وزيرا العدل والداخلية المغربيان: المستقيلون من مجلس النواب خانوا الأمانة

أعلنا أنهما سيلاحقان كل متلاعب بالعملية الانتخابية

TT

أعلن كل من محمد بوزوبع، وزير العدل المغربي، وشكيب بن موسى، وزير الداخلية، أنهما سيلاحقان أمنيا وقضائيا كل من ثبت تورطه في التلاعب بالعملية الانتخابية لتجديد ثلث أعضاء مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان) المزمع إجراؤها يوم 8 سبتمبر (ايلول) المقبل.

وأكد المسؤولان المغربيان، اللذان كانا يتحدثان الى الصحافة في مؤتمر مشترك، عقد مساء أول من أمس بالرباط، أن مصالح وزارتهما اتخذت كل الاجراءات والتدابير الداعمة لهذا التوجه، قصد حماية الديمقراطية المغربية وتحصينها وتوفير وسائل الشفافية والنزاهة للوصول الى نتائج غير مطعون فيها.

ووصف الوزيران في معرض جوابهما عن سؤال لـ«الشرق الأوسط» النواب الذين قدموا استقالتهم من مجلس النواب، قبل انتهاء مدة انتدابهم بسنة، قصد خوض غمار انتخابات مجلس المستشارين بأنهم «خانوا الامانة»، لوجود عقد يربطهم بناخبيهم من خلال البرنامج الحزبي، الذي يصبح بدوره محط تشكيك، رغم أن القانون لا ينص على جزاءات في حق من يقدم استقالته من أحد مجلسي البرلمان.

وأشار الوزيران إلى أن الاخلاق السياسية تحتم على النواب احترام إرادة الناخبين، محملين جزءا من المسؤولية الى أحزابهم التي لم تتدخل لثنيهم عن تقديم الاستقالة، والى الاحزاب الأخرى التي قبلت منحهم تزكية الترشح.

واستبعد الوزير بوزوبع إمكانية فتح تحقيق مع المستقيلين من مجلس النواب، لغياب قرينة الادانة، التي تجعلهم محل متابعة قضائية، وقال بهذا الخصوص: «أتفهم انتقادات بعض الفرق النيابية لهذا النوع من السلوك، ولا يمكنني أن أعتبر ذلك دليلا على استعمال المال لشراء أصوات الناخبين، ويمكن فقط وصف ذلك بأنه شبهة بدون حجة، لأن القانون المغربي يعتمد مبدأ قرينة البراءة قبل الادانة»، في اشارة لما صرح به إدريس لشكر، رئيس فريق حزب الاتحاد الاشتراكي (غالبية حكومية) امس لـ«الشرق الاوسط».

وأوضح بوزوبع أن المشكلة المطروحة حاليا في الاستحقاقات الانتخابية المغربية تكمن في استعمال المال لافساد العمليات الانتخابية، بعدما توقف تدخل الادارة عن طبخ النتائج، وظلت بعض الحالات المعزولة التي تتصدى لها مصالح المراقبة بكل حزم، مشيرا الى أن وزارته أمرت الادعاء العام في المحاكم الابتدائية والاستئنافية تكليف ضباط الشرطة القضائية بشأن فتح تحقيقات حول حالات الغش، واتخاذ الاجراءات التأديبية اللازمة ضد أي شخص متورط في الاعمال المخالفة للقانون.

وأضاف بوزوبع أن دورية صادرة عن الوزارة تتحدث عن تدابير زجرية وفقا للقانون الجنائي الذي يعاقب كل متلاعب بإرادة الناخبين، موضحا ان الغش في الانتخابات يعد، حسب القانون المغربي، جريمة يعاقب عليها، إذ تصنف ضمن جريمة «خيانة الامانة»، ودفع الرشوة. ودعا بوزوبع المغاربة الى فضح كل تلاعب، والتبليغ عن كل عملية يستعمل فيها المال لشراء أصوات الناخبين، وحمل مسؤولية ذلك ايضا الاحزاب السياسية المتنافسة، التي تمنح التزكيات لمن لايستحقها، وحثتهم على عدم الانصياع الى رغبات من سماهم «المفسدين». بيد أن بوزوبع اعترف بصعوبة اثبات عملية بيع وشراء أصوات الناخبين، لغياب الية تضبط حالة التلبس. ولتجاوز هذا العائق اقترح الوزير المغربي على الأحزاب السياسية خوض حملة توعية لأعضائها المرشحين.

ودعا الصحف الى فضح أي ممارسة مخلة بالعملية الانتخابية، ونشرها لتصبح اداة تسهل فتح تحقيق، مشيرا الى أن عدد الشكاوى التي تلقتها وزارته عام 2002، وصلت الى 1239، كان مصدرها الصحف المغربية، وصدر بشأنها 161 حكما، فيما ظلت بعض القضايا رائجة حتى الآن في المحاكم.

من جهته، أعلن الوزير بن موسى عن إحداث لجان تتبع العملية الانتخابية على الصعيد المركزي والمحلي لتطبيق الاجراءات الواردة في المذكرة المشتركة بتنسيق مع الادعاء العام، مبرزا ان الحكومة أحاطت الانتخابات بما يكفي من الضمانات للوصول الى نزاهة يشهد بها الجميع، مذكرا بالنصوص القانونية التنظيمية وعقده لقاءات مع محافظي الأقاليم لتوعيتهم بأهمية تحصين الممارسة الديمقراطية، وزجر المخالفين.

وأوضح بن موسى أنه أصدر تعليماته الى جميع السلطات المحلية على مستوى الادارة الترابية لاستعمال كافة الوسائل المتوفرة للتصدي لأي ممارسة لا أخلاقية وغير قانونية، وتفعيل كل الاليات القانونية لضمان المصداقية اللازمة لهذه الانتخابات قصد تحقيق المصلحة العليا للبلاد. كما تحدث الوزير عن اجتماع عقده مع قادة الاحزاب السياسية الممثلة في البرلمان قصد اطلاعهم على ما اتخذ من تدابير وإجراءات، وتبادل وجهات النظر حول العملية الانتخابية ككل، مشيرا الى ان الجميع يتحمل مسؤوليته لضمان نزاهتها، من إدارة ترابية وجهاز قضائي وأحزاب سياسية وكذا الهيئات الناخبة، بدون إغفال مسؤولية وسائل الإعلام.

وقال بن موسى: «إن الهدف من كل الاجراءات المذكورة لا ينحصر فقط في إحاطة الاستحقاقات الانتخابية المرتبطة بمجلس المستشارين في حد ذاتها بشروط الصحة والمصداقية، بل يتجه الى غايات أسمى تتمثل في تحصين المسلسل الديمقراطي الوطني في أفق استحقاقات 2007 وما بعدها، وذلك بتوفير شروط الثقة والاطمئنان والتوجه نحو المستقبل بروح من التفاؤل».

وتدعو المذكرة المشتركة، التي تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منها، جميع السلطات الادارية المحلية والأمنية التزام الحياد الايجابي إزاء العملية الانتخابية برمتها وتبيلغ الادعاء العام والادارة المركزية ممثلة في «الخلية المركزية لتتبع الخروق الانتخابية» بجميع أنواع المخالفات المرتكبة، وتعبئة الاجهزة الأمنية للدولة على مستوى المحافظات باستغلال جميع وسائل المراقبة قصد التصدي في الحين لجميع المحاولات الرامية الى التأثير على إرادة الناخبين عن طريق استعمال وسائل غير مشروعة مثل اللجوء الى شراء الذمم أو التهديد أو الاكراه أو محاولة تحريف المسلسل الانتخابي عن أهدافه الرئيسية، مشددا على ضرورة الحرص على التقيد بالمقتضيات القانونية التي تمنع تسخير وسائل وأدوات مملوكة للدولة والبلديات والمؤسسات العمومية وشبه عمومية في الحملات الانتخابية، وإحداث ديمومة مستمرة في أيام العطل الاسبوعية على مستوى النيابات العامة ولدى مقار السلطات الادارية المحلية لتلقي الشكاوى والتظلمات، كما يتعين على محافظي الأقاليم إثارة انتباه المرشحين بضرورة التحلي بالسلوك السليم خلال مرحلة الحملة الانتخابية مع تذكيرهم بالإجراءات الزجرية في حالة القيام بمخالفات.