الرئيس الكوبي يتنحى مؤقتا ويسلم السلطة لأخيه.. وواشنطن تراقب الوضع

المعارضة ترقص في شوارع ميامي احتفالا بأنباء تدهور صحته

TT

أعلن التلفزيون الحكومي ان الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، الذي يحتل المركز الثالث في العالم من حيث المدة التي قضاها في الحكم، تنحى مؤقتا بعد خضوعه لجراحة في الأمعاء، وسلم سلطاته للمرة الاولى لشقيقه راؤول كاسترو.

ولدى ورود هذه الانباء امس رقص الناس في شوارع مدينة ميامي الأميركية، التي يعيش فيها كوبيون في المنفى، حيث يتوق أعداء كاسترو، الذين تدعمهم الولايات المتحدة الى نهاية الحكومة الشيوعية الوحيدة في النصف الغربي من العالم، واحتفلوا بأنباء تدهور صحته.

وفي كوبا التي يحكمها كاسترو، منذ ان اجتاحها مقاتلوه الذين قدموا من تلال سييرا مايسترا للاطاحة بالدكتاتور الحاكم عام 1959، سببت أنباء خضوعه لعملية جراحية لاصابته بنزيف معوي حالة من التشكك في المستقبل السياسي للجزيرة، البالغ عدد سكانها 11 مليون نسمة. وقال كاسترو، الذي سيبلغ من العمر، 80 عاما، في 13 اغسطس (آب) الحالي، في بيان تلي في التلفزيون، انه أجهد نفسه هذا الشهر خلال رحلة لحضور قمة قادة أميركا الجنوبية في الارجنتين والاحتفال بذكرى الهجوم الذي قاده عام 1953 على ثكنة عسكرية.

وجاء في البيان، الذي تلاه مساعد كاسترو الشخصي كارلوس فالينسياجا، «سبب هذا أزمة معوية حادة مع نزيف مستمر أجبره على الخضوع لعملية جراحية معقدة». وقال كاسترو في بيانه «هذه العملية تجبرني على الراحة عدة أسابيع بعيدا عن مسؤولياتي ومهامي».

وسلم كاسترو زمام الحزب الشيوعي الحاكم ومنصب قائد القوات المسلحة ورئيس المجلس التنفيذي للدولة لراؤول كاسترو، 75 عاما، شقيقه الاصغر وخليفته بموجب الدستور.

وهذه هي المرة الاولى التي يسلم فيها كاسترو جميع سلطاته لشقيقه، وهو ساعده الايمن، بوصفه وزير الدفاع الكوبي الذي يسيطر على الجيش البالغ قوامه 50 الف فرد وقوات الشرطة.

وكان كاسترو الشقيق الاصغر، الذي يفتقر الى صفات الزعامة والنزعة الخطابية، اللتين يتمتع بهما شقيقه الاكبر، قد أشار في يونيو (حزيران) الى أنه سيحكم كوبا من خلال الحزب الشيوعي الذي تجري تقويته استعدادا للخلافة.

ويحتل كاسترو المرتبة الثالثة في العالم من حيث المدة التي قضاها في الحكم، بعد الملكة اليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، والملك بوميبون ادولياديج ملك تايلاند، وقد تحدى واشنطن والحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة على بلاده لأكثر من أربعة عقود.

وفي مدينة ميامي الأميركية، معقل المعارضة لكاسترو، أطلق الناس الالعاب النارية ورقصوا، حيث استقبلت أنباء تسليمه السلطة لشقيقه على أنها علامة على أن نهايته باتت وشيكة.

وقال ايرنستو دييس رودريجيس زعيم جماعة الفا 66، وهي جماعة كوبية أميركية مسلحة مقرها ميامي، تبذل جهودا منذ فترة طويلة للاطاحة بالزعيم الكوبي، لرويترز «قد يقبل الشعب الكوبي لفترة قصيرة فرض راؤول كاسترو كقائد للحكومة».

وخيم الهدوء على شوارع العاصمة الكوبية هافانا، التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة، ولم تظهر علامات على تعزيز دوريات الشرطة. ووقف شبان يحتسون الخمر ويستمعون الى عزف الجيتار.

وقال عامل في موقف سيارات «ستجري كل الامور على ما يرام». لكن سكان وسط هافانا، وهي منطقة مكتظة متهالكة المباني، كانوا قلقين وأرادوا أن يعرفوا المزيد عن حالة رئيسهم، فيما واجهوا ليلة صيف حارة بلعب الدومينو في الشارع.

وقالت كسيومارا ليانيس، وهي ربة منزل «أسأل الله أن ينقذه. نحن نحب فيدل فهو وسيلة الخلاص الوحيدة التي نملكها».

وأصبحت صحة الرئيس الكوبي موضع اهتمام، منذ أغشي عليه خلال القائه كلمة عام 2001. وأصبح كاسترو يمشى بسرعة أبطأ من سرعته المعتادة بشكل ملحوظ منذ تعثر عقب كلمة ألقاها في اكتوبر (تشرين الاول) عام 2004 فأصيب بكسر في ركبته وذراعه.

وقال هوغو شافيز رئيس فنزويلا وحليف كاسترو الوثيق المناهض للولايات المتحدة، ان مخاوفه هدأت بعد أن تحدث مع مكتب كاسترو مباشرة، وأضاف «الاطباء وصفوا له الراحة التامة لعدة اسابيع». وكان شافيز في زيارة لفيتنام.

وقال كاسترو انه يسلم سلطاته لاخيه، لان كوبا تتعرض «لتهديد من الحكومة الأميركية». وشدد الرئيس الأميركي جورج بوش تطبيق العقوبات المفروضة على كوبا وزاد التمويل لحركة المعارضة الصغيرة في كوبا. وأحجم مسؤولو الادارة الأميركية عن التكهن بشأن صحة كاسترو. وقال بيتر واتكينز، المتحدث باسم البيت الابيض، «نراقب الموقف ونواصل العمل من أجل اليوم الذي ستصبح فيه كوبا حرة».

وطلب كاسترو من البلاد تأجيل الاحتفالات بعيد ميلاده الثمانين حتى الثاني من ديسمبر (كانون الاول)، الذي يوافق الذكرى الخمسين لوصوله الى شرق كوبا مع مجموعة من الرجال على متن زورق لبدء حركة مسلحة. وقال كاسترو في البيان «ليس لدي أدنى شك في أن شعبنا وثورتنا سيقاتلان حتى اخر قطرة دم للدفاع عن هذه الفكرة وغيرها واتخاذ الاجراءات التي قد تكون ضرورية لحماية هذه العملية التاريخية». وأضاف «لن تستطيع الامبريالية أن تسحق كوبا أبدا».

وعهد فيدل كاسترو في «اعلانه» لوزير الصحة خوسيه بالاغوير كابريرا «مؤقتا» ايضا بمسؤولياته «كمشجع رئيسي» للبرنامج الدولي الوطني الكوبي للصحة العامة.

اما قطاع التعليم الذي يشكل احد اولويات الدولة ايضا، فنقل صلاحياته الى وزيرين مكلفين به عضوين في المكتب السياسي للحزب الشيوعي، هما خوسيه ماشادو فنتورا وايستيبان لازو هيرنانديز.

ونقل كاسترو مسؤولياته في برنامج «ثورة الطاقة» الى كارلوس لاغي دافيلا عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الكوبي والسكرتير التنفيذي لمجلس الوزراء.

وقال «الاعلان» الرئاسي، ان الصلاحيات المالية للبرامج الثلاثة التي تحتل اولوية «الصحة والتعليم والطاقة»، وضعت بين ايدي كارلوس لاغي دافيلا وفرانشيسكو سوبيرون الوزير ورئيس المصرف المركزي الكوبي، وفيليبي بيريز روكي وزير العلاقات الخارجية.

وفي واشنطن، ذكر البيت الابيض ليل الاثنين الثلاثاء انه «يراقب الوضع» بعد اعلان كاسترو في بيان تلي على التلفزيون، انه اصيب «بعارض صحي» وخضع لعملية جراحية. وتفرض الولايات المتحدة حظرا على كوبا منذ عام 1960.

واعلن كاسترو الذي سيبلغ الثمانين من العمر في 13 اغسطس (آب) انه نقل «مؤقتا» صلاحياته الرئيسية الى شقيقه راؤول كاسترو وزير الدفاع.

* أهم الفقرات في إعلان كاسترو لشعب كوبا بسبب الجهد الهائل الذي بذلته لأتوجه الى مدينة كوردوبا الارجنتينية للمشاركة في اجتماع السوق المشتركة لدول اميركا الجنوبية (ميركوسور)، وفي مراسم اختتام قمة الشعوب في مدينة كوردوبا البطلة ولزيارة التاغراسيا المدينة التي عاش فيها «تشي» (ارنستو تشي غيفارا)، الى جانب مشاركتي بعد ذلك فورا في الاحتفالات بالذكرى الثالثة والخمسين للهجوم الذي وقع في 26 يوليو (تموز) 1953 على ثكنة مونكادا وثكنة كارلوس مانويل دي سيسبيدس (في اليوم نفسه) في مقاطعتي غرانما وهولغوين (جنوب شرق)، فان اياما وليالي من العمل المتواصل وبدون نوم تقريبا ادت الى تعرض صحتي التي قاومت كل المحن، لاقصى حدود الارهاق وضعفت.

هذا الامر سبب لي ازمة معوية حادة مع حالات نزيف كبيرة اجبرتني على الخضوع لعملية جراحية معقدة.

كل تفاصيل هذا العارض الصحي سجلت في الصور الشعاعية وعمليات التنظير والمواد المصورة الاخرى. هذه العملية تضطرني للخلود الى الراحة اسابيع بعيدا عن مسؤولياتي ومهامي. وبما ان بلدنا مهدد في ظروف كهذه من قبل حكومة الولايات المتحدة.