خاطفون ومسلحون يبحثون عن ضحايا بالجملة.. وينشرون الرعب في أحياء بغداد

الداخلية تتهم المليشيات.. ورئيس الوقف السني يتهمها ووزارة الدفاع بضم «عناصر مخربة»

TT

اصبحت بغداد مدينة للخوف والرعب، فلا يمر يوم او بالاحرى ساعة دون ان تسمع عن عملية اختطاف او قتل، مما جعل المراقبين يصفونها بمدينة الموت، ليختفي من ذاكرة الناس كونها «مدينة السلام».

وتؤكد المعلومات المتوفرة لدى «الشرق الأوسط» ان اغلب عمليات الاختطاف يقوم بها لصوص محترفون واصحاب سوابق فضلاً عن مجاميع مسلحة ترتدي الزي الرسمي لقوى الامن ويضيفون اليها العمليات التي تنفذها الميليشيات المسلحة، اما القاسم المشترك بينهم فهو الخطف والقتل.. والضحايا هم من أبناء هذه المدينة.

ولا يقتصر الخطف في عراق اليوم على خطف فرد من عائلة او موظف في شركة او حتى رجل بسيط بل تجاوز الامر ذلك ليصل الى خطف الاطفال الذين اصبح الخاطفون يستخدمونهم ورقة ضغط قوية على ذويهم لاجبارهم على دفع فدية غالباً ما تستدعي من ذوي المخطوفين بيع ممتلكاتهم أو الاستدانة في احيان كثيرة. ثم استجدت ظاهرة خطف خطوط نقل موظفي الدوائر الحكومية والشركات الخاصة (وغالباً ما تكون سيارات ذات 18 راكبا نوع «كيا»)، لتأتي عملية الاثنين الماضي باختطاف 12 موظفاً من غرفة التجارة الاميركية العراقية في منطقة عرصات الهندية القريبة من حي الكرادة الذي شهد قبل ايام سلسلة اعمال تفجير طالت الاهالي والممتلكات من قبل مجموعة ترتدي زي الشرطة وتستقل سيارات رسمية، لم يكف الخاطفين العدد الذي خطفوه فأضافوا إليه في «جولتهم» هذه 13 شخصاً من مراجعي شركة الراوي للهواتف الجوالة الواقعة جنب (غرفة التجارة).

احمد عبد الغفور السامرائي، رئيس الوقف السني، يرى في ظاهرة الخطف الجماعية والتي كان للوقف نصيب منها اثر اختطاف منتسبيه في منطقة «ابو غريب» قبل اسابيع ظاهرة غريبة على العراق والعراقيين، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» ان الاتصالات مقطوعة بين الوقف والخاطفين «وان كانت هناك مفاوضات جانبية، ولكن الامل ضعيف بالافراج عنهم، سيما وان هذه المجموعات نادراً ما تفرج عمن تختطفهم». وتابع «ان الاساليب الاستفزازية التي تقوم بها المجموعات الخاطفة من تسجيل اصوات بكاء المخطوفين او تعذيبهم على مسمع من اهاليهم ما يؤدي الى بث مزيد من الرعب والضغط النفسي عليهم». وعن خلفية هذه المجموعات قال السامرائي «اغلب العمليات تقوم بها المجموعات الارهابية والميليشيات المسلحة سيما وان اعداداً كبيرة منهم انضموا الى كوادر وزارتي الدفاع والداخلية، وان ولاء الكثيرين منهم ليس للوطن وانما لجهات معينة تغذيهم»، ويزيد «عادة يأتي الخاطفون بمعية مجموعة ترتدي الزي الرسمي للشرطة لاعطائهم الصفة الرسمية بانجاز عملياتهم ومتى ما عارضهم الاهالي سوف يكونون بمأمن واذا ما واجهوا اي معارضة فان نصيب المعترضين اما الاعتقال واتهامهم بالارهاب او القتل وعن الحلول لاجتثاث هذه العناصر لفت رئيس الوقف السني الى ان «الكرة الآن في ملعب وزارة الداخلية التي يجب ان تطهر دوائرها، وللاسف هناك اعداد كبيرة منهم ما يزالون لحد الآن يعملون تحت غطاء قوى الأمن»، مضيفا «الاوراق مختلطة وكأن هناك دولة داخل دولة ووزارة داخل وزارة والمواطن هو من يدفع الثمن». ويستدرك «ارى ان يحل منتسبو وزارة الداخلية والسماح للمتطوعين الجدد يتم قبولهم متوازناً وعادلاً وفق الامانة والخبرة والولاء للوطن، ومصادرة جميع السيارات المضللة التي اصبحت صفة ملازمة لاغلب العمليات، بالاضافة الى النظر الى كون اغلب الفرق ونقاط التفتيش وحتى مراكز الشرطة لا يكون فيها عدد متوازن من جميع فئات الشعب».

وفي السياق ذاته، اكد اللواء عدنان ثابت، المسؤول في وزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» ان ظاهرة الاختطاف الفردية منها والجماعية تقوم بها ثلاث مجموعات مسلحة «الاولى تشكلها الميليشيات والتي تكون عادة مرتبطة بالاحزاب والكتل السياسية بالاضافة الى ان هناك انشقاقات داخل هذه الميليشيات ادت الى ظهور مجموعات اضافية راحت تعبث بأمن المواطن والبلد، والثانية عصابات مجرمة غايتها الوحيدة اختطاف المواطن البريء سواء كان راشداً او طفلاً لابتزاز ذويهم مادياً اشباعاً لرغباتهم المنحرفة، والثالثة دافعها العداء الشخصي عن طريق تكليف اشخاص مجرمين لقاء مبلغ معين بغرض اختطاف شخص يكون بدافع العداوة والبغضاء».

واضاف ثابت «ان الاجهزة الامنية القت القبض على شبكتين تقومان باعمال الخطف والقتل واغلب اعضائهما من الضباط في الجيش السابق تم القبض عليهم بمساعدة الاهالي»، مؤكداً انه «بهذه الخطوة بدأنا نضيق الخناق على كل من تسول له نفسه ان يبتز العراقيين ويرهبهم». وعن ارتداء اغلب هذه المجاميع (الخاطفة) لزي الشرطة قال اللواء ثابت «لقد اصدر وزير الداخلية اوامر وتعليمات بمعاقبة كل امر قاطع يحصل خرق في قاطعه وسيكون هو المسؤول الاول عن ذلك» وزاد «سيكون دور القوات الاميركية خلال الخطة الامنية الجديدة اسناد القوات العراقية لا سيما وانهم يتمتعون بتقنيات عالية وخبرة تعيننا على كبح الارهاب في البلد»، مشيراً «سوف يظهر على شاشات التلفاز قريباً منفذو تفجيرات الكرادة ومدينة الصدر». وعن جنسيات منفذي العمليات قال «اغلبهم من العراقيين».

الى ذلك، وردا على سؤال حول ارتداء مجموعات الخاطفين الزي الرسمي لقوات الأمن، قال مسؤول في وزارة الدفاع، فضل عدم ذكر اسمه ان «أي جهة او عصابة تستطيع ان تستحوذ على زي الشرطة سواء من الاسواق او من افراد من الاجهزة الامنية، سيما وان اغلب العصابات تأتي بهيئة مغايرة ويستعملون الصفة الرسمية للتمويه كي يعطوا لانفسهم الصفة التي تخولهم الدخول لاي مكان ولادخال الرهبة في قلوب المواطنيين»، مؤكداً ان «الحل الامثل لهذه المشكلة هو باعادة تقييم للعاملين في وزارتي الداخلية والدفاع وان يكون هناك اساس مدروس على اساسه يتم قبول المنتسب بحسب الكفاءة والخبرة والشعور بالمسؤولية تجاه الوطن».