القوة الدولية قد تبدأ الانتشار خلال 10 أيام.. ونزع سلاح حزب الله «مرهون» بتسوية سياسية

أنان مستاء من تأخر القرار والوفد العربي في مجلس الأمن يقبله رغم أنه «غير متوازن»

TT

قال مبعوث الامم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط ألفادر دي سوتو ان المنظمة الدولية تتوقع أن ينتهي الهجوم البري الاسرائيلي في يوم أو يومين وان القوة الدولية الموسعة ستبدأ انتشارها في جنوب لبنان في غضون أسبوع الى عشرة أيام، وجاءت تصريحات دي سوتو بعد ساعات من تصويت مجلس الامن الدولي بالإجماع على قرار يهدف الى انهاء التصعيد العسكري بين «حزب الله» وإسرائيل. ويدعو القرار رقم 1701 «حزب الله» الى وقف فوري لكل هجماته، واسرائيل الى وقف فوري لكل عملياتها العسكرية «الهجومية» في لبنان. كما ينص على ان ينشر لبنان وقوة الامم المتحدة (يونيفيل) قواتهما معا في جنوب لبنان فيما تسحب اسرائيل في موازاة ذلك قواتها من المنطقة. وكان مشروع القرار الاميركي الفرنسي الاول الذي قدم الى مجلس الامن لا يأتي على ذكر الانسحاب الاسرائيلي. وتم تعديله بناء على طلب الحكومة اللبنانية. كما اسقط القرار الاشارة الى الفصل السابع الذي يتضمن صفة الالزام والذي كانت تتمسك به الحكومة الاميركية وتعارضه الحكومة اللبنانية على اساس انه ينتقص من سيادتها. كما يفرض القرار حظرا على لبنان على نقل اي اسلحة أو معدات عسكرية لأي «جهة او فرد» باستثناء الجيش اللبناني وقوات الامم المتحدة. لكنه يترك مسألة نزع سلاح حزب الله مرهونة بتسوية سياسية في المستقبل.

ويطالب قرار مجلس الامن بنشر ما يصل الى 15 ألف جندي تابعين للامم المتحدة لتطبيق وقف لاطلاق النار. ويقول مسؤولون اسرائيليون ان قرار الامم المتحدة سيتيح للجيش ان يمضي قدما في العمليات «الدفاعية» التي تشمل هجمات على قاذفات صواريخ حزب الله وقوافل الاسلحة. وقال دي سوتو ان اسرائيل من حقها مواصلة الدفاع عن نفسها ولكن عليها ان تضع في اعتبارها ان تتماشى أعمالها مع القرار الذي يدعو اسرائيل لوقف «كل الاعمال القتالية». وتابع قوله «ان مجلس الامن سيأخذ بعين الاعتبار أي عمل يخرق القرار.. نتوقع تنفيذا كاملا». واضاف دو سوتو ان «وقف الاعمال الحربية يجب الا ينتظر» انتشار الجيش اللبناني وقوة جديدة من الامم المتحدة كما ورد في القرار 1701 الذي اعتمده مجلس الامن بالإجماع. وأضاف «اننا لن نبدأ من الصفر.. فلدينا أحجار بناء في الموقع في اطار ترتيبات اعداد مع عدد من الدول». وتابع دي سوتو ان الهجوم الاسرائيلي «في اخر مراحله»، ولا بد أن يتوقف خلال يوم أو يومين. وقال ان اتفاقا رسميا ويمكن التحقق منه لوقف اطلاق النار قد يتم التوصل اليه «في غضون اسبوع او نحو ذلك»، مما سيسمح بانتشار القوات اللبنانية الى جانب قوة دولية. وذكر دي سوتو ودول غربية اخرى ان من المرجح ان تبدأ قوات الامم المتحدة الانتقال الى جنوب لبنان في غضون نحو عشرة ايام لتمنع اي تصعيد اخر في القتال.

وأوضح ان الامم المتحدة لديها بالفعل عدد من الدول التي ستساهم بقوات للانضمام للقوة الموسعة. ويخول قرار مجلس الامن قوة الامم المتحدة التي يتوقع ان تقودها فرنسا اخذ «كل الاجراءات الضرورية» لتنفيذ مهمتها. ويقول دبلوماسيون غربيون ان من المتوقع ان تقود فرنسا القوة وان ترسل ايطاليا واسبانيا وتركيا فرقا. ورغم ان القرار يجيز ارسال 15 الف جندي اجنبي قال دبلوماسي «قد يكون جمعهم صعبا. الحصول على قوات لمثل هذا النوع من العمليات ليس امرا يسهل تحقيقه». ويحدد قرار مجلس الامن صلاحيات القوة الدولية بـ ـ رصد وقف الأعمال القتالية. ـ مرافقة ودعم القوات المسلحة اللبنانية أثناء انتشارها في جميع أرجاء الجنوب بما في ذلك على طول الخط الأزرق وأثناء انسحاب إسرائيل لقواتها المسلحة من لبنان.

ـ تقديم مساعدتها لكفالة وصول المساعدة الإنسانية إلى السكان المدنيين والعودة الطوعية والآمنة للنازحين. ـ مساعدة القوات المسلحة اللبنانية في اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء منطقة عازلة ما بين الخط الأزرق ونهر الليطاني. ولم يستجب واضعو القرار إلى الطلب اللبناني بوضع مزارع شبعا تحت رعاية الأمم المتحدة لحين ترسيم الحدود الدولية للبنان وإحالة مسألة مزارع شبعا إلى الأمين العام للأمم المتحدة حيث طلب أن يضع بالاتصال مع العناصر الفاعلة الرئيسية لترسيم الحدود الدولية للبنان ولاسيما في مناطق الحدود المتنازع أو غير المؤكدة بما في ذلك معالجة مسألة منطقة مزارع شبعا وعرض تلك المقترحات على مجلس الأمن في غضون ثلاثين يوما.

ولإرضاء اللبنانيين أشار المجلس في قراره إلى طلب الحكومة اللبنانية إلى مزارع شبعا في فقرتين من الفقرات التمهيدية من القرار حيث أحاط المجلس علما على النحو الواجب بالمقترحات الواردة في الخطة المؤلفة من سبع نقاط بشأن منطقة مزارع شبعا. وفي فقرة تمهيدية أخرى أعرب المجلس عن عزمه على العمل لتحقيق الانسحاب الفوري للقوات الإسرائيلية من جنوب لبنان إلى ما وراء الخط الأزرق. والعنصر الأساسي في قرار مجلس الأمن تأكيده على وضع عناصر إطار الحل السياسي للنزاع بين لبنان وإسرائيل حيث دعا القرار إسرائيل ولبنان إلى دعم وقف دائم لإطلاق النار والحل الطويل الأجل استنادا إلى المبادئ والعناصر التالية: - الاحترام التام للخط الأزرق من جانب كلا الطرفين - اتخاذ ترتيبات لمنع استئناف الأعمال القتالية بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة اليونفيل. - التنفيذ الكامل للأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف ولقراري مجلس الأمن 1559 و1680 التي تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان. - منع وجود قوات أجنبية في لبنان دون موافقة حكومته. - منع مبيعات أو إمدادات الأسلحة والمعدات ذات الصلة إلى لبنان عدا ما تأذن به حكومته - تزويد الأمم المتحدة بجميع الخرائط المتبقية للألغام الأرضية في لبنان الموجودة بحوزة إسرائيل.

من ناحيته، اعلن موفد الامين العام للامم المتحدة في لبنان غير بيدرسون انه يتوقع وقف الاعمال الحربية في لبنان، فور اجتماعي الحكومتين اللبنانية والاسرائيلية وموافقتهما على قرار مجلس الامن. وقال بيدرسون بعد اجتماعه مع وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ «ما ان تجتمع الحكومة اللبنانية وما ان تجتمع الحكومة الاسرائيلية الاحد، نتوقع وقفا فوريا للاعمال الحربية».

وقد اعتبر وفد الجامعة العربية الى مجلس الامن في جلسة التصويت على القرار 1701 ان القرار «غير متوازن» رغم اعلانه القبول به. وقال وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذي ترأس وفد الجامعة العربية «قبلنا هذا القرار بصيغته الحالية من اجل حقن دماء الابرياء وتجنيب لبنان والمنطقة المزيد من ويلات الدمار» مشيرا الى ان ذلك لا يعني «بالضرورة اننا راضون عن اصدار قرار ينقصه التوازن». واشار الى وجود «ملاحظات» للدول العربية على القرار لانه لم يأخذ «بشكل كاف» مصالح لبنان في الاعتبار. وقال «لم يأخذ القرار في الاعتبار بشكل كاف مصالح لبنان ووحدته واستقراره وسلامته الاقليمية ولهذا فما زالت لدينا بعض الملاحظات على هذا القرار». واشار الوزير القطري الى ان القرار «لم يتطرق بشكل واضح وصريح الى ويلات الدمار التي تسبب بها العدوان الاسرائيلي على المدنيين والبنية التحتية اللبنانية». وتابع «كما لم يتعرض بوضوح الى مسؤولية اسرائيل الانسانية والقانونية عن هذا الدمار ولم يعالج مسألة الاسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية بشكل متوازن حيث ان تبادل الاسرى والمحتجزين هو الوسيلة الواقعية والمنطقية لتسوية هذا الموضوع».

ورحب الشيخ حمد في المقابل «بما تضمنه القرار من الاكتفاء بتعزيز قوات الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونفيل) وان ولايتها سوف تستمر في اطار البند السادس من الميثاق وان اي اشارة الى القوات الدولية في مشروع القرار، بحسب ما اكد لي مقدمو المشروع، تعني اليونيفيل». واوضح «ان فهمنا انه بمجرد صدور هذا القرار فهو يلزم الطرفين بوقف الاعمال العسكرية وانسحاب القوات الاسرائيلية من جنوب لبنان بشكل فوري وان اي خروقات خلال الفترة الواقعة بين وقف الاعمال القتالية وتحقيق الانسحاب والتوصل الى وقف اطلاق النار سوف تحكمها تفاهمات ابريل (نيسان) 1996». واضاف «كما ان فهمنا لهذا القرار هو ان التعامل مع المظاهر المسلحة في الجنوب هو من مسؤوليات الحكومة اللبنانية دون غيرها كما ان المنطقة ما بين الخط الازرق (الحدود) ونهر الليطاني تخضع لسيطرة الحكومة اللبنانية وحدها». وتابع الوزير القطري «كما ان فهمنا ان الامين العام (للامم المتحدة كوفي انان) سيقوم باتخاذ كافة الاجراءات اللازمة وبشكل عاجل لتسوية قضية مزارع شبعا وفق ما جاء في برنامج النقاط السبع الذي اقرته الحكومة اللبنانية».

الى ذلك، قال الامين العام للامم المتحدة كوفي انان انه سيساعد الاطراف خلال مطلع الاسبوع على تحديد جدول زمني لهدنة خلال الايام المقبلة. وانتقد انان مجلس الامن لتأخره في الاتفاق على القرار، الذي قال انه كان ينبغي ان يصدر قبل وقت طويل.

وفي خطابه لمجلس الامن قال انان ان عدم تحرك المجلس بشكل اسرع «هز بشدة ثقة العالم في سلطته ومصداقيته». وقال «الحرب ليست واكرر الحرب ليست استمرارا للنهج السياسي بوسائل اخرى. على النقيض من ذلك انها تمثل فشلا ذريعا للمهارات السياسية». وفي مسعى لارسال جنود للبنان على وجه السرعة قال مسؤول فرنسي ان الدول التي يحتمل ان تساهم بقوات ستجتمع هذا الاسبوع لبدء تشكيل القوة الدولية. ويتوقع ان تقود فرنسا هذه القوة وقال وزير خارجيتها فيليب دوست بلازي لمجلس الامن ان باريس «ستدرس مع شركائها الاوروبيين احتمال توفير دعم اضافي».