باقان أموم: لا يمكن اعتبار جنوب السودان إقليما.. بل شبيه بدولة مستقلة

زعيم جنوبي: أوضاعنا مع الخرطوم مثل الوضع بين دبي والشارقة

TT

قال مسؤول بارز من جنوب السودان إن الرئيس الاميركي جورج بوش، شرع في إجراء «اتصالات» مع الرئيس السوداني عمر البشير، لحثه على قبول قوات أممية في إقليم دارفور المضطرب. وأشار الى ان هذه الاتصالات تجري حالياً عبر عدة قنوات وبطرق مختلفة.

وأكد باقان أموم الامين العام للحركة الشعبية التي تهيمن على حكومة جنوب السودان، ان الادارة الاميركية والكونغرس يدرسان جدياً استثناء الجنوب وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق من العقوبات المفروضة على السودان من طرف الولايات المتحدة.

وقال أموم الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» في واشنطن، إن نائب الرئيس السوداني ورئيس حكومة الجنوب الفريق سلفاكير، حث الرئيس جورج بوش قبل اسبوعين حين التقاه في البيت الابيض، الدخول في حوار مع الحكومة السودانية من أجل نشر قوات اممية في دارفور، واشار الى ان بوش أكد ان دخول قوات الامم المتحدة الى الاقليم «ليس لاحتلال السودان أو مضايقة أحد وانما لحماية السكان المتضررين من العنف»، على حد تعبيره.

ونفى أموم، وكان ضمن الوفد الذي ترأسه سلفا كير، أن تكون دعوة نائب الرئيس السوداني رفقة أعضاء من حكومة جنوب السودان بغرض الضغط على حكومة البشير لقبول القوات الأممية، وقال في هذا الصدد «جئنا بدعوة من الرئيس بوش والادارة الاميركية لبحث تطبيق اتفاقية السلام الشامل، والدعوة وجهت الى سلفاكير بصفته رئيس الحركة الشعبية ورئيس حكومة الجنوب.. واشنطن تعرف مسبقاً موقفنا من نشر قوات في دارفور. نحن مع نشر هذه القوات، إذ لا يعقل ان نقبل بقوات أممية في جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الازرق ونرفضها في دارفور، ثم أن قيادة هذه القوات موجودة في الخرطوم بقيادة جنرال هندي، لذلك لم نفهم لماذا معارضة انتشار قوات اممية في دارفور طالما أن حكومة الخرطوم غير قادرة على حماية المواطنين في الاقليم».

وأوضح أموم «انهم لا يفهمون موقف الرئيس البشير الرافض لانتشار هذه القوات. وحين سألته عن سبب هذا الموقف المتشدد، أجاب: أسالوا الرئيس البشير.. نحن نريد منه أن يشرح لنا موقفه كشركاء معه في الحكم، ولأننا لم نفهم هذا الموقف لم نشاطره الرأي».

ودحض اموم الاستنتاج القائل بأن استثناء الجنوب من العقوبات الاميركية ربما يؤدي الى تكريس الانفصال، لكنه قال «الادارة الاميركية وجميع الحكومات في العالم تتعامل مع الوضع القائم في السودان على اساس أن العلاقة بين حكومة الجنوب وحكومة الوحدة الوطنية في الخرطوم علاقة دستورية، وهي شبيهة بعلاقة كونفدرالية، وحكومة جنوب السودان لها الحق طبقاً للمادة 19 من الدستور إقامة علاقات مع جميع حكومات العالم، ولا يمكن اعتبار جنوب السودان اقليماً يتمتع بحكم ذاتي، لكن وضعيته شبيهة بدولة مستقلة». وأشار اموم الى انه في إطار هذا الوضع، قررت واشنطن تعيين مليكة جيمس قنصلاً عاماً للولايات المتحدة في جوبا (عاصمة الجنوب)، كما وعدت الادارة الاميركية بتقديم المزيد من الدعم لبناء ما خربته الحرب في الجنوب.

وشبه اموم الوضع بين الجنوب والشمال بالوضع في دولة الامارات العربية. وقال في هذا السياق «في دولة الامارات يمكن أن تتعامل امارة دبي مع العالم بكيفية معينة في حين يكون لإمارة الشارقة أسلوب آخر، هذا لا يعني أن هناك توجهاً انفصالياً داخل الدولة». وفي سياق آخر، أكد اموم أن علاقات الحركة الشعبية وحكومة الجنوب مع العالم العربي متطورة، وزاد قائلاً «نحن متحركون في العالم العربي، حيث لدينا علاقات أكثر من جيدة مع مصر وكذا علاقات جيدة مع ليبيا والجزائر، وشرعنا في بناء علاقات جيدة مع دولة الامارات، كما أن لنا علاقات ممتازة مع الكويت لأننا كنا قد وقفنا الى جانب الكويتيين وساندناهم عندما غزا صدام حسين الكويت». وبشأن استبعاد السفارة السودانية في واشنطن عن تفاصيل زيارة الوفد الجنوبي لاميركا وعدم ربط اي اتصال بها، قال اموم «السفارة السودانية في واشنطن وغيرها من السفارات السودانية لم يطرأ عليها تغيير في تركيبتها، هذه السفارات كانت ممثلة لجهة سياسية معينة (الجبهة القومية الاسلامية) انفردت بالسلطة سنوات طويلة، كما أن عدداً كبيراً من الدبلوماسيين فصلوا تعسفياً في أوقات سابقة تحت شعار «الصالح العام» من الخارجية السودانية وبالتالي تحتاج السفارات الى تغييرات ضرورية لتمثل فعلا كل السودان.. صحيح أن هناك سفراء من الجنوب عينوا في الخارجية، لكن هذا القرار لم يطبق بعد على أرض الواقع».

ورداً على سؤال حول الاسباب التي تحول دون ادخال تغييرات في السفارات السودانية طالما ان الحركة الشعبية هي التي تتولى حقيبة الخارجية (الوزير لام كول)، قال اموم «القرارات التي اتخذت في طريقها الى التنفيذ، لكنها لم تنفذ بعد.. والسفراء لم يوزعوا على السفارات التي لم تتم بعد اعادة هيكلتها، ويمكنك ان تسأل وزير الخارجية عن اسباب ذلك، لكن هذا هو الواقع حتى الآن».

وحول موضوع «الوحدة» او «الانفصال» قال اموم «جاذبية الوحدة ترتبط بإصلاح جذري في البنية السياسية للدولة السودانية وتصحيح ظلامات الماضي وتبني برامج ايجابية تعالج قضايا التمييز العرقي والديني وقضايا التهميش الاقتصادي والسياسي.. ربما لا تكون فترة ست سنوات (قبل موعد الاستفتاء) لانجاز كل ذلك كافية، لكن لا يمكن ان نطلب من الجنوبيين ان يدوسوا على الجمر.. مسؤولية تنامي روح الانفصال في الجنوب هي مسؤولية جميع القوى السياسية التي حكمت السودان منذ الاستقلال، والتي حاولت فرض مشاريع أحادية وإقصائية على الجنوب، كما ان حكومة الانقاذ مسؤولة عن ذلك، لانها أعلنت «الجهاد» ضد الجنوب، مما خلق مرارات وأثر سلباً على العلاقات بين الشمال والجنوب».

وجواباً على سؤال حول ما إذا كان الجنوبيون سيذهبون باسم «السودان» اذا ما قرروا الانفصال ام سيتركوه للشماليين، قال أموم «هذا سؤال افتراضي لكن هذا قرار الشعب في جنوب السودان اذا قرر الانفصال.. ومن سيقرر الوحدة او الانفصال هو شعب جنوب السودان، وذلك على ضوء تطورات الاوضاع ونجاح او فشل حكومة الوحدة الوطنية». ورد مازحاً بشأن ما إذا كان السودان سيصبح في أفق السنوات الخمس المقبلة «يوغسلافيا افريقيا» (اي يتفكك الى عدة دول) قال «في هذه الحالة دعني اسألك، أي جزء سيصبح هو جمهورية الجبل الاسود؟». وفي موضوع آخر، نفى اموم ان يكون قد أدلى بتصريح أشار فيه الى انه سيعلن استئناف الحرب في الجنوب من واشنطن، وقال إنه لم يدل قط بهذا التصريح، مؤكداً انه حذر وقبل زيارته الى واشنطن عن ان عدم حل مشكلة ابيي (منطقة متنازع عليها بين الشمال والجنوب) والحدود بين الشمال والجنوب ومداخيل النفط، سيؤدي الى خلق أجواء غير مواتية ربما تعيد الامور الى ما قبل اتفاقية السلام الشامل. ونفى اموم كذلك ان تكون الحركة الشعبية قد قررت التحالف مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقال «هذا ليس صحيحاً سنخوض الانتخابات (بعد سنتين تقريبا) لوحدنا وإذا كانت هناك تحالفات فهي رهينة بتطور الاوضاع السياسية والتوازن بين القوى السياسية عند اجراء هذه الانتخابات».