شباب المغرب متفائلون بحل نزاع الصحراء واسترجاع سبتة ومليلية.. واستخراج النفط

حسب دراسة حديثة لمندوبية التخطيط حول «مغرب 2030» استجوبت 1271 تلميذا

TT

سعيا منها لتوفير «قاعدة» معلومات كافية لاستشراف مستقبل المغرب، انكبت المندوبية السامية (وزارة) للتخطيط المغربية منذ 2004 على دراسة مستقبلية حول «مغرب 2030». وحسب أحدث تقرير أصدرته المؤسسة المذكورة، فإنها تكون قد وصلت حاليا إلى مرحلة إعداد السيناريوهات المحتملة، منها الاستشرافية والبديلة. والهدف من هذا الجهد، حسب أحمد الحليمي علمي، مندوب (وزير) التخطيط المغربي، هو «توفير مقاربات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي يمكن أن تشكل أرضية لحوارات واسعة، من أجل مخططات تنموية تنسجم مع ما تقتضيه المنهجية الحديثة للتخطيط».

منهجيا، نبه التقرير في البداية إلى أن اختيار الشباب في مستوى البكالوريا لم يكن اعتباطيا، بل لكون هذه الفئة «تستمد أهميتها من تشكيلها لنخبة المستقبل، وبالتالي من أهمية تأثير الطموحات والتخوفات التي تخامرها، وهي في هذه المرحلة من العمر، في تحديد معالم مغرب المستقبل، بنفس القدر الذي تحدد معالم حاضره».

كما تمت الإشارة إلى أن البحث قد هم عينة تمثيلية لتلاميذ السنة الثانية من البكالوريا على المستوى الوطني، بالتركيز على المؤسسات التعليمية بالوسط الحضري، التي تغطي التراب المغربي وتتضمن %95 من تلاميذ التعليم الثانوي. وقد اعتمد تكوين العينة على طريقة الحصص وتحديد المتغيرات على أساس الجنس وشعب الدراسة. وبلغ عدد الشباب المستجوب 1271، موزعين على 276 مؤسسة للتعليم الثانوي، مما يعتبر، في رأي المندوبية، كافيا لتقدير كل خصائص العينة من رتبة %10 فأكثر وبهامش للخطأ لا يتعدى %7.

وهكذا، فعلى صعيد تصور الوضع الشخصي للشباب المغربي المستجوب، في أفق عام 2030، سجلت الدراسة طموحا كبيرا في تصور الوضع الاجتماعي، وهكذا رأى %74 من الشباب أنفسهم في وضعية أطر عليا و%23.2 في وضعية كوادر (أطر) متوسطة. كما رجح %65.2 من المستجوبين أن يكون مقر إقامتهم في المغرب و%36.3 في الخارج.

وفي ما يتعلق بتصورهم لوضعية بلادهم في الأفق المشار إليه، سجلت النتائج تركيز %29.3 من الشباب على القضايا الاجتماعية، مع وضع التنمية البشرية في صلبها والتنويه بإنجازات متقدمة في ميادين محاربة الأمية والبطالة والسكن غير اللائق.

واستخلصت الدراسة أن نظرة الشباب لوضعية بلادهم تتسم بتفاؤل كبير، يبدو جليا من خلال تصورهم مغربا وصل إلى مستوى عال من التطور، بل وأصبح قوة اقتصادية وتكنولوجية وعسكرية كبرى. وهذا ما استنتج من ثلاثة أرباع الأجوبة التي تم استقاؤها من البحث، على أن أجوبة %10.9 من الشباب ظلت أقرب إلى التشاؤم وتميزت %6.2 منها بنظرة سوداوية.ولم يفت الدراسة أن تحاول معرفة الوضع الدولي، من خلال آراء وتوقعات المستجوبين، وتميزت العناوين التي تخيلها الشباب المعني، بغير قليل من التناقض الميال إلى التشاؤم. ويظهر أن هذه النظرة تأثرت نسبيا بالأحداث التي يعرفها الوضع الدولي الحالي، وما للقوى العظمى من دور فيه، إذ عكست %25 من الأجوبة نظرة سلبية لواقع العالم ودور الولايات المتحدة الأميركية على الخصوص فيه، في حين اتجهت %12 من الأجوبة إلى ترجيح عالم يتسم بتقليص الفوارق الدولية وتعدد الأقطاب وسيادة السلام.

وعن توزيع وسائل الإعلام في سنة 2030 حسب الأجهزة الإعلامية جوابا على السؤال «ما هي وسيلة الإعلام التي يستعملها المستجوب في سنة 2030 للإطلاع على المستجدات؟»، اتضح أن 71.4% من العينة تستعمل الإنترنت و13.4% التلفاز و8.7% وسيلة أخرى جديدة لم تخترع بعد، فيما يلجأ 5.6% إلى الجريدة و0.9% إلى جهاز الراديو.

كما طرح على الشباب المستجوب سؤال «أنتم في 2030 وتستعدون لمباشرة يوم جديد، تخيلوا أهم عنوان يعالج مستجدا ما واكتبوه كما ورد في وسائل الإعلام الصادرة في هذا اليوم»، وطلب منهم إعطاء عنوانين، يرتبط أحدهما بالمستجد الوطني والآخر بالمستجد الدولي.

وهكذا في ما يخص المستجد الوطني، تمحورت الأجوبة حول ستة مجالات وهي: «المجتمع» و«السياسة» و«الاقتصاد» و«العلوم والتكنولوجيا والاكتشافات» و«الرياضة» و«الثقافة والحوارات».

وبذلك اتضح أن مجالات اهتمام الشباب في 2030 تتعلق، حسب الترتيب التنازلي، بقضايا المجتمع بنسبة 29.3 %والسياسة بنسبة 17.6% و«العلوم والتكنولوجيا والاكتشافات» بنسبة 12.8% والرياضة بنسبة 10.4% والثقافة بنسبة تتجاوز قليلا سقف الـ5 بالمائة.ويبين توزيع الذكور، حسب المجالات، أن «السياسة» تتصدر أولى الاهتمامات بنسبة 28.7% يليها «المجتمع» بنسبة 25.5% و«الاقتصاد» بنسبة 16.7% و«علوم وتكنولوجيا واكتشافات» بنسبة 11.8% و«الرياضة» بنسة 11.5% و«الثقافة» بنسبة 4.4%. أما بالنسبة للإناث، فيأتي «المجتمع» على رأس الاهتمامات بنسبة 33.2% ويليه كل من «الاقتصاد» بنسبة 18.6% و«السياسة» بنسبة 18% و«علوم وتكنولوجيا واكتشافات» بنسبة 13.8% و«الرياضة» بنسبة 9.2% وأخيرا «الثقافة» بنسبة 6.0%.وتباينت نسبة الاهتمام في هذا المجال حسب وسط الانتماء، فبالنسبة للشباب المتحدر من الوسط الحضري، يتصدر «المجتمع» مجالات اهتماماتهم بنسبة 30.3% تليه مجالات «السياسة» بنسبة 22.9% و«الاقتصاد» بنسبة 17.8% و«علوم وتكنولوجيا واكتشافات» بنسبة 12.7% و«الرياضة» بنسبة 9.8%، فيما تأتي «الثقافة» في الرتبة الأخيرة بنسبة 5.1%. أما الشباب المتحدر من الوسط القروي، فإن مجال «السياسة» هو المتصدر لاهتماماتهم بنسبة 26.2% ليأتي «المجتمع» في الرتبة الثانية بنسبة 23.2% ثم تليهما مجالات «الاقتصاد» بنسبة 16.5% و«الرياضة» بنسبة 14.6% و«علوم وتكنولوجيا واكتشافات» بنسبة 13.4%، فيما تأتي «الثقافة» في آخر الترتيب بنسبة 6.1%.

وفي موضوع التشغيل والبطالة، ورد القضاء على البطالة في 77 عنوانا، أي 24.2% من مجموع العناوين المرتبطة بالموضوع و6.1% من مجموع الأجوبة. وفي نفس السياق، أورد 22 عنوانا أنه . تم خلق فرص الشغل بشكل كبير يمكن من امتصاص البطالة وخاصة عند الشباب. لكن عكس ذلك، يفيد 12 عنوانا أن البطالة ازدادت حدة في 2030، وهو ما يشكل 3.8% من عناوين الموضوع و0.9% من مجموع الأجوبة. وعن ظروف المعيشة أشار 32 عنوانا إلى تحسن ظروف عيش المغاربة، وهو ما يشكل 10.1 %من العناوين المتعلقة بالتنمية البشرية و2.5% من مجموع الأجوبة. مكنت المجهودات المبذولة في ميدان التنمية البشرية المغرب من تحسين وضعيته في الترتيب الدولي حسب مؤشر التنمية البشرية، حيث يحتل الرتبة 40، بل الرتبة الثالثة. يعد تثمين الشباب ثروة بالنسبة للمغرب، كما هو الشأن بالنسبة لإدماج المرأة، أسوة بالرجل، في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. كما ان ممارسة التسول وتعاطي المخدرات في طور الاندثار، إضافة إلى تعميم الماء والكهرباء على المستوى الوطني ووجود مدن نظيفة.

وفي الجانب السياسي للدراسة، تمت إثارة القضايا المتعلقة بالوحدة الترابية للمغرب أو باحتلال الأراضي المغربية في 119 عنوانا أي 40.1% من عناوين الموضوع و9.4% من مجموع الأجوبة، مما أعطى إمكانية التمييز بين ثلاثة مستويات كان على رأسها تسوية مشكل الصحراء، حيث ترددت هذه القضية في 50.4% من العناوين الخاصة بالوحدة الترابية، أي 4.7% من مجموع الأجوبة. ولقد وجد مشكل الصحراء طريقه إلى الحل النهائي عبر الاعتراف بمغربية الأقاليم الجنوبية. وقد تم التوصل إلى هذا الحل، حسب بعض العناوين، عبر المفاوضات مع الجزائر أو نتيجة اعتراف المجتمع الدولي. ولوحظ أنه تم في الغالب ربط قضية الصحراء باسترجاع سبتة ومليلية. كما تشير بعض العناوين إلى انهيار البوليساريو وعودة المغاربة المحتجزين في تندوف إلى أرض الوطن. وبخصوص استرجاع سبتة ومليلية المحتلتين من طرف إسبانيا، تكرر تحرير سبتة ومليلية في 52 عنوانا (43.7% من الموضوع و4.1% من المجموع)، وحسب بعض العناوين فإن المغرب سيسترجع الثغرين المحتلين، ويفلح في تحقيق وحدته الترابية. وحسب بعض العناوين يتم استرجاع هاتين المدينتين عن طريق مفاوضات سلمية أو بعد مواجهات عسكرية مع إسبانيا.

كما تم التطرق إلى علاقات المغرب مع أوروبا في 39 عنوانا (68.4% من الموضوع و3.1% من المجموع). وتم على العموم التصريح بانضمام المغرب إلى الاتحاد الأوروبي سنة 2030. وصرح البعض باندماج المغرب اقتصاديا مع الأوروبيين أو من خلال شراكة قوية.

ولم يكن موضوع الإرهاب غائبا عن اهتمام المستجوبين، إذ تم التطرق إليه في 11 عنوانا (22.4% من الموضوع و0.9 % من المجموع)، حيث أعلنت 9 عناوين القضاء على الإرهاب وإلقاء القبض على آخر التنظيمات أو خلايا الإرهاب. لكن هذا لا يمنع، حسب بعض العناوين، من مهاجمة الشبكة الكهربائية للبلاد محدثا بذلك عطبا عاما أو القيام بتفجيرات جديدة بالدار البيضاء.

على المستوى السياسي، وردت إشارات تتعلق بتعيين امرأة في منصب وزير أول واستقالة الوزير الأول نتيجة بعض الصعوبات وتعيين حكومة جديدة أو تشاجر في البرلمان، ووصول بعض الأحزاب إلى السلطة كحزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية والبديل الحضاري.

وعلى الصعيد الاقتصادي، صور المستجوبون دخول المغرب في 2030 غمار اقتصاد المعرفة، حيث يحقق تقدما مهما في ميدان الصناعة الإلكترونية ويتم تدشين شركة كبيرة للإعلاميات بسيدي قاسم وتحسين البنيات التحتية (الطرق، السكك الحديدية). كما تم فتح خط جديد للحافلة الكهربائية وبناء مدينة للترفيه وتدشين أول مركز تجاري عالمي كدليل على انخراط البلاد في العولمة.

كما أعلنت أغلبية العناوين في هذا الصنف عن اكتشاف البترول بالمغرب في الأقاليم الجنوبية بالنسبة للبعض أو بجهات أخرى كالجديدة. وتعتبر هذه الاكتشافات في نظر العديد من العناوين، الأهم في العالم وتضع المغرب كأول دولة من حيث الاحتياطات البترولية.