عون «يعارض كليا» نشر قوة دولية.. وواشنطن تلمح لتشكيل قوة «رد سريع» مؤقتا

بلجيكا وماليزيا مستعدتان لإرسال قوات .. وأولمرت لا يعارض وجود قوات ألمانية

TT

أعلن قائد الجيش اللبناني الأسبق العماد ميشال عون، زعيم التيار الوطني الحر، انه «يعارض كليا» نشر قوة متعددة الجنسية في جنوب لبنان، في إطار الجهود لإنهاء التصعيد في المنطقة. وفيما عرضت ماليزيا ارسال 1000 من قواتها للمشاركة في القوات الدولية التي يمكن نشرها في الجنوب، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ان بلاده لا تمانع في مشاركة قوات المانية ضمن القوات الدولية. ومن ناحيته، لمح المندوب الاميركي في الامم المتحدة جون بولتون الى انه من الممكن تشكيل قوة «رد سريع» مؤقتا لتنتشر في الجنوب لحين الاتفاق على تشكيل قوة دولية. وأوضح العماد عون في مقابلة مع صحيفة «الفيغارو» الفرنسية نشرتها أمس: «أعارض كليا هذه القوة»، موضحا ان «هذه القوة لن تجلب الاستقرار ابدا بل على العكس ستتسبب بحرب جديدة. ستكون قوة احتلال لمحاربة حزب الله ولضمان أمن اسرائيل». يشار الى ان العماد عون وقع في الربيع الماضي ورقة تفاهم مع حزب الله. وأضاف العماد عون وهو نائب في البرلمان اللبناني «ان وقفا لاطلاق النار يكفي. يمكننا ان نضمن احترامه. يجب ان يقبل الاسرائيليون مبدأ التفاوض»، منددا بأن يكون المدنيون اللبنانيون اولى ضحايا النزاع القائم. واوضح في هذه المقابلة «أطالب بتشكيل محكمة دولية لمحاكمة المسؤولين الاسرائيليين على جرائم الحرب التي ارتكبوها ضد هؤلاء المئات من اللبنانيين الذين قتلوا بقنابلهم». ودافع العماد عون وهو من حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، عن الحوار مع حزب الله وقال «بالحوار يمكن ان نصل الى دمج ذارعه العسكرية باشراف الدولة في الجيش اللبناني بعد ان يستعيد لبنان اراضيه واسراه المعتقلين في اسرائيل». وفيما المشاورات ما تزال حول القوات الدولية وتشكيلها والمهام المنوطة بها وعددها، تبحث في اروقة الامم المتحدة في نيويورك وبين الدول الكبرى، اعلنت ماليزيا استعدادها لارسال الف جندي الى لبنان ما ان يسمح وقف لاطلاق النار بوضع حد للهجوم الاسرائيلي. ونقلت وكالة الانباء الماليزية الرسمية (بيرناما) عن قائد القوات المسلحة الماليزية الادميرال محمد انوار «سنرسل وحداتنا حسب طلبات البلد ونقوم حاليا بانهاء الاستعدادات لرحيلها». واشار انوار الى ان ماليزيا سترسل سيارات مدرعة وجنودا مزودين بالمعدات المناسبة. ورأى رئيس الوزراء الماليزي عبد الله احمد بدوي في اجتماع عقد اول من امس لمنظمة المؤتمر الاسلامي الذي تترأسها بلاده حاليا ان على العالم الاسلامي ان «يلعب دورا اكثر نشاطا» وان يشارك «في قوة لحفظ السلام تحت راية الامم المتحدة» موضحا ان «ماليزيا مستعدة للقيام بذلك». ومنظمة المؤتمر الاسلامي التي التأمت في ماليزيا هي اكبر تجمع مسلم في العالم وقد طالبت بوقف فوري لاطلاق النار في لبنان.

وقال المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء «العرض الماليزي ما زال قائما الا انه حتى الان لم يتم الاعلان عن وقف لاطلاق النار». واضاف ان «ماليزيا مستعدة لتوفير كتيبة بعد اقامة وقف لاطلاق النار». واشار الامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي اكمل الدين احسان اوغلي التركي الى ان «دولا عدة اعربت عن استعدادها لارسال قوات» على ان تدمج بقوة انتقالية للامم المتحدة (فينول) «موسعة».

واعتبر الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانغ يودويونو الذي يقود اكبر دولة مسلمة في العالم من حيث عدد السكان ان «دول منظمة المؤتمر الاسلامي» عليها ان تشكل «قسما كبيرا» من القوة. واعربت الولايات المتحدة عن ثقتها في ان التوصل الى قرار من مجلس الامن الدولي حول النزاع في لبنان اصبح «مسألة ايام» وامرت دبلوماسييها بالعمل اليوم وغدا خلال عطلة نهاية الاسبوع اذا لم يتم التوصل الى اتفاق. وقالت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس «نقترب بكل تأكيد» من التوصل الى اتفاق. الا ان المسؤولين الاسرائيليين اكدوا انهم يحتاجون لعدة ايام اضافية للتوصل الى اهدافهم وتحدث وزير العدل الاسرائيلي حاييم رامون عن احتمال انهاء الهجوم في حوالي 12 اغسطس (آب). واشار رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت الى ان بلاده تريد ان تنتشر قوة دولية «قوية» من 15 الف جنديا في جنوب لبنان قبل وقف لاطلاق النار.

وفي تطور آخر، اعرب اولمرت عن «امله» في ان تشارك المانيا في القوة الدولية التي قد تنتشر في جنوب لبنان، وذلك في مقابلة مع صحيفة «سودويتش تسايتونغ» الالمانية نشرتها امس. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي «اتمنى ان يشارك جنود المان ايضا (في هذه القوة). قلت للمستشارة انغيلا ميركل انه لا مشكلة لنا على الاطلاق مع وجود جنود المان في جنوب لبنان». ويدور نقاش حاليا في المانيا حول مشاركة الجيش الالماني في قوة الفصل هذه. ويعتبر جزء من الطبقة السياسية ان الجنود الالمان لا يمكن ان يعتبروا كمحايدين في الشرق الاوسط بسبب الماضي النازي لالمانيا والمحرقة اليهودية وهم لا يستطيعون اطلاق النار على جنود اسرائيليين. وبالنسبة لهذا النقاش، تساءل اولمرت «لماذا يجب ان يطلق جنود المان النار على اسرائيل؟ سيكونون جزءا من قوات ستدافع عن اسرائيل». وأضاف «لا يوجد اي دولة حاليا تتصرف بشكل ودي اكثر من المانيا تجاه اسرائيل»، كاشفا ان «المانيا بامكانها ان تساهم في امن الشعب الاسرائيلي». وأوضح «سأكون مسرورا جدا في حال شاركت المانيا». ومن جهة اخرى، اعرب اولمرت عن شكوكه حيال اقتراح وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير حول اشراك سورية في البحث عن حل للنزاع. وتساءل «ألا تعتقدون ان سورية كانت ستنتهز ومنذ زمن طويل الفرصة للمشاركة في المحادثات لو كان هذا الامر يهمها فعلا؟».

وفي بروكسل، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء البلجيكي جي فيرهوفشتات ان بلجيكا مستعدة للمشاركة في قوة لحفظ السلام تابعة للامم المتحدة في لبنان اذا قررت المنظمة الدولية نشر قوات هناك بعد توقف القتال. وقال ديدييه سيووس المتحدث باسم رئيس الوزراء «هناك موافقة من حيث المبدأ من جانب الحكومة. سنحتاج الى ان نعرف بصورة محددة ما هو تفويض قوة حفظ السلام التابعة للامم المتحدة وما يمكننا المشاركة به». وحتى يتم الاتفاق بين الدوى الكبرى على تشكيل القوات الدولية، يتعين العمل على تسوية مشاكل وعوائق دبلوماسية وسياسية ولوجستية قبل ارسال اي قوة. وتضع اسرائيل وحزب الله شروطا قبل الموافقة على قوة كهذه. ويقول بيل ديرتش خبير قضايا حفظ السلام في «هنري ستمسون فاونديشن» في واشنطن والمستشار لدى الامم المتحدة، انه يجب على حزب الله وقف اطلاق الصواريخ على اسرائيل كما يجب نزع سلاحه على الارجح. ومن جهة اخرى، يجب على اسرائيل ان «تتعهد احترام الحدود في الاتفاق» الهادف الى انهاء المعارك. ومن جهته، حذر اولمرت في مقابلة مع صحيفة «فايننشيال تايمز» من ان اسرائيل «ستفعل ذلك طالما ان القوة الدولية تقوم بعملها» موضحا ان بلاده تحتفظ بحق الرد على اي هجوم حتى بعد انتشار قوة دولية. وتابع قائلا «اعتقد ان هذه القوة يجب ان تتألف من 15 الف جندي. واعتقد ان هذا ما تفهمه الاسرة الدولية نوعا ما». وأضاف «يجب ان تتشكل من جنود حقيقيين وليس من متقاعدين يأتون لقضاء بضعة اشهر بهدوء في جنوب لبنان»، مشددا على ضرورة ان يكون هذا الجيش مؤلفا من «وحدات قتالية مستعدة لتطبيق قرار الامم المتحدة». وأكد ان القوات الاسرائيلية ستبقى في مواقعها في جنوب لبنان الى حين وصول القوة الدولية في حين اعلن حزب الله اول من امس انه يرفض وقف النار طالما بقي هناك جندي اسرائيلي فوق الاراضي اللبنانية. ويتعين على مجلس الامن الدولي ايضا الاتفاق على قرار مفصل يتعلق بتشكيلة القوة ومهامها مما قد يستغرق فترة من الزمن. ومن جهته، لمح المندوب الاميركي لدى الامم المتحدة جون بولتون الى تشكيل قوة رد سريع ترسل الى لبنان من اجل افساح المجال امام قوة دولية اكثر تماسكا. كما يثير السؤال عن البلد الذي سيتولى قيادة القوة مزيدا من الجدل. وقد اعلنت فرنسا استعدادها للمشاركة في القوة لكنها رفضت المشاركة في اجتماعات فنية اعلن عنها الاسبوع الحالي بسبب عدم وجود اتفاق على مهام هذه القوة. ومع ذلك، قال دبلوماسيون وخبراء ان عدم تولي فرنسا قيادة القوة الدولية سيشكل مفاجأة لهم.

وقال الكسي مالاشينكو من «مركز كارنيغي» في موسكو «بالامكان ايجاد بديل لاي كان. لكن لا يعقل وجود قوة دولية لحفظ السلام في لبنان من دون فرنسا. فلبنان يعتبر فرنسا بمثابة الضامن لأمنه». اما الدور الاميركي فهو مثير للجدل، وقال تيم ويليامس من «رويال يوناتيد سرفيسز انستتيوت» لوكالة الصحافة الفرنسية امس ان هناك «مشكلة تتعلق بصورة» الولايات المتحدة في الشرق الاوسط. لكن ديرتش يعرب عن اعتقاده بان قوة دولية من دون مشاركة اميركية قد تواجه مشاكل ايضا. وقال للاذاعة الاميركية «اذا لم يشارك الكبار فان الصغار سيترددون في المجيء». واضاف ان على الولايات المتحدة ان تكون جاهزة للقول «نحن لسنا فقط على استعداد لان نكون في الطليعة للعمل على تسوية سياسية، وانما ايضا لتحمل جزء من المخاطر ميدانيا».

وقد اعلنت الهند وتركيا واستراليا عن استعدادها للمشاركة في القوة اذا اقرتها الامم المتحدة. لكن هذه القوة لن تكون عملاتية قبل فترة ستة اشهر ربما، وذلك بسبب العوائق اللوجستية، وفقا لبوب ايرز من «شاتم هاوس» في لندن. كما ان المشاركين المحتملين قلقون حيال مقتل اربعة من مراقبي الامم المتحدة في قصف اسرائيلي اصاب مركزهم في جنوب لبنان الاسبوع الماضي.