هكذا خطف الإسرائيليون «حسن نصر الله»... بينما كان يلعب الورق

TT

«كأنما فتحت ابواب جهنم علينا» يقول أحد سكان ضواحي بعلبك في اتصال مع «الشرق الاوسط» واصفاً ما جرى ليل اول من امس عندما غطت الطائرات الاسرائيلية سماء المنطقة وحولت محيط مستشفى «دار الحكمة» الى زنار ناري لف هذه المؤسسة التي يديرها حزب الله قبل ان تنقض عليها وحدة كوماندوز اسرائيلية بحثا عن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله... فحظيت بعد جهد بـ«حسن نصر الله»... بائع خرطوش الصيد وجيرانه بينما كانوا يلعبون الورق.

«المعركة»، كما يرويها شهود عيان اتصلت بهم «الشرق الاوسط» بالهاتف، بدأت في العاشرة والنصف ليل الثلاثاء ـ الاربعاء بغارات جوية مكثفة شاركت فيها القاذفات الاسرائيلية من طراز «اف ـ16» والمروحيات التي قامت بأكثر من عملية انزال وهمية في مكان بعيد عن المستشفى في محلة ايعات غرب بعلبك، قبل ان تنقض على المستشفى الذي كان حزب الله قد اخلاه منذ بداية المعركة واكتفى بوضع حراسة عادية على مداخله.

وحطت 5 طائرات مروحية في مكان قريب من المستشفى وانزلت جنوداً توجهوا الى السور الشرقي للمستشفى حيث قيل انهم تحادثوا مع احد الحراس بالفارسية قبل ان يردوه بالرصاص. ثم قتلوا حارساً آخر في اشتباك داخل المستشفى، وثالثاً من قوة حاولت الدخول الى المنطقة المستهدفة.

واحتلت القوة المهاجمة المستشفى لنحو نصف ساعة فتشت خلالها المكاتب واخذت منها وثائق واجهزة كومبيوتر. ولم تسلم من عملية التفتيش برادات الجثث، بحثاً عمن تردد انه الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله او عضو قيادة الحزب الشيخ محمد يزبك بعدما قيل ان الطائرات الاسرائيلية التي لم تغب عن سماء المنطقة رصدت موكباً للحزب اتجه نحو المستشفى. ولما لم يجد الجنود غايتهم في المستشفى توجهوا نحو بلدة العسيرة القريبة حيث دهموا منزلاً على اطرافها واحتجزوا عدداً من سكان المنطقة كانوا يلعبون «الليخة» ـ وهي احدى العاب الورق الشائعة في المنطقة. وكان هؤلاء رفضوا مغادرة المنطقة عندما طلب حزب الله اليهم ذلك عند بدء العملية الاسرائيلية، كما ابلغ احد مسؤولي الحزب «الشرق الاوسط».

واقتحم الجنود منزل حسن نصر الله الذي يمتلك متجراً صغيراً لبيع ذخيرة الصيد في مدينة بعلبك ومحلاً صغيراً للسمانة في بلدة العسيرة، فخطفوه مع نجله بلال (عامل بناء) وتركوا نجله الثاني محمد. كما خطفوا بقية لاعبي الورق: حسن البرجي، وهو عامل بناء ايضاً، ومحمد شكر (من بلدة النبي شيت القريبة من بعلبك) وصهر نصر الله، احمد العوطة (وهو عامل بلاط).

واستهدفت الطائرات الاسرائيلية الاشخاص والسيارات في محيط منطقة الانزال بما فيها الطرق المؤدية الى المستشفى. وأطلقت على هذه الطرق عشرات الصواريخ ما ادى الى قطعها في كل الاتجاهات نتيجة الحفر العميقة التي احدثتها فيها. ولم يسلم المقيمون قرب المستشفى في بلدة الجمالية او السيارات التي كانت تتحرك على الطرق باتجاهه. واسفرت الغارات عن سقوط 21 قتيلاً بينهم خمسة عمال سوريين يسكنون في خيمة قرب مطار ايعات. ومن بين الضحايا امرأة حامل كانت في طريقها الى المستشفى للولادة.

وقد غادر اهالي الجمالية منازلهم خوفاً من القصف الجوي، ولجأوا الى الحقول الا ان القذائف لاحقتهم وادت الى مقتل ستة منهم.

وشهدت منطقة البقاع الشمالي تحليقاً مكثفاً للطيران المروحي على امتداد سلسلة جبال لبنان الشرقية. وطاول القصف العنيف حي العسيرة في بعلبك وتلال محلة عمشكي على المرتفعات الشرقية للمدينة وطريق الكيال. ودمر محطة حرب في التل الابيض واحرق صهريجاً في وادي الصفا. وتصدت المضادات الارضية التابعة للجيش اللبناني وحزب الله لمحاولات الانزال المتكررة من الطيران المروحي. وقد نعى حزب «البعث» الموالي لسورية امس اثنين من عناصره سقطا اثناء «تصديهما للعدو الاسرائيلي في منطقة وادي الصفا ـ الجمالية في بعلبك». واعتبر وزير العدل اللبناني شارل رزق في حديث لـ«هيئة الاذاعة البريطانية» ليل امس الاول ان «العملية العسكرية على بعلبك قد تعكس ربما تغييراً في التكتيك الاسرائيلي، لأنه حتى الآن ومنذ ثلاثة اسابيع كان الاسرائيليون يتبعون استراتيجية القصف من دون تمييز للبنية التحتية وللمجتمع المدني حيث سقط اكثر من ثمانمائة شهيد، تسعون بالمائة منهم من النساء والاطفال». وقال: «ان هذه العملية العسكرية تظهر ان الاسرائيليين وكأنهم يتجهون الى نوع من العمليات الانتقائية وهم يحاولون مواجهة حزب الله بالتكتيك نفسه».

ورداً على سؤال حول تقويمه الاحداث، قال: «ان الاسرائيليين اخفقوا حتى الآن في استراتيجيتهم. وان حزب الله لا يزال موجوداً على الارض ويستعمل تكتيكاً يبدو صعباً على الجيش الاسرائيلي الذي يعتبر من افضل الجيوش المجهزة في العالم». واضاف: «لا يمكننا القول تقنياً ان الاسرائيليين اضعفوا حزب الله وان الآلة العسكرية الاسرائيلية كانت فعالة بقتل السكان المدنيين وليس باتجاه حزب الله».