نظرية «المؤامرة» تشغل الصحافيين بعد نقل مكاتبهم إلى خارج البيت الأبيض

قاعة اللقاءات الصحافية التي شيدها الرئيس الأميركي الأسبق روزفلت تئن من الشيخوخة

TT

بدت الأرفف في غرف الصحافيين الصغيرة في البيت الأبيض خالية، والقمامة مكومة عاليا في الوقت الذي كان الصحافيون يستعدون لترك مكاتبهم في غرفة المؤتمرات الصحافية، الى مكان جديد.

وهذه هي المرة الاولى منذ عام 1902 التي لم يعد للصحافيين فيها مكاتب داخل البيت الابيض، وقد اثار ابتعادهم عن البيت الابيض قلقهم. وهو ما قدم أرضية خصبة لنظريات المؤامرة ـ من ان البيت الابيض لن يسمح للصحافيين المعتمدين في البيت الابيض بالعودة مرة أخرى.

وذكر واحد من المندوبين في البيت الأبيض «كل ما عليهم قوله: المسؤولون عن المطافئ يعتبرون المكان خطرا، ولا توجد مساحة كافية للجميع، ثم يحولونه الى مزيد من المكاتب».

وذكرت هيلين توماس المندوبة الصحافية المخضرمة في البيت الابيض «سيكون امرا سيئا نقلنا من هذا المكان بصفة دائمة. عندما تكون هنا، يمكنك مشاهدة أشياء كثيرة لا يريدون منكم معرفتها. هذه ادارة في غاية السرية، ولذا تصبح محظوظا اذا ما التقطت بعض المعلومات الدقيقة».

وخلال عملية الاطلاع غير الرسمية التي تجري يوم الاربعاء، اكد المتحدث الصحافي باسم البيت الابيض توني سنو، للصحافيين، اننا سنعود الى هذا المكان في اقرب فرصة بعد انتهاء عملية الجديد.

وقال ضاحكا «نعم نعتقد ان الوقت قد حان لتغيير شبكة التكييف، واستبدل السجاد المهترئ، والحصول على احدث التسهيلات التي يمكن استخدامها».

وأضاف سنو انه يتطلع لعودة الصحافيين في أسرع وقت ممكن، لأن عليه السير يوميا للموقع الجديد.

وبالرغم من كل تلك الشكوك فمن الصعب اتخاذ موقف ضد عملية التجديد.

فقاعة جيمس برادي للمؤتمرات الصحافية مزدحمة وفوضوية ومتهالكة.

ومع كل المعدات والكوابل والاجهزة المنتشرة عبر السجاد، يصعب، في بعض الاحيان، التحرك في القاعة.

وقد سجل ستيف سكالي، مذيع نشرة اخبار شبكة (c-span) ورئيس رابطة مندوبي البيت الابيض، التي انتهت مدته، بعض الملاحظات خلال لقاء مع المسؤولين عن البيت الابيض بخصوص وضع قاعة المؤتمرات الصحافية قبل عام، اشار فيه:

«مع احتمال وجود اسبستوس في الاسقف، وسباكة تعود الى ادارة نيكسون، وتوصيلات كهربائية تعود الى ثلاثين سنة ماضية، وشبكة تكييف لا يمكن اصلاحها مرة أخرى.... أصبحت قاعة المؤتمرات في مرحلة تتعدى الاصلاح. ويعتقد البعض هنا ان المكان اصبح خطرا لا يمكن الفرار منه في حالة وقوع حريق، ولذا فالحديث ليس حول ما اذا كان يجب تجديدها ـ لا يوجد مثل هذا السؤال ـ يجب تجديدها».

منذ ذلك الوقت حدث تسرب مياه في غرفتين صغيرتين بالطابق تحت الأرضي أسفل غرفة المؤتمرات الصحافية، كما سقطت قطعة من السقف على منتج تلفزيوني.

وتقول آن كومبتون، التي ظلت تعمل في التغطية الصحافية من البيت الأبيض منذ عام 1974 ورئيسة رابطة المراسلين من داخل البيت الابيض، ان الوقت حان لتجديد غرفة المؤتمرات الصحافية لكي تواكب العصر التكنولوجي الحديث. وقالت ايضا ان المكان لم يصمم كي يصبح غرفة أخبار مجهزة بكل الاحتياجات، كما ترى انها كانت تجهز بصورة مؤقتة على مدى جيلين كاملين. ولخصت آن كومبتون حديثها قائلة انهم خلال فترة عملهم كمندوبين في البيت الأبيض كانوا يحملون معهم معدات كبيرة الحجم ويرابطون 24 ساعة، يأكلون في مكاتبهم وينقلون معهم حاجياتهم تحت المطر والوحل والجليد.

بازدياد حجم المندوبين الصحافيين في البيت الابيض، ابعدت المجموعة أكثر عن الرئيس. ويقول ويليام بوشونغ ان عمل المراسلين في البيت الابيض بدأ خلال الحرب الأهلية. وكانت المكاتب التنفيذية ومقر إقامة الرئيس في الطابق الثاني من البيت الأبيض. وكان الصحافيون يرابطون حول غرفة الانتظار خارج مكاتب طاقم الموظفين تفصل بينهم وبين الجزء الخاص بالرئيس قاعة.

هناك صور لصحافيين ينامون على ارائك جلدية في موقع الرابطة التاريخية للبيت الابيض على الإنترنت.. وكان الرئيس السابق رتشارد نيكسون قد اصدر قرارا بتغيير موقع غرفة الصحافيين الكائنة الجناح الغربي، وافتتح غرفة المؤتمرات المسماة الآن على جيمس برادي.

جرى تجديد غرفة المؤتمرات الصحافية في السابق، وتتذكر آن كومبتون ان الرئيس الاسبق رونالد ريغان اصدر تعليمات بتغيير الأرائك والمقاعد بأخرى جلدية.

نقل الصحافيون ايضا الى مكاتب في الطابق الرابع في المبنى التنفيذي القديم. وتعتبر هذه هي المرة الاولى التي ينقل فيها مقر الصحافيين الى خارج مجمع البيت الأبيض. وكان على الصحافيين نقل متعلقات وأشياء مضت عليها قرابة عشر سنوات. فقد كان بيتر ماين، الذي يعمل في «سي.بي.اس»، يهم بالتخلص من صناديق من اشرطة التسجيل الصوتي تعود الى فترة رئاسة بيل كلينتون، لكنه احتفظ ببعض الأشرطة المسجل عليها صوت مونيكا لوينسكي. وعثر في الغرفة الخاصة بـ«اي.بي.سي» على جهاز تسجيل صوتي قديم لم يستطع احد ان يحدد فيم كان يستخدم.

وقال ديفيد غرين، الذي يعمل في «ان.بي.آر» انه سينتظر حتى آخر لحظة لترتيب نقله من المكان. وقال انه يشعر وكأنه في الجامعة وان العطلة الصيفية قد اوشكت وان بعض زملائه بدأوا يحزمون حقائبهم، ما ترك لديه شعورا بالضغوط النفسية. ويقول غرين ان «هذه الارفف تحتوي على تاريخ». وعملية التجديد لن تجلب الجديد من السجاد والمقاعد حسب، وإنما أيضا بعض التحسينات التكنولوجية المتطورة.

ونسمع عن وعود بشاشة بلازما تلفزيونية خلف المنصة، عندما يصبح من العسير تبين كلمات المتحدث الصحافي؟ فضلا عن توفير الكهرباء والإنترنت على كل منضدة في كل غرفة المؤتمرات الصحافية، وبالنسبة للعاملين في التلفزيون طوابق جديدة لحمل الأسلاك بطريقة آمنة. ويبدو أن واحدة من التحسينات ستكون بعيدة عن متناولنا. وقالت كومبيتون «لن نحصل على بوصة واحدة من مكان إضافي». هذا شيء عسير لأن كثيرا من المندوبين يجلسون كل ثلاثة عند منضدة واحدة أو كل اثنين في مكان ضيق جدا.

ويؤكد لنا البيت الأبيض على أنه ستتوفر لدينا امكانية التمشي في أي وقت، وهو ما كان يتوفر لدينا على الدوام، ففي الوقت الحالي يقع المكتب الصحافي للبيت البيض عبر باب منزلق وعبر القاعة من غرفة المؤتمرات الصحافية، واننا سنظل نقوم بانجاز لقطاتنا الحية في المرج الشمالي.

وهناك المسألة المقلقة التالية: سنخضع لإجراءات أمنية في كل مرة ندخل فيها الى المكان، وارتباطا بمخاطر القنابل والحقائب المثيرة للشكوك التي تؤدي الى إغلاق بوابات البيت الأبيض هناك على الدوام خطر احتجازنا لفترة ساعات في كل مرة.

ومن أجل مساعدتنا على الخروج يقيم البيت الأبيض مكان انتظار مؤقت، حيث يمكننا الانتظار بين اللقطات الحية للتلفزيون، في عربة مقطورة قرب مبنى المكتب التنفيذي، الذي يحمل اسم آيزنهاور.

وأجرى سنو المؤتمر الصحافي الأخير، ما قبل عملية التجديد في هذه الغرفة غير المرتبة في الساعة الواحدة وخمس وثلاثين دقيقة من بعد ظهر يوم الأربعاء أعقبتها حفلة توديع. وكان من المتوقع ان ينضم الى الحفلة عدد من المتحدثين الصحافيين السابقين وربما ضيوف آخرون لم يعلن عنهم. وحسب رأي هيلين توماس، فإن «كل ادارة تريد إخراجنا. لأن كل ادارة لها أسرارها، وكلما كنا في هذا المكان، تعرفنا على المزيد من تلك الأسرار».