أميركي ترك وظيفته ليخوض إضرابا عن الطعام احتجاجا على أحداث دارفور

تضامن حتى «الموت جوعا» أمام البيت الأبيض

TT

يخوض قاي مغنلي أضراباً عن الطعام استمر حتى امس (الثلاثاء) 24 يوماً احتجاجاً على ما يعتبره «تقاعس الادارة الاميركية» في حماية سكان دارفور (غرب السودان). وظل مغنلي معتصماً امام البيت الابيض منذ الرابع عشر من مايو (آيار) الماضي، وهو يبقى هنا طوال اليوم تحت شمس حارة ويكتفي بشرب الماء، وفي الليل ينام على احد المقاعد الخشبية في «حديقة لافاييت» المواجهة للمدخل الرئيسي للبيت الابيض. فقد مغنلي من وزنه حتى الآن ما يقارب من 12 كيلوغراماً، لكنه مصمم على مواصلة إضرابه عن الطعام مدة 60 يوماً متصلة، أي انه سيواصل الاضراب 36 يوماً أخرى.

قال مغنلي لـ«الشرق الاوسط» إنه قرر أن يقوم بحركة احتجاجية ضد «الابادة الجماعية» في دارفور وللتضامن مع سكان الاقليم المضطرب بعد أن قرأ تحقيقاً مؤثراً عن معاناة السكان من النازحين أو اللاجئين في صحيفة «نيويورك تايمز» كتبه الصحافي نيكولاس كريستوف، ومنذ ذلك اليوم قرر خوض حملته الحالية لكن اسرته المكونة من زوجته وولدين (25 سنة و21 سنة) رفضت الانضمام اليه، مشيراً الى انه ترك وظيفته حيث كان يعمل في تطوير برامج الكومبيوتر في شركة «بوسطن للبرمجة» ويصل دخله السنوي الى حدود 250 الف دولار.

ويشرح مغنلي قائلاً «منذ مايو الماضي بدأت رحلة التضامن انطلاقاً من مدينة فلادلفيا، وهي المدينة التي اتحدر منها، حتى وصلت الى هنا (امام البيت الابيض)».

وعندما سألته لماذا اختار دارفور على وجه التحديد كقضية أجاب «في الواقع دارفور هي التي اختارتني وانا لم اخترها ... عندما شاهدت معاناة الناس في التلفزيون وقرأت في الصحف المآسي التي تحدث هناك قررت أن اتفرغ لهذه القضية».

ويعتقد مغنلي انه سيضع حداً لحركته الاحتجاجية إذا استطاعت قوات أممية حماية السكان هناك. ويرى أن إدارة الرئيس جورج بوش لا تضغط بكيفية جدية من أجل ارسال هذه القوات، وهو يؤيد بشدة ارسالها، لان هذه الادارة من وجهة نظره، ليس لها مصالح في دارفور كما هو الشأن في العراق مثلاً. وينتقد مغنلي بعبارات شديدة اللهجة الرئيس الاميركي جورج بوش، وهو يعتقد إن الكونغريس يسايره في مواقفه.

وفي رأي مغنلي لم يعد الاعلام الاميركي يهتم كثيراً بقضية دارفور (الواقع ان الاهتمام ما يزال مستمراً) لذلك لم تتصل به اية وسيلة أعلام اميركية كما لم يكتب أحد عن احتجاجه او اضرابه المتواصل عن الطعام.

ويقول مغنلي إن الاعلام الاميركي يهتم الآن بالوضع بين اسرائيل ولبنان، وهو ما سيؤدي الى تحول الانظار عن دارفور وبالتالي زيادة معاناة الناس هناك. ويصف مغنلي الهجمات الاسرئيلية ضد لبنان بانها «واحدة من أكبر جرائم العصر» لكن ذلك لا يجب ان يحول الاهتمام عن دارفور، من وجهة نظره. ويرفض مغنلي ان يكون التأييد الواسع لقضية دارفور وسط الاوساط اليهودية في اميركا مرده الى خدمة اسرائيل بكيفية او باخرى، وقال إنه، وهو ليس يهودياً، يعتقد أن اليهود الذين يعارضون «الابادة الجماعية» في دارفور يفعلون ذلك للتضامن فعلاً مع سكان الاقليم. وقال في هذا السياق «لا يمكن أن يأتي يهودي من شيكاغو الى واشنطن مع اطفاله ويقف تحت شمس حارقة للمشاركة في مظاهرة (مايو الماضي) مساندة لاهل دارفور...ويفعل كل ذلك من أجل اسرائيل». وقال مغنلي إن منى اركو مناوي رئيس فصيل حركة تحرير السودان في دارفور زاره السبت الماضي، وعبر له عن شكر أهل دارفور لموقفه المساند لهم. يشار الى أن مناوي الذي وقع فصيله اتفاقية ابوجا للسلام في مايو (آيار) الماضي مع الحكومة السودانية، زار الاسبوع الماضي واشنطن حيث استقبل من طرف الرئيس الاميركي جورج بوش في البيت الابيض.

ويأمل مغنلي الذي بدا عليه هزال واضح ويتحدث بصعوبة بسبب انعكاسات أضرابه عن الطعام على جسده، أن يشاركه آخرون هذه الحملة الاحتجاجية. وقال في لهجة لا تخلو من التحدي والتصميم، رداً على سؤال حول خطورة مواصلته الاضراب على صحته «لدي حالياً 60 دولاراً استطيع ان اقتني به قناني الماء لمواصلة الاضراب الفترة المتبقية لاكمل 60 يوماً.. إذا إنهارت صحتي أو مت، لا تنسى ان كثيرين يحدث لهم ذلك في دارفور».