الأمراض تنتشر بين النازحين.. وبداية حلّ لمشكلة الأدوية

بيروت استقبلت مستشفيين ميدانيين سعوديا وأردنيا وتستعد لاستقبال ثالث مصري

TT

لبنان، البلد الذي حقق في الاعوام الاخيرة تقدما طبيا لافتا، الى درجة انه بدأ استقطاب العديد من الحالات المرضية في الشرق لتتلقى العلاج، اضافة الى «ازدحامه» بالاطباء، شرع اخيرا في استقبال مستشفيات ميدانية عربية، يرافقها اطباء عرب لمداواة، ليس مَن أصيبوا مباشرة خلال العمليات العسكرية الاسرائيلية فحسب، انما أولئك الذين تظهر عليهم اعراض خلفها هذا العدوان، الذي يبدو انه «يواظب» على ارهاب اللبنانيين بوتيرة مختلفة كل يوم. فمئات النازحين يعانون امراضا مزمنة تتطلب تناول ادوية غير متوافرة، بالاضافة الى تعذر امكان ارسالها من الخارج، بسبب فرض الحصار الاسرائيلي الذي يمنع ايصال المساعدات الغذائية والطبية، ما يزيد الوضع تعقيدا. وعشرات اللبنانيين يرزحون تحت ضغط نفسي يسبب لهم التوتر والقلق، ويولد الحاجة الى تناول المهدئات... والحصيلة بعد 20 يوما من الاعتداءات العسكرية الاسرائيلية، إضافة الى القتلى الذين تجاوزوا 700، عشرات الجثث «المنتظرة» تحت الركام، التي أخذت رائحتها تنبعث لعدم تمكن فرق الاغاثة من انتشالها، بسبب القصف الاسرائيلي، الامر الذي ينذر بـ«قنبلة» من الاوبئة يخشى انفجارها.

فالامراض على انواعها عادت لتحتل الواجهة وتفتك بالاطفال والنساء والشيوخ. فما من استثناءات والجميع، لا سيما المهجرين من قرى الجنوب ومناطق الضاحية الجنوبية لبيروت، الذين لجأوا الى المدارس الحكومية، أصبحوا عرضة اكثر من غيرهم لشتى انواع الاوبئة والأمراض التي بدأت تنذر بالتفشي. فملاجئهم لا تستوفي الشروط الصحية بفعل عدم توافر المياه النظيفة أو البيئة الصحية السليمة، فضلا عن ان الاكتظاظ يشكل السمة الرئيسية لهذه الاماكن. ازاء هذا الوضع الكارثي، ارسل الاردن مستشفى ميدانيا يرافقه طاقم طبي يشمل اختصاصات مختلفة، ويعمل على استقبال نحو 550 مريضا يوميا. ومن جهتها، باشرت السعودية باقامة مستشفى آخر في ميدان سباق الخيل في بيروت، معدّ لاستقبال ألف حالة مرضية يوميا. وسيجهز يوم غد، كما قال لـ«الشرق الاوسط» مسؤول في السفارة السعودية، فضل عدم ذكر اسمه، ويعمل هذان المستشفيان بطريقة مستقلة عن أي مركز طبي لبناني، أي يستقبلان المرضى بشكل مباشر ومجاني الا في ما يتعلق بالحالات الطارئة التي تنقل عبر سيارات الاسعاف اللبناني. وقال الدكتور الاردني علي محمد أبو صيني لـ«الشرق الاوسط»، ان المستشفى «يضم 35 سريرا و14 طبيبا و37 ممرضا ومساعد ممرض ونحو 35 حارسا جميعهم اردنيون».

وقد اتخذ هذا المستشفى من احدى المدارس الحكومية في بيروت مقرا له، محولا قاعاتها الى عيادات للأطفال والنساء، والصحة العامة، والامراض الباطنية وطب الاسنان، بالاضافة الى طبقة خاصة بالجراحة العامة وجراحة الطوارئ. كما ان هناك طبيبا نفسيا عاين اعدادا كبيرة من المرضى، وبرزت الحاجة الى الادوية الخاصة بهذه الحالات. ويضم المستشفى صيدلية مزودة بالادوية حتى تلك الخاصة بالامراض المزمنة كأمراض القلب والسكري والضغط. «واذا احتجنا الى كميات اضافية سيتولى سلاح الجو الملكي الاردني نقلها»، اضاف ابو صيني، مشيرا الى وجود «مختبر للأشعة مع طبيب اختصاصي وغرفتين لاجراء عمليات كبرى اي اصابات البطن، الصدر، العنق، الشرايين والاطراف السفلية».

وتحوّلت قاعات الصفوف الثانوية الى «وحدات عناية مركزة حديثة وانعاش». وفي احدى القاعات، تنام الطفلة فاطمة رعد التي تبلغ من العمر سنة وشهرين والى جانبها والدتها، مصابة بالتهاب رئوي من جراء المكوث في احدى المدارس التي لا تتوافر فيها الشروط الصحية.

ولفت ابو صيني الى ان «غالبية مرضانا هم من المهجرين الذين لا يستطيعون التوجه الى المستشفيات الخاصة لعدم تمكنهم من تحمّل تكاليف العلاج. كما لاحظنا وجود التهابات حادة لدى الاطفال والعديد من حالات الجرب وعالجنا (اول من أمس) خمس حالات تسمم غذائي».

والى جانب المستشفى الاردني، الذي يعمل من الثامنة صباحا حتى الثانية من بعد الظهر، سيفتح المستشفى السعودي ابوابه 24 ساعة يوميا، ويقام في 24 عربة ستشكل العيادات وستضم مختبرا للأشعة و16 سريرا. وقال المسؤول في السفارة السعودية «ان المركز يشيّد على مستوى عال من التجهيز ويضم عيادات مختلفة لطب الاطفال والنساء والتوليد، الامراض الباطنية وامراض العظم والقلب والاسنان. كما ستخصص غرفة للجراحات الدقيقة». واشار الى ان الاطباء الذين «يصلون مساء اليوم (امس) هم سعوديون ولكنّ الممرضين والمساعدين من الهلال الاحمر اللبناني. وستتوافر الادوية والمسكنات وادوية الامراض المزمنة، كما سيكون هناك جسر جوي سعودي لمد المستشفى بالمواد المختلفة التي يمكن ان يفقدها».

وفي موازاة ذلك وصلت الى مطار رفيق الحريري الدولي طائرتان عسكريتان تحملان مستشفى ميدانيا مجهزا وفريقا طبيا متخصصا ووفدا من «الهلال الاحمر المصري»، اضافة الى مواد طبية مقدمة منه. وسيقام هذا المستشفى في بيروت.