المخابرات الإسرائيلية تبدأ مهمة لجمع معلومات عن قادة حزب الله لتصفيتهم

مصدر مقرب من «الجهاز» قال إن «الشاباك» و«الموساد» و«أمان» تتعاون معا لتنفيذ الخطة

TT

بعد سنين طويلة من التنافس الشديد والمشاحنات والتنافر، تتعاون أجهزة الأمن الاسرائيلية على اختلافها لجمع المعلومات الاستخبارية الدقيقة عن قادة حزب الله وملاحقة تحركاتهم بهدف اغتيالهم. وقد توصلت هذه الأجهزة الى هذا القرار لأنها باتت مقتنعة بان حزب الله استجمع قوة كبيرة من التأييد الشعبي اثر هذه الحرب وسيزداد قوة وبأسا إذا وضعت الحرب أوزارها من دون أن لم يتم اغتيال قادته.

وقال مصدر اعلامي مقرب من هذه الأجهزة، أمس، ان خطة لتجميع المعلومات الدقيقة قد انطلقت الى حيز التنفيذ، بجهد مشترك لجميع تلك الأجهزة معا. وان لدى هذه الأجهزة مصلحة عليا للنجاح فيها بعد مسلسل الاخفاقات الذي وقعت فيه ويعرضها لانتقادات شديدة لاذعة منذ بدء الحرب. وقد بنت خطتها الجديدة على اساس ان قادة حزب الله أصبحوا مشتتين الآن بعيدا عن بيوتهم، ولم يعودوا يشعرون بالأمان. ويضطرون الى الانتقال من مخبأ الى مخبأ.. ولا بد أن يقعوا في أخطاء أيا كانت، وعندها ستلوح في الأفق فرص الانقضاض عليهم وتصفيتهم فردا فردا أو جماعة». المعروف ان أجهزة الأمن الاسرائيلية كثيرة، لكن أهمها ثلاثة وهي: المخابرات العامة (الشاباك)، المخابرات الخارجية (الموساد) والاستخبارات العسكرية (أمان). وقد شهد تاريخ العلاقات فيما بينها العديد من حالات التوتر من جراء المنافسة الشديدة، التي بلغت في مرحلة معينة حد الشجار شبه العلني. وفي بعض الأحيان أدت هذه الخلافات الى حجب معلومات مهمة عن الطرف الآخر. ومع بداية الحرب الدائرة حاليا في لبنان، أصبحت هذه الأجهزة تعيش في ضائقة. فهي من جهة تبدو فاشلة، ومن الجهة الأخرى تعاني من الانتقادات التي تدخلها في حالة ضغط نفسي وتقيد حركتها. فقد أسمعت انتقادات شديدة الى أجهزة الأمن المذكورة، وخصوصا شعبة الاستخبارات العسكرية، بسبب اتضاح قلة المعلومات عن حزب الله واستعداداته للحرب. فقالوا ان المخابرات باتت مترهلة وكسولة ولا تعرف شيئا، تعميها الغطرسة والشعور بالقوة والعظمة، عن رؤية ما يجب أن تراه لدى العدو. وراحوا يرددون بأن الجيش فوجئ بقوة حزب الله وفوجئ بمقاومة مقاتليه وحسن تدريبهم ونوعية أسلحتهم وطرقهم التكتيكية الحربية. وباتت الكثير من الأسئلة تطرح وفيها اتهامات واضحة، مثل: لماذا لم تعرف اسرائيل ان السلاح الأساسي بأيدي حزب الله في الاشتباكات المباشرة هو الصواريخ المتطورة المضادة للدبابات من طراز سايمون 3 وسايمون 4، التي استطاعت اختراق دبابة ميركافا المتطورة، علما بأن معظم القتلى في صفوف الجيش الاسرائيلي سقطوا من تدمير هذه الدبابات بتلك الصواريخ؟! ويتضح ان الاستخبارات تلقت مئات البلاغات عن تواجد قادة حزب الله في أماكن تم قصفها وتبين انها كانت كاذبة أو بعيدة عن الواقع. فمن مجموع ما يقرب من 4000 هجوم لسلاح الجو الاسرائيلي، كانت هناك حوالي 1300 عملية موجهة لاغتيال قادة من حزب الله. ولم تفلح أي منها. علما بأن هذه الهجمات تسببت في دمار هائل واصابة أعداد هائلة من المدنيين، مثل القاء 23 طنا من المتفجرات على العمارة الفارغة في الضاحية الجنوبية من بيروت، والانزال في بعلبك وقصف قوة من الجيش اللبناني وغيرها. ومع استمرار القتال ومواصلة حزب الله الصمود والمحاربة، تزداد هذه الانتقادات وباتت تسمع فيها أقوال شبيهة بما قيل في اسرائيل عندما فوجئت اسرائيل بالهجوم الحربي المصري السوري المنظم في حرب أكتوبر العام 1973. والكلمات التي أسمعت في حينه مثل: «فساد» و«مصيبة كبرى»، بدأت تسمع اليوم وتكتب، أكان ذلك في وسائل الاعلام أو في الأروقة المغلقة. المعروف ان الاستخبارات العسكرية، التي تعتبر المتهم الرئيس في هذه الاخفاقات، تحاول منذ بداية الحرب رد الاتهامات. وهي تدعي انها زودت الجيش بتقارير عديدة تدل على اطلاع واسع بما يدور في حزب الله من استعدادات حربية، كان آخرها التقرير الذي سلمته الى الجيش في شهر أبريل (نيسان) الفائت. وقد حرصت مصادر في الاستخبارات على تسريب بعض ما جاء في هذا التقرير الى الصحف الاسرائيلية، أمس، وفيه تقول: «في السنوات العشر الأخيرة تمكن حزب الله من بناء قوة عسكرية كبيرة تتيح له ان يجابه هجوما اسرائيليا شاملا والصمود حتى انتهاء الهجوم. ويأخذ حزب الله في حسابه امتصاص هجوم من سلاح الجو مرفق باجتياح أرضي وقصف مدفعي من بعيد وانه يضع في حساباته أن يكون قادرا على الصمود والنفس الطويل ويوفر لقواته قدرات لوجستية في المناطق القريبة لساحات القتال».

ويقول تقرير الاستخبارات ان هناك احتمالا كبيرا لأن يستطيع حزب الله قصف العمق الاسرائيلي بالصواريخ، حتى لمسافة تصل الى تل أبيب. بل توقعت ان يقوم حزب الله بارسال طائرة بلا طيار للانفجار في مناطق اسرائيلية مأهولة.

ويتحدث التقرير المذكور أيضا عن قيام حزب الله ببناء 170 موقعا محصنا في لبنان، 40 منها في مناطق برية داخل الغابات وتحت الأنفاق. ويعزو جهاز الاستخبارات العسكرية فشل الجيش في انه لم يأخذ التقارير على محمل الجد وأبقاها بين أيدي القادة الكبار ولم يضعها بين أيدي القادة الميدانيين.