مصادر دبلوماسية غربية : اتصالات لتكليف شخصية دولية بمهمة رئيسية بين لبنان وإسرائيل

باريس ما زالت ترفض أي اتصال مباشر مع دمشق

TT

قالت مصادر دبلوماسية غربية في باريس إن من بين الأفكار التي يجري البحث بشأنها في الوقت الحاضر في نيويورك وفي العواصم الغربية الرئيسية (لندن وواشنطن وباريس) تكليف شخصية سياسية من الطراز الأول مهمة بلورة بنود الاتفاق السياسي بين إسرائيل ولبنان والذي سيشكل الأساس لوقف دائم لإطلاق النار وكذلك الإشراف على تنفيذه في مرحلة لاحقة.

وأكدت هذه الأوساط أن الوسيط الجاري البحث عنه «يفترض أن يكون شخصية جديدة»، ما يعني استبعاد أسماء اضطلعت حتى الآن بأدوار معينة في المنطقة بتكليف من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان وأولها الوسيط تيري رود لارسن المكلف متابعة تنفيذ القرار 1559. ومن بين الأسماء المطروحة يبرز اسم الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون. غير أن المصادر المشار اليها رسمت علامات استفهام حول قبول كلينتون لمثل هذه المهمة بسبب الطموحات الرئاسية لزوجته هيلاري وربما حرصه على عدم «إزعاجها» بهذا النوع من المهمات الحساسة وغير المضمونة النتائج سياسيا.

ويأتي هذا البحث بعدما أصبح «شبه مؤكد» بحسب مصادر دبلوماسية متطابقة في باريس أن مجلس الأمن الدولي سيعمد الى اصدار قرارين بخصوص لبنان أولهما «سيصوت عليه في الأيام القليلة المقبلة». ويدعو القرار الأول الى «وقف الأعمال الحربية» بين لبنان وإسرائيل بعدما ضاقت الفجوة بين باريس وواشنطن حول «مراحل الخروج من الأزمة». أما القرار الثاني فسيدعو الى وقف نهائي لإطلاق النار ويحدد تفاصيل الاتفاق السياسي ووسائل تنفيذه.

وأمس قال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي إن المقترحات الفرنسية التي يتضمنها مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن «آخذة في فرض نفسها تدريجيا لدى المجموعة الدولية».

وتنص المقترحات الفرنسية على إعلان فوري لوقف الأعمال العسكرية تليه بلورة بنود الاتفاق السياسي ثم إرسال قوة دولية الى جنوب لبنان تكون من بين مهماتها ضمان تنفيذ الاتفاق المذكور. وقالت المصادر الدبلوماسية إن «التغير» الذي طرأ على الموقف الأميركي الذي كان يتمسك بإرسال قوة دولية الى لبنان قبل التوصل الى اتفاق سياسي الذي هو في الأساس مطلب إسرائيلي مرده دور الوساطة الذي لعبته الدبلوماسية البريطانية. وتوقفت باريس أمس عند التصريح الذي أدلى به رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والذي اعتبرته «التحاقا» بالموقف الفرنسي. وكان بلير قد أعلن أن «ما نحتاج اليه اليوم هو وقف فوري لإطلاق النار بناء على قرار من مجلس الأمن والتوصل الى مرحلة تمكننا من اتخاذ تدابير (أمنية) للمدى البعيد مع إرسال قوة دولية» الى لبنان. ويتم البحث في نيويورك في مسألة التأكيد على أن يصدق البرلمان اللبناني بنود الاتفاق السياسي الذي سيتم التوصل اليه «لتحاشي أن يتنصل منه أحد الأطراف» في إشارة غير مباشرة الى حزب الله.

ومن المؤشرات على التقدم الذي طرأ في الاتصالات داخل مجلس الأمن أن واشنطن تخلت عن طرح مشروع منافس للمشروع الفرنسي الذي وزع يوم الأحد الماضي ما يعني أن المجلس سيعمل على المشروع الفرنسي «المطعم» بأفكار أميركية وبريطانية وربما أفكار أخرى.

وبموازاة نشاطها السياسي والدبلوماسي، تنشط باريس على المستوى الإنساني لتوفير المعونة الى اللبنانيين المهجرين والمتضررين من الأحداث. وفيما وصل وزير الصحة الفرنسي كزافيه برتراند الى بيروت صباح أمس، أعلن الوزير دوست بلازي عن التحضير لعملية إرسال باخرة من أجل لبنان ستنطلق في 11 الحالي من مدينة مرسيليا باتجاه العاصمة اللبنانية حاملا مساعدات غذائية وأدوية وتجهيزات مختلفة. ووصف دوست بلازي الوضع الإنساني في لبنان بأنه «كارثي» بسبب وجود مليون مهجر وسقوط ما يزيد على 800 قتيل نتيجة القصف الإسرائيلي. وتساهم في بادرة «باخرة من أجل لبنان» اليونيسيف والأونروا والصليب الأحمر والبرنامج الغذائي الدولي التابع للأمم المتحدة. واستمر الجدل السياسي في باريس حول بادرة دوست بلازي في لقاء نظيره الإيراني في السفارة الإيرانية في بيروت بعدما نددت الجمعيات اليهودية باللقاء ما حمل الوزير الفرنسي على تغيير لهجته. وجاءت تصريحات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أمس التي أكد فيها أن الحل لأزمة الشرق الأوسط هو في إلغاء إسرائيل لتزيد من ارتباك الدبلوماسية الفرنسية. وسارع الوزير الفرنسي الى «إدانة» تصريحات أحمدي نجاد التي وصفها بأنها «غير مقبولة بتاتا من أي جهة أتت وخصوصا من قبل رئيس دولة».وفي سياق مواز، استمرت باريس على رفضها الاتصال بدمشق بعد زيارة وزير خارجية اسبانيا موراتينوس للعاصمة السورية واتصال وزير خارجية المانيا هاتفيا بنظيره السوري. وقال دوست بلازي إنه «لا يبدو مرغوبا في الوقت الحاضر (لدى باريس) زيارة سورية أو إجراء اتصالات بالمسؤولين السوريين». وقالت مصادر فرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس «لا تريد أن تستفيد دمشق من الوضع الحالي في لبنان ومن الاتصالات الغربية معها لكسر عزلتها السياسية أو للعودة للتأثير في الوضع اللبناني بموافقة غربية» مضيفة أن باريس ترى أن لإيران «دورا أكبر في التأثير على حزب الله وكذلك في التأثير على سورية».