الشرطة الإسرائيلية تمنع اليهود المتطرفين من الصلاة في الأقصى تجنبا لصدامات دموية

رغم قرار المحكمة العليا بالسماح لهم بدخول باحة الحرم القدسي

TT

تجنبا لتكرار المواجهات الدموية التي وقعت اثر الزيارة الاستفزازية لأرييل شارون، للمسجد الاقصى المبارك التي قادت الى انتفاضة الاقصى في سبتمبر (ايلول) 2000، أعلنت الشرطة الاسرائيلية أمس بعد تجند آلاف الفلسطينيين للوقوف في وجه المستوطنين المتطرفين المنادين بهدم الأقصى تمهيدا لبناء الهيكل اليهودي المزعوم في مكانه، انها ستمنع المتطرفين من اقامة الصلاة في باحة الحرم المقدسي الشريف. وقال بيان للشرطة ان قرار المنع، رغم حكم المحكمة العليا الذي حصل عليه المتطرفون، جاء في أعقاب تقويمات تقول ان اقامة الصلاة اليهودية في المكان ستتسبب في اثارة الشغب والصدامات الدامية.

ومع ان بيان الشرطة بدا واضحا وحازما، إلا ان الفلسطينيين في القدس وفي بعض مناطق الضفة الغربية وفي اسرائيل (فلسطينيي 48)، لا يثقون بها. وتداعوا للوصول الى باحة الحرم بعشرات ألالاف لمواجهة أي احتمالات.

وكانت عدة منظمات يهودية متطرفة قد طلبت من الشرطة الاسرائيلية تصريحا لإقامة هذه الصلاة، فرفضت. فتوجهت الى المحكمة الاسرائيلية العليا واستصدرت أمرا بإلزام الشرطة على السماح لهم بالصلاة. وعلى الفور توجهت هذه التنظيمات الى المحكمة، وأبرز هذه التنظيمات: «الحركة من أجل المعبد»، ومنظمة «رفافا» ـ أي عشرة آلاف، و«السنهدرين» وهي من أعلى السلطات الدينية اليهودية المتعصبة، و «عوتسماه، أي القوة العظيمة، و«حماة المعبد»، و«ملتقى نهلال ـ من أجل أرض اسرائيل الكاملة»، وهي كلها منظمات تعمل على تسريع بناء الهيكل الثالث المزعوم على حساب المسجد الأقصى المبارك (أنظر صورة مرفقة للمجسم الذي بنوه كنموذج للهيكل الذي يريدون بناءه مكان الأقصى). وفاجأت الشرطة المحكمة عندما تراجعت عن منع النشاطات فأصدرت المحكمة قرارا يسمح بها. وعلى الفور وجهت هذه التنظيمات الدعوة الى عامة الجمهور الاسرائيلي للتجمّع في الساعة 8:30 من صباح اليوم في ساحة البراق الذي يطلقون عليه حائط المبكى بجانب باب المغاربة ومن ثمّ التوجه والدخول الجماعي الى داخل حرم المسجد الأقصى لأداء شعائر دينية يهودية في باحاته، بمناسبة احياء ما يطلقون عليه «التاسع من آب العبري ـ ذكرى خراب الهيكل».

وقالت هذه المنظمات والجماعات في دعواتها ان المسلمين ما زالوا يسيطرون على الحرم القدسي «جبل المعبد»، حسب قولهم وأضافوا انهم «يعملون فيه تدنيسا ولقد آن الأوان ان يكون تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة وإقامة الصلاة اليهودية الحرة في مثل هذا اليوم بالذات». وفي سبيل تحفيز أكبر عدد ممكن من الاسرائيليين للمشاركة في فعاليات اقتحام الأقصى ذكرت حركة «ملتقى نهلال» أنّ من المسلّمات الفكرية والتاريخية أن من يسيطر على المسجد الأقصى يسيطر على أرض اسرائيل كلها. كما تقوم هذه المنظمات بتحفيز من نوع آخر حيت تربط بين يوم ذكرى خراب الهيكل وما يدور من احداث في لبنان، إذ أنّ اندلاع الحرب على لبنان تزامن مع ما يسميه الاسرائيليون «ايام مصر» وهو اليوم الأول الذي حسب ادعائهم وكتب تاريخهم، من الأسابيع الثلاثة تمّ فيها حصار القدس والهيكل الذي انتهي حسب قولهم بخراب الهيكل.

ويقوم نشطاء هذه الجماعات اليهودية خلال الأيام الأخيرة بحملة تعبوية واسعة من نشر الإعلانات الملوّنة والمقالات والنشرات الخاصة وعقد الاجتماعات لإنجاح ما يدعون إليه من نشاطات وفعاليات تصبّ بمجملها في مخططات الاقتحام والاعتداء على المسجد الأقصى المبارك. كما تقوم حركات اسرائيلية أخرى بنشاطات يعتبرونها اجتماعية في أنحاء مدينة القدس للحديث عمّا يسمونه «خراب الهيكل ـ ذكرى وأبعاد».

ونظمت هذه الفعاليات أمس، ومن أبرزها تنظيم مسيرة حاشدة حول أسوار البلدة القديمة والتمظهر أمام ساحة باب الاسباط لإبراز ما سمّوه في بياناتهم التذكير بالسيطرة الاسرائيلية الكاملة على الحرم القدسي وأهمية التسريع في بناء الهيكل الثالث. وقامت منظمة «نساء بالأخضرـ نساء من أجل مستقبل واعد لإسرائيل» بتنظيم هذه المسيرة وشارك فيها عدد من أعضاء الكنيست ورجال دين يهود، إضافة الى الدعوة وأقامت صلاة خاصة باسم «من أجل بناء المعبد» بمحاذاة باب خلدة في منطقة الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى في إشارة الى الأطماع والمخططات الاسرائيلية في أسفل المسجد الأقصى.

من جهتها حذرت مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الاسلامية في بيان لها أمس من قرار المحكمة الاسرائيلية والنشاطات المذكورة ومن مغبة محاولات اقتحام الأقصى، مؤكدة انها ترفد المسجد الأقصى يوميا بآلاف المصلين للتصدي للمعتدين. وقالت: «هذا القرار هو بمثابة اعطاء إذن ورخصة رسمية بتدنيس حرمة الأقصى والاعتداء عليه بغطاء قانوني؟!». وأضاف البيان: «ليس ببعيد عن عقلية المؤسسة الاسرائيلية ومن تنتجه وتدعمه منظمات وحركات وجماعات يهودية، ان تستغل الأحداث الجارية وما تعودوا عليه من تزييف لحقائق التاريخ والدين، فتجعل من يوم يطلقون عليه يوم ذكرى خراب الهيكل للقيام باقتحام للأقصى والاعتداء عليه خاصة وأنّ أعين العالم بعيدة اليوم عن مجريات الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة على المقدسات الاسلامية والمسيحية بصورة عامة وعلى الأقصى خاصة».

وأضافت مؤسسة الأقصى «إنّ عين مؤسسة الأقصى ما غفلت ولو للحظة عن الأقصى المبارك، وإننا لنؤكد ان مؤسسة الاقصى تواصل رفد المسجد بآلاف المصلين يوميا من جميع قرى ومدن الداخل الفلسطيني عبر مشروعها الرائد والمتميز «مسيرة البيارق» وتنقل المرابطين يوميا وعلى مدار شهور السنة لأداء الصلوات الخمس فيه وتعقد الدروس والمحاضرات في باحاته اسهاما منها في الدفاع عن حرمة المسجد الاقصى، هذا عهد مؤسسة الأقصى مع المسجد الاقصى رباط وصلاة يومية في كل وقت وحين».