روسيا وفرنسا ودول آسيا تدعو لوقف فوري غير مشروط لإطلاق النار

حثت مجلس الأمن على الاضطلاع بمهامه في حفظ الأمن

TT

توحدت الكثير من دول العالم امس خلف مطالبة الامم المتحدة باتخاذ قرار يطالب اطراف النزاع في الشرق الاوسط بوقف اطلاق النار غير المشروط فورا، موضحين انه رغم الترحيب بمهلة اليومين التي اعطتها اسرائيل لإجراء تحقيق حول مذبحة قانا، يبقى وقف اطلاق النار هو المطلب الاساسي للمجتمع الدولي. وأعلن المتحدث باسم الخارجية الروسية ميخائيل كامينين امس في بيان ان روسيا ترى ان وقفا «فوريا» لاطلاق النار بات ضروريا اليوم اكثر من اي وقت مضى بعد مجزرة قانا التي تشكل «انتهاكا فاضحا» للقانون الانساني.

وقال كامينين في اول رد فعل روسي رسمي على قصف بدة قانا في جنوب لبنان ان «مأساة قانا تؤكد مجددا بوضوح ضرورة الوقف الفوري للعمليات العسكرية واراقة الدماء واعمال العنف في لبنان». واضاف ان «هذا ما تحاول روسيا التوصل اليه اسوة بغالبية المجتمع الدولي». وتابع «لا يمكننا ان نقبل بمنطق اولئك الذين يتحججون بذرائع مختلفة لتأخير التوصل الى وقف لإطلاق النار خصوصا والاسرة الدولية توصلت الى توافق يتعلق بالمعايير الرئيسية لإيجاد حل للنزاع اللبناني ـ الاسرائيلي».

وفي فرنسا رحب دومينيك دو فيلبان رئيس وزراء فرنسا بتعهد اسرائيل بوقف القصف الجوي للبنان لمدة 48 ساعة لكنه قال ان هذا ليس كافيا. ويشار الى فرنسا كثيرا على انها الدولة المرشحة لتقود قوة دولية لحفظ السلام في جنوب لبنان. ودعت باريس مرارا الى وقف فوري لاطلاق النار. وقال دو فيلبان للصحافيين في ضاحية مانت لا جولي غرب باريس في المؤتمر الصحافي الذي يعقده شهريا «بالنسبة لفرنسا هذه خطوة أولى لكنها غير كافية بالنظر الى المخاطر الحالية. علينا جميعا ان نضاعف جهودنا لتحقيق وقف فوري للقتال الذي طالب به الرئيس»، الفرنسي جاك شيراك.

من ناحيته، رحب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بإعلان إسرائيل وقفا مؤقتا لعملياتها الجوية في لبنان، مؤكدا تفاؤله بشأن فرص انهاء القتال. وقال بلير الذي يزور الولايات المتحدة حاليا، ان تعليق العمليات الجوية يعني ان هناك حاليا «فرصة حقيقية» لضمان الحصول على قرار دولي حول النزاع يقود الى سلام طويل الامد.

وأوضح «ان ذلك يتطلب الكثير من العمل. وقد جرت مناقشات مفصلة ومفاوضات طوال الليل» في مجلس الأمن. وأضاف «على الجميع ممارسة اقصى درجات ضبط النفس وممارسة اقصى الضغوط والتحلي بالإرادة من اجل الموافقة على قرار من مجلس الأمن الدولي». وقال بلير الذي يواجه انتقادات بسبب تبنيه موقفا مماثلا لموقف الولايات المتحدة بعدم الدعوة الى وقف لاطلاق النار فورا، انه لا يرى اي سبب يمكن ان يعيق التوصل الى قرار يوفر الأمن لاسرائيل والسيطرة الكاملة للحكومة اللبنانية على البلاد.

وفى لندن، قالت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت امس ان مأساة قانا «المروعة» تزيد من الضغوط للتوصل الى اتفاق في الامم المتحدة هذا الاسبوع لانهاء القتال بين اسرائيل وحزب الله اللبناني. وصرحت بيكيت لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان «ما حدث بالامس كان مروعا». وأضافت ان «الأمر المهم والملح هو التأكد من ان هذا هو الاساس لاتفاق وان كافة الجهود وكافة الضغوط تكون باتجاه التوصل الى اتفاق الان، هذا الاسبوع».

وقالت بيكيت «حاولنا بجهد هائل لاكثر من اسبوع تحريك المفاوضات السياسية الى مرحلة نتمكن فيها من اجراء مفاوضات في مجلس الأمن الدولي». وأضافت «حذرنا جميعا وقلقنا من ان هذه (الغارة على قانا جنوب لبنان) امر يمكن ان يحدث. لقد غير ما حدث في قانا الامور في اسرائيل وفي العالم». كما رحبت المانيا بتعهد اسرائيل بتعليق الضربات الجوية في لبنان لمدة 48 ساعة وقالت انها تأمل ان يؤدي التحرك الى وقف اطلاق نار مستمر. وقال اولريك فيلهلم المتحدث باسم الحكومة في المؤتمر الصحافي الدوري «الحكومة تظل قلقة للغاية بشأن الموقف في الشرق الاوسط». وأضاف «غير انها ترى في توقف الضربات الجوية الاسرائيلية لمدة يومين مؤشرا ايجابيا على ان ذلك يمكن استخدامه ليس فحسب من اجل توفير المعونة الانسانية التي تعد هناك حاجة ماسة اليها ولكن ايضا في التوصل الى وقف دائم لاطلاق النار في أقرب وقت ممكن». وقد وجهت الصحف الالمانية امس انتقادات قاسية الى اسرائيل، ورأت انه على الدولة العبرية ان تدفع ثمنا سياسيا لهذه المأساة. وحتى الصحيفة الشعبية «بيلد» الموالية عادة لاسرائيل اعتبرت ان «امام الموت العنيف لهذا العدد من الاشخاص» تبدو حصيلة مذبحة قانا «اضافة وقحة ولا يمكن تفهمها». لكن الصحيفة اضافت ان «هذا تماما ما يريده الارهابيون. يتأملون ان تعمي الدموع الناس وهم لا يذرفون دمعة»، مشيرة الى ان حزب الله يحمل قدرا من المسؤولية في هذه المأساة اذ انه يختبئ بين المدنيين. ويضيف محرر بيلد «ان الامر يشبه ارسال الامهات والاطفال الى الجبهة».

من جهتها اعتبرت صحيفة «فايننشال تايمز دويتشلاند» انه «حتى اذا خرج حزب الله من هذه الحرب مضعفا جدا (...) سيتمكن من احراز فوز واضح في المعركة الاعلامية».

واضافت ان «الاسلاميين المتطرفين الذين لم يهزموا على الارض سيعززون صورتهم في المنطقة كابطال قادرين وحدهم على مواجهة الصهيونية». وانتقدت صحيفة «سوددويتشه تسايتونغ» الحكومة الاسرائيلية بقسوة «لاصرارها على تجاهل الرأي العام في العالم اجمع». واضافت ان «اسرائيل ترد عسكريا وكان لا شيء تغير في الشرق الاوسط». وقالت صحيفة «فرانكفورتر آلغماينه تسايتونغ» ان «عدد الضحايا المدنية في هذا النزاع غير متناسب. خسائر لبنان البشرية اكثر من اسرائيل بكثير». واكدت الصحيفة القريبة من اوساط الاعمال انه «حان الوقت الان ليدخل السوريون اللعبة».

كما دانت الدول الاسلامية في اسيا بشدة امس مذبحة قانا، ودعت الى وقف فوري لاطلاق النار.

ووصفت اندونيسيا، اكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان، الهجوم الاسرائيلي بانه عمل اجرامي ينتهك القوانين الدولية والانسانية. وقالت الحكومة في بيان تلاه ديسرا بيركايا المتحدث باسمها «ان الحكومة الاندونيسية تدين بشدة هذا العمل الاجرامي المجرد من الانسانية». وأضافت «ان هذا العمل العسكري العشوائي هو انتهاك جسيم للقوانين الدولية والقوانين الانسانية». وجاء في البيان ان «هذا عمل اجرامي ينتهك القيم الانسانية العالمية». وحثت اندونيسيا، التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، مجلس الأمن الدولي مرة اخرى على العمل على وقف الهجوم العسكري الاسرائيلي وفرض وقف غير مشروط لإطلاق النار. وقالت ان على المنظمة الدولية الضغط على اسرائيل كذلك لفتح ممرات للمساعدات الانسانية للبنانيين. كما دانت باكستان الهجوم وخرج الاف الباكستانيين المسلمين الى الشوارع للاحتجاج على هجوم قانا. وصرح رئيس الوزراء شوكت عزيز للصحافيين الاحد ان «الحكومة والشعب الباكستاني يدينان بشدة هذا الحادث المحزن والاعتداء الواضح غير المبرر». وناشد المجتمع الدولي المساعدة في ايجاد «تسوية فورية وسلمية» للنزاع.

كما دعت افغانستان الى وقف لاطلاق النار وقال سلطان احمد باهين المتحدث باسم الخارجية ان كابول «تدين بقوة» الهجوم الاخير. وقال «نريد نهاية للقتال، ونريد وقفا عاجلاً لاطلاق النار».

وانتشر الغضب من الهجوم الاسرائيلي في ارجاء اسيا. ودانت الصين الهجوم بقوة ودعت الى وقف لإطلاق النار. ونقلت وكالة الصين الجديدة عن ليو جيانتشاو المتحدث باسم الخارجية قوله «ان الصين تحث طرفي القتال بقوة على وقف اطلاق النار فورا لتجنب مزيد من الكوارث».

وفي اليابان قال كبير المتحدثين الحكوميين شينزو ابي «ان هذا الحادث مؤسف للغاية ووقع وسط الدعوات الدولية لاسرائيل بممارسة ضبط النفس». اما سنغافورة فاعربت عن عميق صدمتها وحزنها «لفقدان ارواح المدنيين». وقالت في بيان لها «نحن ندعم دعوات الامم المتحدة لوقف القتال. وهذه خطوة اولى مهمة لتمهيد الطريق لحل يضمن الأمن لكافة الاطراف والسلام والاستقرار في المنطقة». ووصفت الهند الغارة الجوية على قانا بانها «مريعة» وضمت صوتها الى الدعوات الى وقف غير مشروط لاطلاق النار.