رفض لبناني للمشروع الفرنسي والأميركي.. وولش قرّب وجهات النظر دون أن يطابقها

خلاف حول القوات الدولية ودورها

TT

لمس المسؤولون اللبنانيون الذين التقوا مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد وولش «تغييراً لافتاً في الموقف الاميركي من الازمة اللبنانية». لكن هذا التغيير لم يكن مرضياً بالكامل للجانب اللبناني. وقد خرج وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ عن «الكلام الدبلوماسي» فاتهم مجلس الأمن بـ«التقاعس عن اداء دوره»، معتبراً ان «موقف المجتمع الدولي يفسح في المجال امام اسرائيل لتدمير لبنان». وقال صلوخ لـ «الشرق الاوسط»: «ان مشروع القرار الفرنسي الاميركى غير مقبول»، مشدداً على ان لبنان لن يقبل بأن يفرض عليه اي قرار لا توافق عليه الحكومة اللبنانية، محذراً من «ان التأخر في استصدار قرار بوقف النار من شأنه تدمير لبنان وتحويله الى ارض محروقة لبناء الشرق الاوسط الجديد على خراب لبنان وجثث الضحايا» مضيفاً بحدة: «هكذا تريد الولايات المتحدة والدول التي تدعم اسرائيل».

وكان وولش وصل الى بيروت صباح امس فالتقى اولاً رئيس مجلس النواب نبيه بري المكلف التفاوض باسم «حزب الله». وخرج من الاجتماع من دون الادلاء بأي تصريح. لكن مصادر الرئيس بري قالت ان الاخير ابلغ وولش تمسكه بالموقف المعلن من قبله والمقبول من «حزب الله»، وهو وقف اطلاق النار الفوري والانسحاب الفوري للقوات الاسرائيلية. وذكرت المصادر ان وولش طرح بعض الافكار التي لا تزال موضع اخذ ورد. فيما بقي الخلاف في وجهات النظر قائماً حول موضوع القوات الدولية وهويتها ودورها.

وقال احد مساعدي بري لـ «الشرق الاوسط» ان الجانب الاميركي بدأ يقتنع بالحل على مرحلتين بدلاً من الحل بمرحلة واحدة، وفقاً لما حملته معها وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس الى بيروت الاسبوع الفائت. واشار الى ان وولش دخل في نقاش مع بري حول تفاصيل رؤيته للحل.

وبعد لقائه بري توجه وولش الى السرايا الحكومية حيث كانت تنتظره مظاهرة استنكار لزيارته. والتقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، يرافقه السفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان الذي وصف قبيل دخوله للقاء السنيورة الاجتماع مع بري بأنه «جيد ومثمر» وقال: «ان البحث مع الرئيس بري دخل في تفاصيل الامور. وقد استمعنا منه الى وجهة نظره في كيفية الوصول الى حل». ونقل فيلتمان عن الرئيس بري اصراره على «ضرورة الوصول الى حل لهذه الحرب». وعما اذا كان وولش حمل معه المشروع الاميركي ـ الفرنسي لأخذ موافقة لبنان، اكتفى السفير الاميركي بالقول: «لقد حملنا معنا الافكار التي تطرح في نيويورك، وتحديداً من خلال مداولات مجلس الأمن لمناقشتها مع الجانب اللبناني». وأكدت مصادر السنيورة لـ «الشرق الاوسط» وجود «تباين في وجهات النظر» مع المسؤول الاميركي. وقالت ان الفرنسيين والاميركيين ربما كانوا اتفقوا على مشروع قرار في ما بينهم لكنهم لم يتفقوا مع الحكومة اللبنانية.

وعقب لقائه السنيورة تلا وولش بياناً مكتوباً قال فيه انه اتى الى بيروت «في ظروف دقيقة جداً آملاً في التوصل الى وضع نهاية للعنف الفظيع الذي ادى الى قتل العديد من الابرياء وتدمير قرى ونزوح الكثير من المواطنين الذين توقعوا عودة الى الحياة الطبيعية في هذا الموسم». وأضاف: «انا حزين على الضحايا الذين سقطوا. ونؤكد للشعب اللبناني ان حلمه في رؤية بلد مزدهر ومستقر قد تأذى مرة جديدة. اقدر الفرصة التي اعطيت لي للقاء الرئيس بري والرئيس السنيورة، لاجراء مناقشات حول المواضيع من اجل المضي قدماً. وأنا اقدر وافهم وجود تحديات كبيرة على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. وهذه التحديات تواجه الحكومة اللبنانية. الرئيس جورج بوش والوزيرة كوندوليزا رايس مصممان على دعم لبنان كما الشعب الاميركي ايضاً. وأنا سأحرص على نقل المناقشات التي اجريتها مع الرئيسين بري والسنيورة. لقد حصل الكثير في الايام الماضية، ولكن يبقى التزام الولايات المتحدة تجاه لبنان قوياً، وهو مستمر وغير قابل للتفاوض. فالعلاقة بين الولايات المتحدة ولبنان تستند الى احترام متبادل والى مصالح مشتركة بين بلدين ديمقراطيين. وان الرابط بين دولتينا، اي العاطفة القائمة بين الشعبين اللبناني والأميركي وخصوصاً في هذه المحنة، يبقى قوياً جداً. الا ان التحديات التي يواجهها لبنان اليوم اصعب مما كنا نتصور منذ اسابيع، فهذا البلد الذي تضررت مرافقه وطرقه وحتى الوضع على صعيد الوقود يواجه تحديات اقتصادية اكبر من السابق».

كما قال وولش ان الادارة الاميركية مصممة «على ان نضع خلفنا نهائيا العنف الرهيب للاسابيع الثلاثة الماضية». وتابع للصحافيين «نريد ان نضع اطارا سياسيا وقوات دولية لتدعم الحكومة اللبنانية». وفي اشارة منه الى تعقد الحل في لبنان مع استمرار التصعيد العسكري، قال المسؤول الاميركي ان «التحديات التي نواجهها اليوم اصعب بكثير مما كنا نتصور منذ اسابيع عدة». وأضاف «هذا البلد الذي تضررت مصانعه ودمرت طرقاته (...) يواجه تحديات اقتصادية اكبر من السابق». وشدد وولش على ضرورة عودة النازحين عن جنوب لبنان الذين يقارب عددهم المليون نسمة. وقال «الذين تركوا بيوتهم هربا من العنف يجب ان يتمكنوا من العودة الى قراهم وبلداتهم في اسرع وقت ممكن». وفي اشارة الى وجود اعداد كبيرة من النازحين في المدارس التي تفتح ابوابها عادة في منتصف سبتمبر، قال «اطفال لبنان يجب ان يعودوا الى مدارسهم (...) ولطالما كان لبنان منارة الشرق الاوسط».

وفي اطار التحركات السياسية اتصل وزير الخارجية فوزي صلوخ امس بالامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى للبحث في الاجتماع الاستثنائي الذي سيعقده مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية في بيروت غداً والمواضيع التي ستبحث في هذا الاجتماع. وتم الاتفاق على اجتماع ثنائي عند وصول موسى الى بيروت اليوم لمزيد من التشاور. هذا، ويتوقع وصول وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى بيروت اليوم ايضاً حيث سيلتقي صلوخ والرئيس اللبناني اميل لحود ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة.