الجزائر: أنباء عن فرض حظر التجول في مناطق معروفة بانتشار الجماعات المسلحة

بعد انقضاء مهلة «المصالحة».. ومع التزام الداخلية الصمت

TT

تتداول الأوساط الشعبية بالجزائر بحدة أخبارا؛ مفادها أن وزارة الداخلية المسؤولة عن إدارة حالة الطوارئ، تستعد لفرض حظر التجول في مناطق معروفة بانتشار المسلحين الإسلاميين بها، بدءا من نهاية أغسطس (آب) الجاري. وإن كانت السلطات لم تؤكد أو تنفي هذه الأخبار، الأقرب إلى الإشاعة، فإن الكثير من الجزائريين أصبحت لديهم قناعة بأن هامش حركتهم سيتقلص قريبا وهم يستعدون لمرحلة جديدة مُفترضة.

قال طبيب مختص في الأمراض الجلدية بمنطقة خميس مليانة غرب العاصمة، إن أحد المرضى الذين يُتابع حالتهم، نقل له عن شقيقه، وهو عسكري، أن مؤشرات أمنية تفيد باقتراب فرض حالة التجول في بعض ولايات الشرق أساسا ومناطق من الغرب القريبة من العاصمة، المعروفة بكونها معاقل لـ«الجماعة السلفية للدعوة والقتال». وأوضح الطبيب لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هذا الشخص الوحيد الذي سمعت منه كلاما عن حظر التجول، فالكثير من المرضى الذين أشرف عليهم سألوني إن كنت على علم بالأمر وأبدوا خوفهم من الدلالات التي يحملها هذا الإجراء الأمني إن طبق فعلا».

ويعني حظر التجول بالنسبة للأوساط السياسية والإعلامية، أن الوضع الأمني بلغ درجة من التدهور بحيث يستلزم الاستنجاد بمنظومة أمنية استثنائية لاستعادة الاستقرار، وهذا الاحتمال ضعيف إلى حد ما إذا وضعنا في الحسبان الخطاب الحكومي المتداول منذ أشهر طويلة، حول قدرة قوات الأمن على التحكم في مجريات الوضع الأمني وكسر شوكة الجماعات المسلحة. ولما سئل وزير الداخلية يزيد زرهوني من قبل صحافي منذ أيام، عن مدى قدرة الجماعات المسلحة على تنفيذ أعمال إرهابية استعراضية في العاصمة، رد بثقة كبيرة: «وهل بمقدور إرهابي أن يدخل العاصمة؟».

ويرتبط الحديث عن حظر التجول بانتهاء آجال «المصالحة الوطنية» في أغسطس الجاري، وبالأعمال المسلحة التي نفذتها الجماعة السلفية مطلع الشهر في مناطق تقع شرق العاصمة، حيث يستعد الجيش لشن عملية عسكرية كبيرة على معاقل التنظيم المسلح، وقد تحدثت الصحف عن ذلك مطولا لذلك تشكلت لدى سكان المناطق التي تشهد عمليات إرهابية، حسب متبعين، قناعة بأن العملية العسكرية المُرتقبة ستصحبها إجراءات أمنية جديدة؛ من ضمنها فرض حظر التجول لتسهيل مقارعة المسلحين. وسبق لوزيري الداخلية والعدل أن هددا الجماعات المسلحة بدك معاقلها إنْ لم يُسَلِّمْ أفرادها سلاحهم قبل نهاية الشهر. وردت «السلفية» في بيان الأربعاء الماضي بأنها لن توقف أعمالها المسلحة ورفضت ما تعتبره السلطات فرصة أخيرة قبل انقضاء تدابير المصالحة التي تتيح لهم الاستفادة من عناء المتابعة القضائية في حالة تطليق الإرهاب. وعرف سكان العاصمة وبعض المدن الكبيرة حظر التجول بعد أحداث أكتوبر (تشرين الأول) 1988، إثر مظاهرات صاخبة تحولت إلى أعمال نهب وتخريب في الشوارع ومشادات بين الجيش ومتظاهرين أوقعت قتلى وجرحى. وطبقت السلطات نفس التدابير الأمنية بسبب اضطرابات خطيرة خلفها إضراب سياسي شنته «الجبهة الإسلامية الإنقاذ» صيف 1991، احتجاجا على «قانون انتخابات خِيطَ على مقاس الحزب الحاكم».