ان قانونا أقر العام الماضي من قبل الرئيس بوش حول معاملة السجناء يمكن أن «يلبي بالكامل» ما تستدعيه الفقرة في مجال التعامل الانساني. وقال مسؤولون ان مشروع القانون تمت صياغته من قبل ستيفن برادبري، مساعد المدعي العام بالنيابة. وأول من امس، التقى وزير العدل الاميركي البرتو غونزاليس مع السناتور جون وارنر، الرئيس الجمهوري للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، في اطار اقتراح الادارة، ثم توجه غونزاليس الى وزارة الدفاع (البنتاغون) لتقديم افادة امام كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، وبينهم القضاة المشاورون في المحاكم العسكرية، وفقا لما قاله مسؤول في البنتاغون.

ويمكن أن يثبت حصول المشروع على دعم المحامين العسكريين في البنتاغون بأنه حاسم بالنسبة لمصير الاجراء. وفي جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ عقدت أوائل الشهر الحالي قال كل واحد من القضاة العسكريين المشاورين انهم، شأن بعض المشرعين، يفضلون نظاما لمحاكمة السجناء يعتمد على القانون العسكري الذي ينظم اجراءات المحاكم العسكرية.

ويعد ذلك مناقضاً لشهادة شفوية من محامين مدنيين من وزارتي الدفاع والعدل، قالوا انهم يعتقدون ان القانون العسكري غير مناسب لمقاضاة الارهابيين المشتبه فيهم وأوصوا بأن يبقي الكونغرس نظام اللجنة العسكرية المفوضة من قبل الادارة. وقال مسؤولون في البنتاغون انهم ما زالوا منفتحين على التغييرات المقترحة من المحامين العسكريين.

وقال اريك روف، المتحدث باسم البنتاغون، ان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد «يطلب ان تراجع مسودة القانون من قبل الجميع من منظور قانوني وسياسي، ويود أن يقدموا ردود افعالهم حول آثار ذلك على قدرة جيشنا على تنفيذ مهماته المختلفة».