مذكرة سرية بريطانية: الحرب الأهلية وتقسيم العراق الأكثر ترجيحا

رامسفيلد يقترح الرجوع للقاموس بحثا عن اسم للصراع العراقي

TT

حذر السفير البريطاني في العراق وليام باتي، في مذكرة وجهها لرئيس الوزراء توني بلير، كشف عن مضمونها امس، من ان «حربا اهلية وتقسيما للعراق اكثر ترجيحا في المرحلة الحالية من عملية انتقالية ناجحة لارساء ديمقراطية مستقرة في البلاد».

وقال باتي، الذي سينهي قريبا مهامه في بغداد، في مذكرته الاخيرة الى بلير ووزارة الخارجية، «يمكننا التشكيك في الآمال التي يعلقها الرئيس (الاميركي جورج) بوش على اقامة حكومة في العراق قادرة على العمل والدفاع عن نفسها والمساهمة ايضا في الحرب على الارهاب». واضاف في المذكرة، التي كشفت مضمونها هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) ان «الوضع ليس يائسا، حتى ان كان سيبقى صعبا وغارقا في الفوضى، خلال السنوات الخمس او العشر المقبلة»، حسبما افادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

ويتناقض هذا التحليل مع الموقف الرسمي لحكومة بلير، التي اشارت الى ان العراق يتجه نحو الديمقراطية، رغم الظروف الراهنة الصعبة. ومضى باتي يقول «اذا ما اردنا تفادي الوقوع في حرب اهلية وحال من الفوضى، فمن الاهمية بمكان منع الميليشيات الشيعية من ان تصبح دولة ضمن الدولة على غرار حزب الله في لبنان». ونقلت «بي بي سي» عن مصادر عسكرية رفيعة المستوى قولها، ان القوة البريطانية في البصرة (جنوب) تستعد لتكثيف عملياتها ضد العناصر المسلحة الشيعية. ودعا السفير البريطاني حكومة بلاده الى اشراك الجيش العراقي في هذه العمليات، لان القوات البريطانية على حد قوله «عاجزة بمفردها عن مواجهة هذه الميليشيات». وخلص الى القول ان «التحدث كثيرا عن انسحاب سريع للقوات البريطانية من العراق، لن يساهم سوى في اضعاف موقفنا».

لكن بلير قلل من اهمية التسريب، قائلا ان ما ورد في المذكرة يتفق مع ما سبق أن اعلنه في مناسبات عديدة، واضاف في مؤتمره الصحافي الشهري امس ان «الهدف من الاقتتال الطائفي الذي نراه في العراق هو ان يسيطر المتطرفون على البلد بدلاً من الذين يريدون ارساء الديمقراطية»، وقال «مهما تكون الصعوبات علينا البقاء في مسيرتنا ودعم الذين يريدون الديمقراطية ويحاربون الطائفية» .

وكان مسؤول عراقي كبير قد قال لرويترز الشهر الماضي، «العراق كمشروع سياسي انتهى، مع انقسام العاصمة الى ضواح سنية واخرى شيعية، وسعي المسؤولين لتقسيم السيطرة على البلاد على اسس عرقية وطائفية.

من جهته، حذر قائد القيادة الاميركية الوسطى التي تشرف على العمليات الاميركية في العراق، الجنرال جون ابي زيد، امس من خطر اندلاع حرب اهلية في العراق في حال استمرار اعمال العنف الطائفية. وقال ابي زيد خلال جلسة استماع امام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس «في حال لم يتوقف ذلك (العنف)، فان العراق قد يغرق في الحرب الاهلية».

وكان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد اعتبر ان اعمال العنف المذهبي بلغت مستوى عاليا جدا في العراق، لكنها لا تعد بعد «حربا اهلية كلاسيكية». وقال رامسفيلد للصحافيين اول من امس، «بكل تأكيد ثمة اعمال عنف مذهبية. الناس يقتلون. السنة يقتلون شيعة والشيعة يقتلون سنة». واضاف «هذا امر مؤسف وهم يحتاجون الى عملية مصالحة». واشار الى ان بعض الشيعة يغادرون المناطق السنية والعكس صحيح، في حين ان عراقيين اخرين يغادرون البلاد هربا من العنف. وتساءل رامسفيلد «هل هذه حرب اهلية؟ يمكنكم ان تقرروا بانفسكم. ويمكننا الاستعانة بقاموس ونقرر ما تريدون تسميتها». لكنه اضاف «لكن يبدو لي انها ليست في هذه المرحلة حربا اهلية كلاسيكية».