الاتحاد الأوروبي يخفف دعوته إلى وقف النار بعد معارضة بريطانيا وألمانيا

الاتحاد يؤكد أنه لا نية لإدراج «حزب الله» على قائمة منظمات إرهابية

TT

قالت فنلندا، التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الاوروبي، ان الاتحاد لا يعتزم ادراج حزب الله على قائمته للمنظمات الارهابية، في الوقت الراهن. وقال وزير الخارجية الفنلندي ايركي توموجا، في مؤتمر صحافي، عقب اجتماع طارئ لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل امس، «في ضوء الموقف الحساس لا اعتقد انه أمر سنبحثه الآن». وتجيء تصريحات وزير الخارجية الفنلندي ردا على خطاب وقعه 213 عضوا من الكونغرس الاميركي، وارسل الى خافيير سولانا، منسق شؤون السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي يطالبون فيه ان يضيف الاتحاد حزب الله الى قائمته الخاصة بالمنظمات الارهابية.

من جهة ثانية، دعا وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي امس الى وضع نهاية فورية للعمليات الحربية في لبنان، مخففين مطالبتهم بوقف فوري لاطلاق النار، بسبب اصرار بريطانيا والمانيا ودول اخرى على ذلك. وفي بيان مشترك صدر بعد اجتماع طارئ للاتحاد الاوروبي قال الوزراء، «يدعو المجلس الوزاري الى وضع نهاية فورية للعمليات الحربية، يعقبه وقف مستديم لاطلاق النار». واتفق على هذه الصيغة المخففة التي نقلها بعض الدبلوماسيين بعد محادثات استغرقت اربع ساعات. وقال البيان ايضا ان اعضاء الاتحاد الاوروبي مستعدون للمساهمة بقوات لتشكيل قوة دولية لحفظ السلام في لبنان.

وكانت مسودة بيان قد وزعتها فنلندا، الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي في وقت سابق، عندما بدأ الوزراء الاجتماع، قالت فيها يدعو المجلس الى وقف فوري لاطلاق النار، وقال دبلوماسيون ان فرنسا والسويد واسبانيا واليونان، ايدت مسودة البيان، لكن بريطانيا والمانيا وجمهورية التشيك وبولندا ارادت صياغة اخرى بديلة تطالب بوقف العمليات الحربية.

وقال وزير خارجية فنلندا اركي تيوميويا، الذي يرأس الاجتماع الطارئ، ان الاتحاد الاوروبي يتعين عليه ان يتبنى موقفا موحدا، مجازفا بالافصاح علنا عن الخلاف مع الولايات المتحدة، التي تؤيد اسرائيل. ومن ناحيتها، قالت وزيرة الخارجية البريطانية مارجريت بيكيت، ان البيان لا يعطى الضوء الاخضر لاسرائيل لمواصلة هجماتها.

وأعلن وزير خارجية فنلندا اركي توميويا، في خطاب امام البرلمان الاوروبي، قبيل الاجتماع، «يجب ان يتضمن اي اعلان بشكل رئيسي نداء الى وقف فوري لاطلاق النار». وأضاف ان وقف اطلاق النار هذا «يجب ان يكون جزءا من اتفاق سياسي اوسع»، مشيرا خصوصا الى امكانية انتشار قوة دولية. ورأى ان «قوة دولية من هذا النوع يجب الا تكون قوة اوروبية، بل ان تكون تابعة للامم المتحدة. لكن الاوروبيين ودولهم الاعضاء في الاتحاد سيتحملون الجزء الاكبر من مسؤوليتها».

واختلفت الدول الاعضاء حول المطالبة بوقف فوري لاطلاق النار واصدار بيان موحد يفصح عن الخلاف مع الولايات المتحدة، التي تؤيد اسرائيل وترفض الدعوة الى وقف فوري للعنف. ووصفت فنلندا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي في وقت سابق امس قرار اسرائيل بتصعيد العمل العسكري ضد حزب الله بأنه غير مقبول. وقالت ان قرار اسرائيل لن يؤدي الا لاذكاء التطرف في الشرق الاوسط. وقال وزير الخارجية الفنلندي، قبيل مخاطبته لقادة البرلمان الاوروبي «من غير المقبول ان تستمر اسرائيل في سياستها الحالية. كلمات السيد رئيس الوزراء ايهود اولمرت وخططه لشن مزيد من الهجمات العسكرية تثير القلق، ونوجه له هذه الرسالة.. من غير المرجح تحقيق نجاح عسكري فهذا لن يؤدي الا لاذكاء الدعم لحزب الله والمتطرفين الاخرين في المنطقة». ومن ناحيتها، قالت مفوضة الاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية بنيتا فيريرو فالدنر لرويترز، ان مصداقية التكتل الاوروبي اصبحت على المحك. وقالت «اوروبا ستفقد مصداقيتها اذا لم تعمل بقوة كافية للتوصل الى حل قصير الاجل من اجل وقف العنف، ثم تتحرك بفاعلية للحصول على حل طويل الاجل اكثر قوة». وتابعت «اعتقد ان الضغط على اسرائيل سيتصاعد من جانب الاتحاد الاوروبي، وسنرى ضعف الجهد المبذول او ثلاثة اضعافه لوقف الاعمال العدائية». وقال دبلوماسيون اوروبيون، ان الوزراء متأهبون للضغط من اجل الاسراع باصدار قرار من مجلس الامن الدولي، ومناقشة تشكيل قوة حفظ سلام دولية من دون تعهدات محددة بشأن تلك القوة.

وقال وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما، الذي اجرى محادثات مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ووزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في القدس يوم الاحد، «في مناخ كهذا لن يرسل احد جنوده»، وذلك في اشارة الى القوات الدولية المزمع نشرها في جنوب لبنان لاعادة الاستقرار. وأضاف «اما ان يكون هناك وقف لاطلاق النار وجهد من المجتمع الدولي او تكون هناك حرب.. المجتمع الدولي لا يعتزم المشاركة في حرب». وتدرس كل من ايطاليا وفرنسا وفنلندا وبولندا والسويد واسبانيا ارسال قوات الى لبنان. كما قالت تركيا واندونيسيا انهما ربما تساهمان في قوات لحفظ السلام. وقال وزير خارجية فنلندا اركي تيوميويا «اي قوة دولية يتعين ان تحظى بتفويض من الامم المتحدة ولن تكون قوة اوروبية لكن الاتحاد الاوروبي سيتحمل القدر الاكبر من المسؤولية عن هذه القوة وانجازها لتفويضها». وقالت رايس يوم الاثنين، انه يمكن التوصل لاتفاق لوقف اطلاق النار لانهاء القتال المستمر بين اسرائيل وحزب الله منذ 21 يوما لكن الرئيس الاميركي جورج بوش لم يبد تعجلا في هذا الصدد.

وقال دبلوماسيون ان العمل على التوصل لوقف اطلاق النار ستليه تسوية سياسية للازمة ثم ارسال قوة لحفظ السلام، سيكون محور تركيز اساسي لوزراء الاتحاد الاوروبي.

من جهة ثانية، اسفت الرئاسة الروسية لمجلس اوروبا أمس لسقوط عدد كبير من القتلى في صفوف المدنيين في لبنان، جراء الهجمات الاسرائيلية وحذرت من تفاقم التطرف في الشرق الاوسط. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي يترأس حاليا لجنة وزراء مجلس اوروبا، في بيان أمس في ستراسبورغ، انه «يأسف لمقتل عدد كبير من المدنيين في لبنان بسبب الهجوم الاسرائيلي، خصوصا مقتل عشرات من سكان قانا بينهم نساء واطفال». وأضافت لجنة الوزراء ان «سقوط الضحايا المدنيين الابرياء من كل الاطراف نتيجة لتصعيد التوتر في الشرق الاوسط، يمثل انتهاكا فادحا للقواعد الانسانية الدولية وحقوق الانسان، ومن ضمنها اهم الحقوق وهو الحق في الحياة»، معتبرة ان انتهاكات حقوق الانسان هذه غير مقبولة. وتخشى اللجنة من ان تؤدي اخر التطورات المأساوية في الشرق الاوسط الى «مزيد من التطرف والتعصب مما سيجعل الحوار الضروري لارساء السلام في المنطقة اكثر تعقيدا».

وتتولى روسيا حتى اكتوبر (تشرين الاول) الرئاسة الدورية لمجلس اوروبا بادارة لجنة الوزراء، وهي الهيئة التنفيذية للمنظمة حيث يمثل وزراء خارجية الدول الاعضاء الـ46 او مندوبون عنهم.

ومن ناحية اخرى، سلم مسؤولون في منظمات غير حكومية امس مقر رئاسة الوزراء البريطانية عريضة تحمل 35 الف توقيع تطالب رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بالتحرك من اجل وقف اطلاق النار في لبنان. وقال محمد عبد الباري الامين العام لمجلس مسلمي بريطانيا، امام المقر، ان «بلير المسؤول السياسي الوحيد في العالم، الذي يعرف الناس بانه يتمتع بنوع من التأثير على الولايات المتحدة وعليه (بالتالي) ان يجهد من اجل التوصل الى وقف لاطلاق النار». وشاركت عدة منظمات انسانية مهمة في هذا التحرك، مثل «سايف ذي تشيلدرن» و«كريستشن ايد» و«كير» و«اوكسفام». وأكد النائب العمالي السابق مارتن بيل، باسمهم، على الازمة الانسانية التي يواجهها لبنان قائلا، ان المنظمات غير الحكومية «لا تستطيع مساعدة السكان، فيما القتال مستمر». وحمل متظاهرون لافتة كتب عليها «وقف لاطلاق النار الان».

وفى كوالالمبور، قالت وزارة الخارجية الماليزية، ان منظمة المؤتمر الاسلامي ستحث على وقف غير مشروط لاطلاق النار في لبنان، خلال اجتماع طارئ يعقد في ماليزيا هذا الاسبوع.

وذكرت الوزارة في بيان، أن رئيس الوزراء الماليزي عبد الله احمد بدوي الرئيس الحالي للمنظمة، دعا الى اجتماع غدا بعد أسابيع من العمليات العسكرية الاسرائيلية في لبنان والاراضي الفلسطينية. وقالت الوزارة ان من المتوقع أن يحث الاجتماع على تشكيل قوة حفظ سلام تابعة للامم المتحدة تضم قوات من دول أعضاء بمنظمة المؤتمر الاسلامي. وأضاف «جدول أعمال الاجتماع ينطوي على مناقشة الوضع الراهن والتطورات في لبنان وفلسطين، لتحديد الاجراءات الواجب اتخاذها من قبل دول منظمة المؤتمر الاسلامي». وقالت الوزارة ان مصر وايران وسورية ستكون بين 18 دولة ستشارك في الاجتماع.