مصادر فرنسية: لا يمكن الاستمرار في النقاش إلى ما لا نهاية.. لا بد من قرار

تضييق نقاط الخلاف بين باريس وواشنطن حول مشروع قرار مجلس الأمن

TT

فيما تستمر المناقشات في مجلس الأمن الدولي بين الدبلوماسيين الفرنسيين ونظرائهم الأميركيين للوصول الى تفاهم حول مشروع قرار يدعو الى وقف فوري للعمليات العسكرية بين إسرائيل و«حزب الله»، قالت مصادر فرنسية رسمية إنه «لا يمكن الاستمرار في النقاش الى ما لا نهاية» وإنه «من الضروري في لحظة أو في أخرى الانتقال الى المرحلة اللاحقة» أي التصويت على مشروع القرار.

وتعتبر باريس أن الموقف الفرنسي يحظى بدعم وتفهم أكثرية أعضاء مجلس الأمن. غير أنه من الصعب على فرنسا طرح مشروع قرارها على التصويت إن لم يكن يحظى بدعم واشنطن، ليس فقط لأن واشنطن يمكن أن تستخدم حق النقض (الفيتو)، بل لأن قرارا يصدر عن مجلس الأمن لا تدعمه الولايات المتحدة الأميركية سيعطل إقناع إسرائيل بقبوله واحترام بنوده. وحتى الآن، تعتبر باريس أنها نجحت في حلحلة الموقف الأميركي جزئيا، إذ قبلت واشنطن المنطلق الأساسي للمشروع الفرنسي القائم على ثلاث مراحل متلاحقة؛ هي وقف العمليات العسكرية بانتظار إعلان وقف دائم لإطلاق النار، والتوصل الى اتفاق سياسي مقبول من الأطراف، وأخيرا تشكيل ونشر قوة دولية تكون مهمتها الإشراف على تطبيق مضمون الاتفاق السياسي والسهر على تنفيذ مضمون القرار الدولي.

وتشدد باريس، وفق مصادرها، على أهمية التوصل الى توافق حول العناصر السياسية التي سيتضمنها القرار الدولي. وتدور النقاشات في الوقت الحاضر على مجموعة من العناصر؛ منها تحديد ما يمكن أن يعنيه «وقف فوري للعمليات العسكرية». وبحسب مصادر متعددة ومنها فرنسية، فإن واشنطن تريد ان توفر لإسرائيل إمكانية التصرف وهامشا من المناورة رغم قبول وقف العمليات العسكرية، بينما تطالب باريس بـ«وقف كامل وشامل للعمليات العسكرية، ولذا فإنها تشدد على ضرورة التوافق المسبق على العناصر السياسية الرئيسية لمشروع القرار»، التي لا يمكن من دونها احترام وقف النار. ولا ترى باريس غضاضة في أن يصدر عن مجلس الأمن قراران بدل قرار واحد؛ الأول يدعو الى وقف فوري للعمليات العسكرية ويتضمن العناصر السياسية الواردة في مشروع القرار الفرنسي، فيما الثاني يتناول مسألة تشكيل القوة الدولية ويفصل مضمون الاتفاق السياسي والتدابير الأمنية المختلفة.

ومن العناصر الخلافية التي ما زالت موضع أخذ ورد، التضارب في المواقف بين إسرائيل و«حزب الله». فمن جهة، ترفض إسرائيل وقف النار ما لم تنتشر قوة دولية تعهد اليها بالأراضي التي سيطرت عليها داخل لبنان، وتضمن عدم تعرض اراضيها لصواريخ «حزب الله». ومن جهة أخرى، يرفض «حزب الله» وقف النار إلا إذا انسحبت إسرائيل سلفا من كل الأراضي اللبنانية التي احتلتها. وتندرج في بنود المواد الخلافية المقترح الفرنسي الداعي الى تضمين القرار بندا خاصا بمزارع شبعا ووضعها في عهدة الأمم المتحدة بانتظار أن يحسم أمرها. وتتمسك باريس بهذه النقطة لنزع ورقة المزارع من أيدي «حزب الله». وتقول المصادر الفرنسية إن إسرائيل ليست متحمسة لهذا البند، كما أن واشنطن ما زالت مترددة بشأنه. وتفترق باريس وواشنطن حول الدور الذي سيناط بالقوة الدولية. وحتى الآن، لم يتخل الأميركيون (والإسرائيليون بالطبع) عن فكرتهم القائلة إن احدى مهمات القوة الدولية هو نزع سلاح «حزب الله» وإن تطلب ذلك استخدام القوة العسكرية. غير ان فرنسا لا تقبل هذا الطرح رغم تمسكها بتوفير انتداب واضح للقوة الدولية وتمكينها من أن تكون قوية وفاعلة، إلا أنها ترفض أن تكلف باستخدام القوة لنزع سلاح «حزب الله». فباريس تعول على العمل السياسي والدبلوماسي وتعول على نزع الحجج التي يتمسك بها «حزب الله» وعلى خطة «النقاط السبع» التي أعدها الرئيس السنيورة وقبلها وزراء «حزب الله» و«أمل» فضلا عن ضغط الرأي العام اللبناني للانتهاء من مرحلة سلاح الميليشيات.

وتعتبر باريس أن الاتفاق السياسي الذي تريد تضمينه القرار الدولي يجب أن يتضمن قبول «حزب الله» بفكرة تخليه عن سلاحه، وفق ما ينص عليه اتفاق الطائف والقراران 1559 و1680. وتقول المصادر الفرنسية إن إسرائيل لا يمكن أن تقبل وقف النار، إلا إذا كانت متيقنة من أنه يوفر لها عددا من الشروط؛ أولها وضع حد لتهديد «حزب الله» لها بصواريخه وسلاحه. وبالمقابل فإن «حزب الله» لن يقبل وقف النار، إلا إذا اعتبر أنه يضمن له مطالبه؛ ومنها شبعا وانتفاء انتهاك إسرائيل للحدود والسيادة اللبنانية.

وحتى الآن ما زال النقاش في مجلس الأمن قائما حول المشروع الفرنسي الذي يضيف اليه الأميركيون والبريطانيون عددا من التعديلات. وتقول المصادر الفرنسية إن «ثمة خطوطا حمراء» في المشروع الفرنسي، وأن باريس ترفض تجاوزها ومنها المحافظة على توازن المشروع والحرص على ضمان السيادة اللبنانية وتحاشي العودة الى ما كان عليه الوضع في السابق، ناهيك من رفض فرنسا وضع جنودها في حالة صعبة ما بين إسرائيل من جهة و«حزب الله» من جهة أخرى.