كوبا تتجاهل تصعيد واشنطن وتؤكد أن راؤول يمسك بزمام الأمور

رايس تخاطب الكوبيين: ملتزمون بمستقبل حر تحددونه أنتم

TT

في خضم التصعيد المتزايد من جانب الإدارة الأميركية لحث الشعب الكوبي على تحدي قيادته الشيوعية، في أعقاب مرض الزعيم الكوبي، فيدل كاسترو، 79 عاماً، وتولي شقيقه الأصغر مسؤولياته، وجهت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، كلمة لدعم الشعب الكوبي. وقد بثت كلمتها المسجلة عبر إذاعة وتلفزيون مارتي، الناطقة بالإسبانية والموجهة لكوبا، رغم أنه لا يعرف عدد الكوبيين، المقدر عددهم بنحو 11 مليوناً، الذين يتابعون أو يشاهدون هذه المحطة. وشددت كوبا اول من امس على ان راؤول كاسترو «يمسك بحزم بزمام السلطة» وان شقيقه الزعيم فيدل كاسترو يتعافى بعد خضوعه لعملية جراحية، فيما رفض النظام الكوبي الدعوات الاميركية الى «تغيير ديمقراطي».

وسارعت كوبا الى رفض دعوة أميركية أخرى للديمقراطية فيما بدأت حكومة الرئيس الكوبي فيدل كاسترو تكسر الصمت الذي أعقب الجراحة التي أجريت له وتسليمه السلطة مؤقتا لشقيقه راؤول.

ولم يظهر أي من الاخوين كاسترو منذ الجراحة التي أجريت لفيدل يوم الاثنين الماضي لوقف نزيف داخلي لكن عضوين في الحكومة أكدا أن كل شيء على ما يرام بالنسبة لصحة الزعيم الشيوعي الكوبي.

وتأتي كلمة رايس هذه بعد أقل من 24 ساعة على أول تعليق رسمي للرئيس الأميركي، جورج بوش، إزاء الوضع الصحي لكاسترو.

وقالت رايس في كلمتها :«ثمة كثير من التغيير يحدث هناك. غير أنه يبقى أمر واحد ثابتاً ألا وهو الالتزام الأميركي بدعم مستقبل كوبا الحرة. مستقبل تحددونه أنتم.. الشعب الكوبي».

وقالت أيضاً «لطالما كان الأمل يحذو الولايات المتحدة بأن تكون دولة كوبا الحرة والمستقلة والديمقراطية أكثر من مجرد جارة قريبة.. بل صديقة قريبة.. هذا هو هدفنا، أكثر من أي وقت مضى».

وكان بوش قد عرض اول من امس «دعمه الكامل وغير المشروط» من أجل تغيير ديمقراطي للبلد الشيوعي، حاثا الكوبيين «للعمل على تغيير ديمقراطي».

وقال الرئيس الأميركي في بيان مكتوب «الولايات المتحدة ملتزمة تماما بدعم تطلعات الشعب الكوبي إلى الديمقراطية والحرية». وأضاف بوش قائلا «سندعمكم في مسعاكم لبناء حكومة انتقالية في كوبا تلتزم بالديمقراطية». وكان كاسترو قد أكد في رسالة موجهة للشعب الكوبي أن وضعه الصحي «مستقر» وأن معنوياته مرتفعة، من دون أن يشير إلى العارض الصحي الذي ألم به واضطر على اثره لإجراء جراحة عاجلة. وقاد الزعيم الكوبي، 79 عاماً، كوبا منذ ثورة الشيوعية 1959، و يتولى راؤول، 75 عاماً، منصب النائب الأول لرئيس الدولة. يذكر أن راؤول يتولى رسمياً الإشراف على القوات الكوبية المسلحة وقيادة الحزب الشيوعي، بحسب البيان الذي نقلته التلفزة الكوبية.

وأصدرت الحكومة الكوبية اول انباء ترد منذ يومين عن وضع فيدل كاسترو الصحي ساعية في الوقت نفسه الى تأكيد موقع راؤول بعد اربعة ايام على تسلمه السلطة «موقتا» من شقيقه. غير ان الكوبيين ما زالوا يترقبون النتائج المحتملة لهذا الانتقال غير المسبوق في السلطة في وقت يلف الغموض مستقبل البلاد التي حكمها فيدل كاسترو منذ 1959 بدون انقطاع او منازع.

واعلن وزير الصحة خوسيه رامون بالاغوير خلال زيارة الى غواتيمالا ان «فيدل خضع لعملية جراحية يتعافى منها بشكل مرض»، بدون ان يكشف المزيد عن حالة كاسترو بعد العملية التي اجريت له لوقف نزيف في الامعاء.

وصدر هذا التصريح عن بالاغوير وهو من كبار المسؤولين في الحزب الشيوعي بعد يومين من اعلان رئيس الجمعية الوطنية ريكاردو الاركون ان كاسترو البالغ من العمر حوالي ثمانين عاما يبدو «بكامل قدراته الذهنية».

وكانت صحيفة «غرانما» الناطقة باسم الحزب الشيوعي الكوبي افادت في وقت سابق ان كوبا على استعداد للدفاع عن نفسها غير انها تلزم موقفا من التروي. وكتبت الصحيفة «اننا مستعدون للدفاع وراؤول يمسك بزمام البلاد بحزم».

وتلزم كوبا منذ انتقال الصلاحيات الى راؤول حالة انذار عالية وتم استدعاء جنود الاحتياط فيما تستعد مجموعات الحراسة المدنية في الاحياء للدفاع عن البلاد التي يزيد عدد سكانها عن 11 مليون نسمة.

وفي هذه الاثناء، دعت الولايات المتحدة العدو اللدود لكوبا الى تغيير ديمقراطي في هافانا.

واعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس في رسالة نقلتها اذاعة وتلفزيون «مارتي» التي تمولها الولايات المتحدة الموجهة الى الشعب الكوبي «في وسع جميع الكوبيين الراغبين في تغيير ديمقراطي سلمي الاعتماد على دعم الولايات المتحدة».

واضافت ان «الولايات المتحدة تشجع ايضا جميع الدول الديمقراطية على ضم اصواتها والدعوة الى اطلاق سراح السجناء السياسيين واعادة حقوقكم الاساسية وحصول عملية انتقالية تؤدي سريعا الى اجراء انتخابات تعددية في كوبا».

وطالب وزير الثقافة الكوبي آبيل برييتو واشنطن باحترام مؤسسات كوبا رافضا تعليقات رايس. وقال انه «على حكومة الولايات المتحدة ان تحترم مؤسسات هذا البلد التي اثبتت انها متينة تماما». واضاف ان «كوندوليزا تعرف جيدا ان احدا في كوبا لن يسمع رسالتها الصادرة عن مسؤولة في حكومة اجنبية لا قيمة لها بنظر الكوبيين». واعلنت كوبا حالة انذار عالية الخميس خشية التعرض لاجتياح اميركي، في وقت دعا الرئيس الاميركي جورج بوش الكوبيين الى السعي لتحقيق الديمقراطية.

غير ان البيت الابيض اعتبر ان المخاوف الكوبية من اجتياح اميركي «سخيفة». وقال المتحدث باسم البيت الابيض توني سنو للصحافيين في واشنطن «ليس للولايات المتحدة اي خطط اطلاقا لاجتياح كوبا».

ورحب منفيون كوبيون في ميامي بالتصريح الذي ادلى به بوش اول من امس في اول موقف شخصي له من مسألة انتقال السلطة في كوبا فدعا الكوبيين الى «العمل من اجل تغيير ديمقراطي»، مؤكد دعم بلاده لهم في جهودهم.

وقالت كاميلا رويث المتحدثة باسم المؤسسة الوطنية للكوبيين الاميركيين لوكالة الصحافة الفرنسية «اننا نؤيد هذه التصريحات بشكل تام «مضيفة» ليست هذه سوى البداية».

غير ان وسائل الاعلام الكوبية التي تشرف عليها الدولة اعتبرت دعوة بوش الى الديمقراطية «غير مقبولة» ووصفتها بانها «هذيان».

واثار غياب فيدل كاسترو عن الانظار وعدم ظهور شقيقه راؤول علنا الكثير من التكهنات بشأن حالة الزعيم الكوبي الصحية.

وكتبت صحيفة «الباييس» الاسبانية (وسط اليسار) ان راؤول كاسترو عين فريقا من ستة من كبار الشيوعيين للقيام بمهام السلطة تحت اشرافه.

وافادت معلومات ان هذا الفريق يضم وزير الخارجية الكوبي فيليبي بيريث روكي وكارلوس لاخي الذي قاد حملة الاصلاحات الاقتصادية في كوبا في التسعينات من القرن الماضي.

وبين الاعضاء الاخرين بحسب الصحيفة ثلاث من الشخصيات الشيوعية التقليدية هم رامون ماتشادو فنتورا وخوسيه رامون بالاغوير واستيبان لاثو.

اما العضو السادس فهو رئيس البنك المركزي الكوبي فرانثيسكو سوبيرون المؤيد لاعتماد سياسات اقتصادية مركزية.

وذكرت صحيفة «لا فانغوارديا» الصادرة في برشلونة نقلا عن مصادر دبلوماسية ان راؤول كاسترو تجنب الظهور علنا لانه يعاني من «الاحباط» بسبب اصابة زوجته فيلما اسبين بمرض خطير.

وادلت الينا فرنانديز ابنة فيدل كاسترو بتصريح لشبكة «سي ان ان» التلفزيونية الاميركية علقت فيه على عمها راؤول فقالت «لا اعتقد انه يدعي انه زعيم لكنه مدعوم من اقوى مؤسسة في كوبا وهي الجيش».