تحويلات مصرفية من لندن تحت ستار الإغاثة مولت المؤامرة وقادت إلى 3 من المعتقلين

التحقيق مستمر في بريطانيا وباكستان مع 40 مشبوها في مخطط «الإرهاب السائل»

TT

واصلت لندن وإسلام أباد أمس استجواب أربعين شخصا يشتبه في أنهم خططوا لتفجير طائرات متوجهة الى الولايات المتحدة في مؤامرة اتخذت بعدا عالميا ودفعت بغالبية الدول الى تعزيز إجراءاتها الأمنية. وبعد إفراج شرطة اسكوتلنديارد أول من أمس عن احد المشتبه فيهم الأربعة والعشرين الذين أوقفوا قبل يوم، حصلت الشرطة البريطانية على تمديد للحجز الاحتياطي لـ22 شخصا حتى 16 أغسطس (آب) الجاري. وعلمت «الشرق الأوسط» أن السيدة المعتقلة مع طفلها الذي يبلغ من العمر ستة أشهر في مركز شرطة بادنغتون غرين هي كوثر علي، 23 عاما، وهي زوجة أحد شقيقين من منطقة والتمستو بشرق لندن معتقلين على ذمة نفس القضية، وهي متزوجة من عبد الله احمد علي، 25 عاما، وشقيقه هو إحسان خان، 21 عاما، وكلاهما يعيشان على إعانة من الضمان الاجتماعي. وأعلنت الشرطة البريطانية أول من أمس أنها داهمت ثلاثة مقاه للإنترنت، اثنان منها في سلو وواحد في ريدينغ، حيث صادرت مادة معلوماتية «مرتبطة بالتحقيق الحالي لمكافحة الإرهاب».

ويستند تقدم التحقيق في موازاة ذلك على استجواب 17 شخصا، أوقفوا الأسبوع الماضي في باكستان، في عملية حثت الشرطة البريطانية على التدخل في وقت أبكر مما كان مرتقبا لإحباط مخططات مجموعة كانت تراقبها منذ أكثر من سنة. وبين الـ17 الموقوفين في إسلام آباد بريطانيان من اصل باكستاني وأحدهما «شخص أساسي» عرفت عنه أول من أمس وزارة الخارجية الباكستانية على انه رشيد رؤوف الذي تشتبه إسلام آباد في انه مرتبط بتنظيم «القاعدة» الارهابي، وشقيقه واسمه طيب رؤوف اعتقلته شرطة اسكوتلنديارد في مدينة برمنغهام. وكرر وزير الداخلية البريطاني جون ريد القول إن المحققين يعتقدون انهم اعتقلوا «ابرز المشتبه فيهم» في المؤامرة في لندن وهاي ويكومب (غرب لندن) وبرمنغهام (وسط انجلترا) لكنه لم يعط اي توضيحات حول العناصر التي عثر عليها خلال المداهمات. كما لم تؤكد السلطات البريطانية معلومات نسبت الى وزير الأمن الداخلي الأميركي مايكل شيرتوف والى وسائل الإعلام مفادها أن المشتبه فيهم كانوا يعتزمون استخدام متفجرات سائلة يتم اخفاؤها في قوارير في أمتعتهم المحمولة يدويا. وأعلنت الوزارة في بيان لها «هناك معلومات عن علاقة مع القاعدة التي تتمركز في افغانستان»، مؤكدة ما اعلنه عدة خبراء ومسؤولين أميركيين. وفي إسلام أباد ذكرت صحيفة «ديلي تايمز» التي تصدر باللغة الانجليزية أمس أن منظمة خيرية إسلامية وفرت تمويلا لثلاثة أشخاص في باكستان لتفجير طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة وذلك في الوقت الذي أكدت فيه إسلام أباد أنها اعتقلت «عنصرا رئيسيا» في تلك المؤامرة التي جرى إحباطها. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تكشف عن هويتها قولها إن جمعية خيرية إسلامية في بريطانيا حولت في ديسمبر (كانون أول) الماضي «مبلغا ضخما من المال تحت ستار إغاثة المنكوبين من الزلزال» إلى حسابات ثلاثة أشخاص في ثلاثة بنوك مختلفة وهي «سعودي باك بنك» «ستاندارد تشارترد» و«حبيب بنك ليمتد».

ونقلت الأموال من بنك باركليز إلى بنوك في الشطر الذي تسيطر عليه باكستان في إقليم كشمير.

وأشار تقرير الصحيفة إلى أن اثنين من الرجال الثلاثة الذين تلقوا هذه الأموال هما بريطانيان من أصول كشميرية بينما الثالث باكستاني يعمل في مجال التشييد في إسلام أباد ويعود إلى أصول كشميرية أيضا. وقالت الصحيفة إن السلطات اعتقلت الأشخاص الثلاثة في أماكن مختلفة على مدار الأسبوعين الماضيين. وقالت صحيفة «ديلي تايمز» إن السلطات البريطانية قدمت في ما يبدو قبل وقت طويل لوكالة التحقيقات الاتحادية في باكستان المعلومات الخاصة بالأموال التي جرى تحويلها إلى داخل البلاد.

وأشارت الصحيفة إلى أن المشتبه فيهم الثلاثة وفروا «عناصر مهمة» بشأن خطة تفجير الطائرات. وفي بيان آخر لوزارة الخارجية الباكستانية صدر مساء أمس، قالت الوزارة إن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس برويز مشرف أعرب فيه عن تقديره لجهود إسلام اباد في إجهاض هذه الخطة. وفي تلك الأثناء حدد بيان لوزارة الشؤون الخارجية الباكستانية صدر في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس هوية احد المشتبه فيهم الرئيسيين اعتقل على خلفية صلات محتملة له بتنظيم «القاعدة» في أفغانستان بأنه يدعى رشيد رؤوف، وهو بريطاني الجنسية. وقال البيان: «ثمة مؤشرات على وجود صلات بتنظيم «القاعدة» في أفغانستان»، من دون إضافة مزيد من التفاصيل في هذا الشأن. وعزا البيان «كشف وإحباط المؤامرة الإرهابية في لندن» إلى التعاون النشط بين أجهزة الاستخبارات في كل من باكستان وبريطانيا والولايات المتحدة.

الى ذلك بدأت الولايات المتحدة التحقيق في الصلات المحتملة لمجموعة مخططي تفجير الطائرات المعتقلين في بريطانيا مع مجموعات في الولايات المتحدة بناء على المعلومات التي قدمتها بريطانيا. وقال مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي في الولايات المتحدة إن بقاء أي عضو من هذه المجموعة طليقا يشكل مصدرا للتهديد. وقال فرانسيس تاونسيند من مكتب التحقيقات الفدرالي انه «لا توجد إشارات الى وجود مخطط كبير، لكن يجب ان نحقق في احتمال وجود علاقة بينهم وبين أشخاص في الولايات المتحدة». وأضاف «لدينا بعض المعلومات التي قدمتها بريطانيا ونحن نحقق فيها». وقال الناطق باسم المباحث الأميركية إن الأمن الداخلي في الولايات المتحدة يتعامل مع بعض المعلومات البالغة الأهمية التي قدمتها بريطانيا أخيرا. وسوف تتم الاستفادة من هذه المعلومات من قبل الولايات المتحدة لمراقبة المشتبه فيهم الذين هم قيد المراقبة في الولايات المتحدة لمعرفة ما إذا كان أي من هؤلاء على صلة بأي من الموقوفين في بريطانيا. وفي برلين قال مسؤول كبير في وزارة الداخلية الألمانية أمس إن مجموعة الشبان الآسيويين الذين اعتقلوا في بريطانيا لتورطهم في مخطط كان يهدف لتفجير عدد من الطائرات كانوا على صلة «على ما يبدو» مع أشخاص في ألمانيا أيضا.

وقال أوغوست هانينغ، سكرتير وزارة الداخلية الألمانية والذي شغل في السابق منصب رئيس جهاز الاستخبارات الألمانية، في مقابلة مع صحيفة «بيلد أم سونتاغ»: «يبدو أن المشتبه فيهم كانوا قد أجروا اتصالات قليلة في ألمانيا. ولذا فإننا نعكف على التحقق من هذه الاتصالات». وفي الوقت نفسه ذكرت مجلة «فوكس» الإخبارية الأسبوعية الألمانية أن أحد الأشخاص الذين اعتقلوا هذا الأسبوع كان قد أجرى اتصالات مع نيسي بهيج، زوجة سعيد بهيج الذي لا يزال مطلوبا في أنحاء العالم باعتباره أحد المشتبه في تورطهم في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001. وكان بهيج يقيم في نفس الشقة مع طلبة هامبورغ الذين قتلوا في تلك الهجمات، بيد أنه اختفى من ألمانيا في سبتمبر 2001.

من جهتها أعلنت الرئاسة الفنلندية للاتحاد الأوروبي عن عقد اجتماع للخبراء في مجال مكافحة الإرهاب وسلامة الطيران الأسبوع المقبل سيحضره وزراء داخلية فنلندا وألمانيا وبريطانيا. وأخيرا أبقت بريطانيا أول من أمس الإنذار من وقوع هجمات إرهابية على مستوى «حساس»، وهو الأعلى. فيما وضعت الهند في حالة تأهب عاصمتيها الفدرالية نيودلهي والمالية بومباي التي شهدت في الأشهر الماضية اعتداءات دامية.