منسق الشؤون اللوجستية في نقابة الأطباء لـ الشرق الاوسط: الإسرائيليون يفعلون باللبنانيين كما فعل بهم هتلر وعلى هيئة الإغاثة وضع آلية لتفعيل عملها

TT

«ان الاسرائيليين يفعلون باللبنانيين ما فعله هتلر باليهود قبل عقود، وكم من تلميذ فاق معلمه. انهم يشنون حرب ابادة ويستعملون اسلحة محظورة دوليا. فقد وُجدت العديد من الجثث المحترقة داخليا أي على مستوى العضلات، من دون ان تظهر آثار الحروق على البشرة. وهناك تحفظ دولي عن الامر. فقد ارسلنا عينات الى وزارة الصحة ولم نتلق النتيجة، كما رفض اطباء فرنسيون المساعدة في هذا الموضوع»، وقال لـ«الشرق الاوسط» منسّق الشؤون اللوجستية في خلية الطوارئ في نقابة الاطباء اللبنانية الدكتور فادي عون، مضيفا: «لقد حقق (رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود) أولمرت ما وعد به فقد أعاد لبنان 20 عاما الى الوراء على الصعيد الطبي، بسبب فرض الحصار وعدم السماح بدخول الادوية وبقية المستلزمات الطبية».

مذ شنت اسرائيل عملياتها الحربية على لبنان سارعت الهيئات الاهلية ومؤسسات المجتمع المدني الى تقديم المساعدة. وبدورهم هرع الاطباء لاداء رسالتهم الانسانية «فهذا جزء من الصمود في وجه العدوان الاسرائيلي»، كما قال عون، مشيرا الى انه في اليوم الثالث للحرب شكلت النقابة «خلية الطوارئ» لتدير عمل الاطباء الذين تطوعوا منذ اللحظة الاولى لمد ايادي العون. وتعمل يوميا على ارسال 6 مجموعات من 55 طبيبا لمعاينة النازحين الى بيروت والمناطق القريبة منها، من دون تغطية المناطق اللبنانية الاخرى لتقطّع أوصال البلاد وعدم توافر الامكانات وافتقاد النقابة الوسائل اللوجستية المطلوبة.

وتضم كل مجموعة خمسة اطباء أو ستة، منهم طبيبا اطفال واختصاصي في الصحة العامة. والى جانب هذه المجموعات عيّنت النقابة عددا من الاطباء في بعض المستشفيات ليعاينوا مرضى الطوارئ الخارجية أي أولئك التي لا تستدعي اصاباتهم المكوث في المستشفى من دون مقابل ذلك ان وزارة الصحة لا تتكفل عادة بتكاليف علاجهم.

وهذه كانت خطوة اساسية، فخلال اسبوعين أوقعت القذائف الاسرائيلية أكثر من 400 قتيل ومئات الجرحى، فضلا عن مليون نازح صاروا عرضة للامراض والاوبئة لتعذر توفير الادوية ولمكوثهم في اماكن لا تتوافر فيها الشروط الصحية والبيئة النظيفة، «فقد بدأت تظهر مشكلات الحساسية والربو عند الاطفال وحالات الجرب لعدم توافر المياه وان وجدت فهي غالبا ما لا تكون نظيفة لذلك حضّرنا أوراقا للارشادات الصحية لمساعدة هؤلاء النازحين على تدبر امورهم بما أمكن لتفادي وقوع اصابات من هذا النوع». وكشف عن وجود نحو 40 حالة تسمم في احدى المدارس الحكومية في العاصمة.

وحاولت الخلية في ظرف كهذا ان تطلع على حاجات النازحين وتلبيتها «ولكننا نقرّ بوجود صعوبات جمة رغم تطوّع الكثير من الاطباء لتقديم المساعدة ذلك انهم لا يتمتعون بالامكانات اللازمة للاستمرار في مهمتهم».

ولفت عون مناشدا «الهيئة العليا للاغاثة» التابعة لرئاسة مجلس الوزراء تنسيق عمل اللجان وفرق الاغاثة المختلفة «لتأتي جهودهم بالنتيجة المرجوة. لقد فوضنا مندوبا في الهيئة، لكن المطلوب منها تنظيم عمل الفرق المنتشرة على الارض علما ان لديها الامكانات لدعم هذه الفرق. لا نطلب منها المال، بل نريد ان توفر لاطبائنا وسائل النقل والدعم اللوجستي اللازم، فهم جاهزون للمساعدة ولكن لا يستطيعون وحدهم تحمّل تكاليف المواصلات خصوصا في هذا الظرف. فالكثير منهم فقدوا عياداتهم الواقعة في الضاحية الجنوبية لبيروت... تساعدنا احيانا بعض المكاتب التابعة لاحزاب وتيارات مختلفة ولكن هذا غير كاف».

وشكا من عدم وجود «المستوصفات النقالة للتمكن من معاينة المرضى بشكل مريح». وحرص عون في حديثه على عدم توجيه اصابع الاتهام الى عمل الهيئة في هذه المحنة ولكنه دعاها الى تأطير جهودها ووضع آلية واضحة للعمل «لئلا يكون العمل مزدوجا في بعض المراكز وتحرم مراكز أخرى من العون. وهذا ما يحصل لان عملنا يتقاطع مع عمل المسعفين في الصليب الاحمر اللبناني وأطباء ينتمون الى مؤسسات مختلفة. ففي احدى الجامعات التي لجأ اليها النازحون لم يأت اليهم اي فريق للاغاثة». وعن عمل وزارة الصحة قال «قدم لنا وزير الصحة محمد خليفة مشكورا سيارة اسعاف للنقابة من بين السيارات التي تلقتها الوزارة من الخارج. كما تقدم لنا الوزارة ما يتوافر لديها من أدوية أساسية ومضادات حيوية أخرى لمحاربة الاسهال عند الاطفال ولكن ادوية الامراض المزمنة غير موجودة. ترد المساعدات الى الوزارة ولكن هناك سوء توزيع».

وتحدثت الاختصاصية في الطب النسائي الدكتورة وصال طنوس لـ«الشرق الاوسط» عن الأخطار التي تتعرض لها العديد من السيدات الحوامل اللواتي يضعن في الأماكن التي نزحن اليها، «كثيرات يصبن بالنزف والالتهابات التي قد يتعرض لها الاطفال الرضع نتيجة عدم تعقيم الادوات المستعملة أثناء عملية الوضع. واذا طرأت مشكلة خلال العملية قد تموت الوالدة. وهناك خطر ان يصاب الاطفال الذين ولدوا أخيرا بامراض جلدية وتنفسية. هنا تكمن اهمية وجود عيادات نقالة مجهزة». وتخوفت طنوس من تأثير «استعمال حليب غير مناسب لاطعام الاطفال الرضع على صحتهم». وقالت «سبب التوتر والخوف حالات سقوط حمل للعديد من السيدات لعدم توافر الادوية اللازمة».