شركة أمن أميركية تبدأ إعادة تشكيل مقاتلي الحركة الشعبية لجنوب السودان في جيش محترف

الأزمات الدولية: النسيان يطوي قضية دارفور مع تحول «السلام» لحرب

TT

أعلنت شركة أمن أميركية متعاقدة مع وزارة الدفاع وتسمى «دين كورب انترناشونال» عن أنها ستبدأ العام المقبل في اعادة تشكيل آلاف المقاتلين من الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية وتحويلهم الي جيش محترف، في وقت نفت فيه قيادة الجيش الشعبي وجود مثل هذا الاتفاق، معتبرة انها تعمل الآن على اعادة تنظيم قواتها وتخفيض اعدادها وفق اتفاقية السلام.

وقال آل ريني، نائب رئيس شركة «دين كورب» في مقابلة أمس إن «التدريب العسكري يمكن أن يبدأ في أي وقت من أوائل العام المقبل وسيستمر خلال السنوات القليلة المقبلة»، وأضاف انه تحد دائم عندما تكون قوة مليشيا لديها وقت فراغ كبير.

وقال ريني على هامش أول معرض تجاري في جوبا عاصمة جنوب السودان إن «الحكومة الأميركية قررت ان وجود قوة جيش مستقر سيخلق بلدا مستقرا»، نافيا أن تضم العقود أي اتفاق أسلحة مع حكومة جنوب السودان التي يقول إنها حولت الجزء الأكبر من ميزانيتها لعام 2006 ـ 2007 الي الدفاع، وأضاف «هذا العقد لا يشمل إرسال أسلحة الي الجيش الشعبي لتحرير السودان، والفكرة ليست مساعدتهم في الأغراض الهجومية».

وتقدم شركة «دين كورب»، وهي من الشركات الراعية للمعرض نحو 40 مليون دولار في عقود لوزارة الخارجية الأميركية لبناء ثكنات وتوفير تدريب واتصالات للجيش الشعبي لتحرير السودان.

غير أن رئيس هيئة أركان العمليات في الجيش الشعبي، اللواء بيور أجانق، نفى وجود أي اتفاق مع أي من الشركات الأميركية لتدريب وتمويل قواته، مشددا ان حكومة جنوب السودان هي التي تقوم بتمويل الجيش الشعبي، وقال إن التدريب والتمويل من مسؤولية حكومة الجنوب والجيش الشعبي وليس اي جهة خارجية.

وقال أجانق في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «ليس لدينا اتفاق مع شركة «دين كورب»، وهذا الخبر عار من الصحة»، وأضاف أن قيادة الجيش الشعبي تعمل الآن إجراءات لتنظيم القوات والاستفادة من الخبرات الموجودة منذ فترة الحرب التي استمرت لأكثر من 22 عاما، وقال «نحن في مرحلة تنظيم للقوات وتخفيض حجمها حسبما تم الاتفاق عليه في اتفاقية السلام الشامل»، مشيرا الي ان التنظيم يشمل تصنيف الأعمار للضباط والجنود، وأضاف أن «الذين كانت أعمارهم اربعين عاما خلال الحرب، وأصبحوا الآن في الستين يجب ان نوفر لهم سبل العيش الكريم.

وأكد أجانق أن تدريب قواته تشمل كافة أنواع الأسلحة وكافة الوحدات لتشكيل جيش محترف يحمي اتفاقية السلام، وأضاف «لكن لم ندخل في اتفاقيات مع أي الشركات الأميركية ولدينا ميزانيتنا التي أجازها برلمان الجنوب قبل اشهر». ومن جهة اخرى، يقول محللون ان اتفاق السلام المبرم في مايو (أيار) والذي وقعه فصيل واحد فقط من ثلاثة فصائل متمردة ورفضه عشرات الآلاف في المنطقة الشاسعة الواقعة بغرب السودان قدم للعالم عذرا لإبعاد النزاع عن مقدمة أولوياته المتعلقة بالسياسة الخارجية.

وفي يوليو (تموز) شهدت دارفور أكثر الأشهر دموية بالنسبة لأكبر مهمة إغاثة في العالم منذ اندلاع النزاع قبل ثلاثة أعوام ونصف عام، إذ قتل ثمانية من العاملين في الإغاثة. وتراجعت إمكانية الوصول الى 3.6 مليون نسمة يعتمدون على المعونة لأقل مستوى على الإطلاق.

وتقول الأمم المتحدة إن الطائرات الحكومية تقصف مرة أخرى فصائل المتمردين الذين رفضوا الاتفاق، ويعذب زعيم المتمردين الذي وقع على اتفاق السلام ميني أركوا ميناوي معارضيه. وتشرذم متمردون آخرون وأعلن تحالف جديد الحرب على الحكومة مرة أخرى.

وصرح يان ايغلاند منسق الإغاثة التابع للأمم المتحدة في جنيف بأن «الوضع يتطور في دارفور من حالة سيئة جدا الى كارثة».

وتنفي الخرطوم تدهور الوضع الأمني منذ توقيع الاتفاق في مايو. وتقول إن تنفيذ الاتفاق يسير بشكل جيد رغم عدم اخذ قرار بشأن عناصر رئيسية. ولم تعلن بعد خطة الحكومة لنزع سلاح الميليشيا التي اتهمت بارتكاب أعمال وحشية في دارفور ولم يوافق السودان على السماح لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بدخول البلاد لتحل محل قوات الاتحاد الأفريقي التي عجزت عن وقف أعمال العنف وأضحت هدفا لسكان دارفور الغاضبين والمحبطين.

ولكن نائب وزيرة الخارجية الأميركية روبرت زوليك أكثر المسؤولين الأميركيين نشاطا في السودان استقال في يونيو (حزيران) وأحجمت واشنطن عن تلبية المطالب بتعيين مبعوث خاص في الخرطوم.