من قانا الأولى ... إلى الثانية لا فرق بين مشاهد مجزرتي 1996 و2006

TT

«قانا مرة أخرى»... لا تختلف المشاهد كثيراً بين 18 ابريل (نيسان) 1996 و30 يوليو (تموز) 2006. انها جثث الاطفال نفسها ومشاهد الحقد الاسرائيلي نفسها. قانا التي شهدت احدى معجزات عيسى بن مريم، تشهد اليوم صلافة آلة الحرب الاسرائيلية التي أحالت ضحكات الطفولة بكاء، والحياة موتاً، وحولت كل شيء الى دم يسيل لترتوي منه ارض الجنوب صموداً جديداً.

بعد ظهر أحد أيام حرب «عناقيد الغضب» التي اعلنتها اسرائيل على لبنان في 11 ابريل (نيسان) 1996 وقرابة الثانية من بعد الظهر دوت اصوات قذائف المدفعية الاسرائيلية بعنف في منطقة صور. وحدهم لم يسمعوها عشرات المدنيين الذين كانوا يجتمعون في مقر الكتيبة الفيجية العاملة في اطار القوات الدولية في جنوب لبنان في بلدة قانا شرق مدينة صور. وحدهم لم يسمعوا القصف الذي احالهم ضحايا المجزرة التي ارتكبتها اسرائيل بحقهم: 108 قتلى وحوالي 351 جريحاً معظمهم من الاطفال والنساء والعجز. تلك المجزرة لم يستطع مجلس الأمن، الذي اجتمع لإدانتها، ان يصدر قراراً بذلك بعدما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض «الفيتو».

ولا يبدو ان الحال هذه المرة ستكون مختلفة. في العام 1996 جاءت مجزرة قانا بعد مجزرة المنصوري في 13 ابريل (نيسان) والتي استهدفت سيارة اسعاف ما أدى الى مقتل 8 مدنيين بينهم 4 اطفال. كانت عائلات برجي وبلحص وديب وفرج وسكيكي واسماعيل، اضافة الى عائلات اخرى من القرى المجاورة لبلدة قانا، ظنت ان مقر القوات الدولية لن يكون هدفاً للطائرات الاسرائيلية ولا للقصف المدفعي الاسرائيلي. كانوا، نساء وعجزاً واطفالاً، ينتظرون سكوت المدفع وكان لهم ما ارادوا.

احمد ديب التقيته عقب المجزرة، وبعدما شاهد الملايين ابنه محمد وهو يتألم في المستشفى قبل ان يلحق بوالدته واخوته علي وقاسم وصادق ومريم الذين استشهدوا. كان منكسراً يبكي عائلته، يبكي اهله، ويسبح باسم ربه.