فرنسا وأميركا تتفقان على قرار يدعو لوقف الاقتتال.. وإعطاء إسرائيل حق الرد على الهجمات

باريس عدلت عن «وقف النار الفوري».. و«حزب الله» يرد: .. سنوقف الهجمات شرط انسحاب إسرائيل

TT

أعلنت فرنسا والولايات المتحدة الاميركية انهما توصلتا لاتفاق بشأن مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للامم المتحدة يدعو الى وقف القتال بين اسرائيل ومقاتلي حزب الله كخطوة اولى نحو تسوية سياسية للصراع، بدون الدعوة لوقف فوري لإطلاق النار، وبدون دعوة اسرائيل للانسحاب من الاراضي اللبنانية، كما ان مشروع القرار يسمح لإسرائيل بالرد عسكريا على اي هجمات تتعرض لها. وأعلنت الامم المتحدة ان مجلس الأمن المؤلف من 15 دولة سيتسلم نص مشروع القرار لمراجعته، ومن المتوقع اجراء تصويت عليه خلال الايام القليلة القادمة. وقال بيان صادر عن مكتب الرئيس الفرنسي جاك شيراك في باريس ان مشروع القرار يدعو الى «وقف كامل للعمليات الحربية والتزام بالعمل للتوصل لوقف دائم لإطلاق النار من اجل حل طويل الاجل». الا انه لا يحدد موعدا لوقف العمليات الحربية.

وكانت مسودة القرار الفرنسية تدعو الى انهاء «فوري» للقتال، غير انها تغيرت لاحقا بضغوط اميركية. وقال أحمد فوزي المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في تصريحات بثتها «إذاعة واشنطن بوست» إن القرار يتضمن عبارة وقف القتل وأعمال العنف ولا يتضمن عبارة وقف إطلاق النار بوضوح. وأجريت المفاوضات عبر الهاتف بين لندن وباريس وفي نيويورك بين السفير الاميركي جون بولتون ونظيره الفرنسي جان مارك دو لا سابليير. واجرى المفاوضون اتصالات مع مسؤولين اسرائيليين ولبنانيين. وقال بولتون للصحافيين امس «توصلنا الى اتفاق مع الفرنسيين بشأن مسودة قرار. نحن مستعدون للتحرك بالسرعة التي يريد الاعضاء الآخرون في المجلس التحرك بها». وأضاف انه يعتقد ان اعضاء المجلس سيرسلون النص الى حكوماتهم بمجرد توزيعه ويعودون بالموافقة او بتعديلات. وقال بولتون «نحن مستعدون لمواصلة العمل غدا (اليوم) لتحقيق تقدم بشأن مشروع القرار». وهناك قرار ثان متوقع بعد اسبوع او اثنين من صدور القرار الاول يحدد شروط وقف دائم لإطلاق النار ويرخص بإرسال قوة دولية قد تقودها فرنسا في حالة توقف القتال.

ولم يتضح مصير الجنديين الاسرائيليين اللذين أدى اسرهما على يد حزب الله الى اشعال الصراع قبل اكثر من ثلاثة اسابيع. وقال السفير الاسرائيلي لدى الامم المتحدة دانييل ايالون لرويترز في مقابلة ان بلاده لن توافق على انهاء القتال الا اذا اطلق حزب الله سراحهما. وقال متحدث باسم حزب الله انه لن تكون هناك نهاية للقتال طالما بقيت القوات الاسرائيلية في لبنان.

من ناحيته، قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير انه قد يكون هناك وقف لإطلاق النار في لبنان خلال اليومين القادمين بعد ان اتفقت الولايات المتحدة وفرنسا على مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للامم المتحدة. وقال في بيان بثه التلفزيون «هذه خطوة اولى. ما زال هناك كثير لعمله. لكن ليس هناك سبب يدعو لعدم تبني هذا القرار الآن وان يكون لدينا وقف واقعي للعمليات الحربية خلال اليومين القادمين». وقال بلير بعيد الاعلان عن التوصل الى اتفاق بين فرنسا والولايات المتحدة على مشروع قرار يدعو الى وقف اطلاق النار في لبنان «ارحب بالتوصل الى» اتفاق، «انها خطوة اولى مهمة من اجل وضع حد لهذه الازمة المأساوية». الى ذلك، اشاد بلير بـ«عمل المندوب البريطاني في الامم المتحدة (سير ايمير جونز بيري) وزميليه الفرنسي والاميركي والاخرين في مجلس الأمن ما سمح بالتوصل لهذه النتيجة». وأضاف «لا يمكننا ولا ينبغي ان نتغاضى عن البعد الفلسطيني الذي هو السبب الاساسي لهذا النزاع (..) سأعمل بلا هوادة من اجل بث الروح من جديد في عملية السلام في الشرق الاوسط، وهي الطريقة الوحيدة للتوصل الى حل قابل للحياة على المدى البعيد مع وجود دولة فلسطينية تعيش الى جانب دولة اسرائيلية تنعم بالأمن».

غير ان «حزب الله» كان اقل تحمسا، اذ قال وزير لحزب الله ان حزب الله سيوقف اطلاق النار عندما يتوقف الهجوم الاسرائيلي المستمر على لبنان منذ 25 يوما شرط ان لا يكون هناك اي جندي اسرائيلي في لبنان. وقال محمد فنيش وزير الطاقة اللبناني التابع لحزب الله «عندما يتوقف العدوان. حزب الله بكل بساطة سيوقف اطلاق النار شرط ان لا يكون هناك اي جندي اسرائيلي داخل الاراضي اللبنانية». وكانت مصادر مطلعة قد قالت ان النص الفرنسى الاصلي قبل ادخال تعديلات اميركية عليه يدعو خاصة الى «وقف اطلاق نار فوري والى احترام صارم من الجانبين للخط الازرق» الذي يرسم الحدود بين اسرائيل ولبنان. لكن واشنطن قالت انها تفضل الاشارة الى اعمال العنف الحالية بعبارات اكثر غموضا. ويحدد مشروع القرار الفرنسي الشروط اللازمة لوقف اطلاق نار دائم ولحل دائم للنزاع الدائر بين اسرائيل وحزب الله. وتشمل هذه الشروط خاصة «الاحترام التام لسيادة وسلامة اراضي اسرائيل ولبنان واطلاق سراح الجنديين الاسرائيليين المخطوفين وتسوية قضية الاسرى اللبنانيين المعتقلين في اسرائيل اضافة الى التطبيق التام لاتفاقيات الطائف وقراري الامم المتحدة 1559 و1680 اللذين يطالبان بنزع سلاح كل الميليشيات في لبنان وبسط سلطة الحكومة على كل الاراضي اللبنانية». كما يقضي مشروع القرار بنشر قوة دولية في حال التوصل الى اتفاق سياسي «لمساعدة القوات اللبنانية على توفير بيئة آمنة والمساهمة في تنفيذ وقف اطلاق نار دائم». وتعد طبيعة هذه القوة الدولية وما ستؤول اليه حال القوات الاسرائيلية المنتشرة في الجنوب اللبناني من النقاط الحساسة في المفاوضات وفقا للدبلوماسيين.

الى ذلك، دعا الامين العام للامم المتحدة كوفى انان امس في سانت دومينغو مجددا الى وقف المعارك في لبنان. وقال انان الذي يزور جمهورية الدومينيكان في مؤتمر صحافي ان «عمليات القصف تتواصل والبنى التحتية دمرت. هذا الوضع لا يمكن ان يستمر طويلا لذلك اوجه نداء جديدا من اجل وقف الاعمال الحربية». وعبر عن امله في ان «يتم في الايام المقبلة تبني قرار يطلب من الاطراف (المتحاربة) وقف الاعمال القتالية وان يليه قرار ثان (...) لتتمكن الاسرة الدولية من نشر قواتها». من جهة اخرى، قال انان انه بحث في هذه المسألة مع رئيس الحكومة اللبناني فؤاد السنيورة ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الاميركي جورج بوش. وأكد مصدر في الامم المتحدة طلب عدم كشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية ان هذه الاتصالات جرت بالدائرة المغلقة وشارك فيها رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان. وأضاف هذا المصدر «لا يمكن التوصل الى السلام بالقوة العسكرية. قبل اندلاع هذه الحرب كان اللبنانيون بمن فيهم حزب الله، يتفاوضون حول عملية نزع اسلحة على المستوى الوطني».