باريس تقاطع اجتماع نيويورك اليوم وخلافها مع واشنطن حول لبنان يتعمق

فرنسا لا تعتبر أن مهمة القوة الدولية المقترحة نزع سلاح حزب الله

TT

في ما يبدو أنه تعميق للخلاف الحاصل بين باريس وواشنطن حول طريقة التعامل مع الحرب الإسرائيلية على لبنان وعلى كيفية وضع حد للعنف، اعلنت فرنسا رسميا أمس أنها لن تشارك في الاجتماع الذي سيعقد في نيويورك اليوم للنظر في مهمات القوة الدولية التي يمكن أن ترسل الى جنوب لبنان وتشكيلها. وكان اجتماع اليوم مقررا الاثنين الماضي. إلا أن معارضة باريس لعقده دفعت الأمين العام للأمم المتحدة الى تأجيله ومن ثم تمت برمجته مجددا ليوم الخميس. وسيعقد الاجتماع، المتوقع أن يضم حوالي أربعين بلدا، برئاسة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون قوة السلام.

وقال الناطق المساعد باسم الخارجية الفرنسية مندوني سيمونو أمس إن فرنسا «لا تنوي، حتى الساعة، المشاركة في اجتماع الدول المساهمة بقوات» في نيويورك لأتها ترى أن «شروط انتشار قوة متعددة الجنسيات غير متوافرة وبالتالي فإن الاجتماع سابق لأوانه». وفيما تدفع واشنطن ولندن بقوة نحو تشكيل قوة متعددة الجنسيات يتم نشرها في جنوب لبنان بالتوازي مع صدور قرار عن مجلس الأمن يدعو الى وقف العمليات العسكرية، تتحرك الدبلوماسية الفرنسية وفق أجندة مختلفة، وتطالب باريس بوقف فوري وشامل للأعمال العسكرية من الجانبين والتوصل الى اتفاق سياسي وتحديد إطار وانتداب ومهمات القوة الدولية المتعددة الجنسيات ثم انتشارها في الجنوب للإشراف على اتفاق وقف النار وتنفيذ مضمون الاتفاق السياسي. وسبق لباريس أن قدمت مشروع قرار الى مجلس الأمن الدولي، الأحد الماضي، يستعيد هذه المراحل الثلاث ويحدد أسس الاتفاق السياسي. غير أن الولايات المتحدة الأميركية، رغم اعتبارها أن كثيرا من النقاط الواردة في مشروع القرار الفرنسي «مقبولة»، إلا أنها ترفض، حتى الآن، المطلب الفرنسي الأول وهو الوقف الفوري للأعمال العسكرية.

وتقول مصادر فرنسية رسمية إن باريس التي قال وزير خارجية فنلندا إنها يمكن أن تتولى قيادة القوة الدولية الجديدة، «لا تريد بأي حال من الأحوال أن تجد نفسها ما بين المطرقة الإسرائيلية وسندان حزب الله» ولذا فإنها «متمسكة الى أقصى الحدود بتحديد الإطار السياسي والأسس التي سيتم على أساسها إرسال القوة الدولية ومهماتها». ومن الأمور التي تريد باريس توضيحها معرفة ما إذا كانت ستناط بالقوة مهمة نزع سلاح حزب الله وكيف. وقالت المصادر الفرنسية إن باريس إذ تقول بتطبيق اتفاق الطائف والقرارين الدوليين 1559 و1680 فإنها عمليا تطالب بنزع سلاح حزب الله «لكنها لا تعتبر أن ذلك من مهمات القوة الدولية». وكانت فرنسا عارضت بشدة فكرة إرسال قوة بقيادة حلف الأطلسي الى جنوب لبنان. وقال وزير الخارجية فيليب دوست بلازي لصحيفة «لوموند» أمس إن باريس «لا ترغب في مناقشة مسألة القوة الدولية قبل تحقيق اتفاق سياسي».

غير أن باريس «لم تغلق الباب» بوجه اضطلاعها بدور في القوة الموعودة. وهذا واضح من خلال قول الناطق باسم الخارجية إن باريس «لا تنوي المشاركة حتى الساعة» في اجتماع نيويورك ما يترك الباب مفتوحا لتعديل لاحق في الموقف الفرنسي. وأكد سيمونو أن الأولوية «اليوم» هي «لمناقشة مشروع القرار الفرنسي الذي يحدد الإطار القانوني للقوة الدولية ومهماتها. ووصفت المصادر الفرنسية اجتماع اليوم بأنه «تمهيدي وتقني». وتقول مصادر سياسية في العاصمة الفرنسية إن باريس ترى أن التركيز على القوة الدولية قبل وقف العمليات العسكرية هو «تسويق للمطالب الإسرائيلية من قبل الولايات المتحدة الأميركية». وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت أكد أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان لن تتوقف قبل وصول القوة الدولية.

ويضاف الخلاف الفرنسي ـ الأميركي حول القوة الدولية الى الخلاف بين العاصمتين حول دور إيران في الأزمة الراهنة. وإذا كانت واشنطن قد امتنعت عن انتقاد بادرة دوست بلازي في الاجتماع الى نظيره الإيراني منوشهر متقي في بيروت فإن الرئيس الأميركي ندد مجددا بدور إيران (وسورية) في الأزمة. وتقول مصادر سياسية في باريس إن واشنطن «ليست لها الاهتمامات نفسها لأنها بالدرجة الأولى لن ترسل قوات الى جنوب لبنان».

وقال الفرنسي جان ماري غيهينو، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون عمليات حفظ السلام إن القوة الدولية «لا يمكنها أن تفرض السلام من الخارج... بل أن تذهب لتدعيم المسار السياسي»، وقدر غيهينو أن القوة الدولية الموعودة التي «ستدوم عملية انتشارها عدة شهور» يمكن أن تتشكل من 10 الى 20 ألف رجل. واستبعد المسؤول الدولي الذي سيشرف على القوة التي سترسل الى لبنان في حال تشكيلها أن تعمد الى نزع سلاح حزب الله إذ تساءل عن هوية الدول التي يمكن أن تقبل إرسال جنودها الى لبنان إذا كانت مهمتهم تحقيق هذا الهدف. ويرى غيهينو أن عملية نزع السلاح «تخرج عن إطار حفظ السلام». وحذر المسؤول الدولي الذي نصح بـ«الاستماع الى اللبنانيين» من «المواجهة المباشرة» مع حزب الله ومن انعكاساتها على إعادة إشعال العنف بين اللبنانيين أنفسهم.