باريس طلبت مساعدة طهران فاشترطت الضغط على إسرائيل أولا

المحادثات الفرنسية ـ الإيرانية تفشل في الوصول إلى «قواسم مشتركة»

TT

لم تثمر المحادثات الفرنسية ـ الإيرانية حول لبنان، اتفاقاً في وجهات النظر بين «لاعبين أساسيين» على ساحته المشتعلة بالنار الإسرائيلية منذ 12 يوليو (تموز) الماضي، غداة خطف «حزب الله» جنديين اسرائيليين وقتله ثمانية آخرين. لكن الاتفاق تم بين وزيري خارجية البلدين، اللذين اجتمعا في بيروت التي استقبلتهما ولم تستقبل نظيرتهما الاميركية كوندوليزا رايس، على استمرار الحوار من اجل الوصول الى وقف لاطلاق النار.

وأشارت مصادر لبنانية اطلعت على نتائج الاتصالات الايرانية ـ الفرنسية، الى أن اللقاء بين الوزيرين منوشهر متقي وفيليب دوست ـ بلازي اتى، ليتوج حركة اتصالات اوروبية واسعة مع ايران كانت تطلب التدخل الايراني لـ«حل الأزمة». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، ان الرد الايراني كان بإبداء الاستعداد للمساعدة، لكن مقابل الضغط على اسرائيل، وهو ما لم يحصل.

وقالت المصادر ان الايرانيين ابلغوا الفرنسيين صراحة، انهم يعتبرون ان حزب الله سيخرج منتصراً من المواجهة مهما كانت النتيجة التي ستؤول اليها الامور. أما في ما يتعلق بالمشروع الفرنسي المقدم للحل فهو ـ برأي الايرانيين ـ جيد كنقطة اولى وهي وقف اطلاق النار، لكنه في محصلته «يقدم مخرجاً لاسرائيل، لا تستطيع الولايات المتحدة تقديمه». وطرح الوزير الايراني «القيام اولاً بما عليه اجماع لبنانياً ودولياً، مثل وقف النار وتبادل الاسرى. فيما يترك الشق الثاني للمرحلة الثانية» وهو ما لم يحظ بالموافقة الفرنسية. ونقلت المصادر عن الوزير الايراني قوله لنظيره الفرنسي: «فلنرفع اولاً الصواريخ الاسرائيلية عن رؤوس اللبنانيين». وقالت مصادر ايرانية لـ«الشرق الأوسط»، ان اجتماع الوزيرين انتهى الى «اتفاق على ضرورة ايجاد حل للمشكلة القائمة في أسرع وقت ممكن ومحاولة تأمين رفع القذائف عن رؤوس اللبنانيين عبر الضغط على الولايات المتحدة للوصول الى وقف اطلاق النار».

ونقلت المصادر عن الوزير متقي قوله، خلال الاجتماع، ان ايران ستقف خلف الموقف الذي يمثل اجماع اللبنانيين وليس مع موقف فريق من دون الآخر». كما نقلت عن الوزير الفرنسي قوله «ان ايران لها دور مهم في الوضع الاقليمي»، مطالباً ايران بممارسة «دورها في حل الأزمة وقد خلص الاجتماع الى اتفاق على الاستمرار في الاتصالات بين البلدين حول الوضع اللبناني».

وفيما غادر الوزير الفرنسي لبنان فجر امس، اجرى الوزير الايراني سلسلة اتصالات ولقاءات شملت رئيس الجمهورية اميل لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة. واكتفى الوزير متقي بتصريح وحيد أدلى به عقب لقائه رئيس الجمهورية قال فيه: «اننا نعتقد أن حماة الكيان الصهيوني، الذين يقدمون له الدعم هم شركاء في هذه الجرائم التي ارتكبها هذا الكيان ضد الأبرياء والنساء والاطفال». وأضاف: «ان الوحدة التي جسدها لبنان حكومة وقيادة وشعبا ومقاومة في سبيل تحقيق الأمن الوطني والدفاع عن المصالح الوطنية لهذه البلد امر يحمد عليه. ويجب أن نعبر عن أسفنا لكون الآلة المتقاعسة لمنظمة الأمم المتحدة لم تستطع ان تحقق شيئا لدعم الشعب اللبناني خلال الاسابيع الثلاثة الماضية على بدء هذا العدوان». واعتبر متقي إن مجلس الأمن اثبت عدم جدارته وفاعليته في هذا العدوان. لكن ما يبعث على الفخر والاعتزاز هو الموقف الموحد لجميع الشعوب في العالمين الاسلامي والمسيحي في كل دول العالم، والموقف الذي ابرزه الرأي العام العالمي في دعم لبنان حكومة وشعبا ومقاومة». وختم قائلاً: «إن فخامة الرئيس اللبناني قال لي في هذا الاجتماع، إن الكيان الصهيوني فشل فشلا كاملا من الناحية العسكرية في هذه المرحلة من اعتداءاته. والآن بدأت بعض المحاولات في المجالين الدبلوماسي والسياسي لتحقيق الاهداف التي لم يتمكن من تحقيقها في الميدان، لكنه لن ينجح في ذلك».

اما لحود فقال: «ان المجازر التي ترتكبها اسرائيل بحق الشعب اللبناني والدمار الذي تلحقه بمنشآته الحيوية وطرقه وجسوره والمنازل السكنية، مستعملة بذلك القنابل الفوسفورية والمدمرة والمزودة باليورانيوم والمحرمة دوليا.. كل ذلك لن يدفع لبنان الى القبول بالشروط التي تحاول اسرائيل وحلفاؤها إملاءها عليه من خلال الصيغ الملتبسة التي يتم التداول فيها، وفي مقدمها ارسال قوة متعددة الجنسية الى الجنوب اللبناني، للمحافظة على أمن اسرائيل، من خلال المنطقة العازلة التي فشلت هي في تحقيقها حتى مجرى نهر الليطاني». وجدد لحود التأكيد «أن أي حلول للوضع الراهن في لبنان، ينبغي ان تحظى بتوافق جميع اللبنانيين، لأنه في مسألة تتصل بسيادة لبنان واستقلاله وسلامة اراضيه». واكد الرئيس لحود للوزير متقي «أن لبنان يثق بالامم المتحدة ويراهن على دور اساسي لها ولقواتها العاملة في جنوب لبنان، لكنه في المقابل يخشى من الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على المنظمة الدولية، فتجعلها عاجزة عن القيام بالمهمات المطلوبة منها». واشار الى ان «لبنان ابلغ الأطراف المعنيين بمطالبه، وفي مقدمها وقف النار وانسحاب الاسرائيليين الى الخط الازرق واستعادة مزارع شبعا اللبنانية، وتسليم خرائط الالغام المزروعة في المناطق الجنوبية، وعدم انتهاك المجال الجوي والمياه الاقليمية والحدود البرية اللبنانية».