دوست بلازي يشدد على ضرورة وقف «تهريب» الأسلحة ويدعو إسرائيل إلى رفع الحصار البحري والجوي عن لبنان

مسؤولون دوليون في بيروت لبحث المساهمة في قوات حفظ السلام

TT

شهدت العاصمة اللبنانية امس زحمة زوار دوليين، اذ وصل اليها اولاً وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست ـ بلازي ثم وزير الخارجية التركي عبد الله غول، فوفد منظمة المؤتمر الاسلامي.

وقال رئيس الجمهورية اميل لحود، امام وفد منظمة المؤتمر الاسلامي الذي زاره امس في قصر بعبدا: «ان لبنان يرحب بإرسال قوات دولية لحفظ السلام في جنوبه تنضم الى القوات العاملة في اطار اليونيفيل، شرط ان يكون عديدها متوازناً بين الدول المشاركة التي يجب الا تكون طرفاً في الشؤون الداخلية اللبنانية، وذلك حتى تتمكن من القيام بمهمتها بعدالة وحيادية». واكد ان لبنان «يعتبر استمرار الحصار البحري والجوي المضروب عليه، خرقاً لقرار مجلس الأمن بوقف العمليات العدائية، وهو يطالب بوقف فوري ونهائي لإطلاق النار يحول دون استمرار مثل هذه الممارسات العدوانية».

وشدد لحود ان انتشار القوات الدولية سيكون محصوراً في المنطقة الممتدة من جنوب الليطاني حتى الخط الازرق، الى جانب الجيش اللبناني الذي سيتولى مهمة المحافظة على الأمن والاستقرار والمساعدة في عودة النازحين، نافياً ان تكون مهمة القوات الدولية الانتشار على الحدود البرية اللبنانية ـ السورية، ومرحباً في الوقت نفسه بمشاركة قوات من دول اسلامية صديقة. ولفت الى ان مستقبل سلاح المقاومة هو موضوع حوار بين اللبنانيين لأنه شأن داخلي يعالج في ما بينهم.

وشكر الرئيس لحود اعضاء الوفد على تحملهم مشقة الانتقال الى لبنان، محملاً اعضاءه تحياته الى كبار المسؤولين في باكستان وماليزيا والسنغال وقطر، ومنوهاً بالدعم الذي قدمته منظمة المؤتمر الاسلامي الى لبنان خلال اجتماعها الطارئ في ماليزيا قبل اسبوعين.

واستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري وفد منظمة المؤتمر الاسلامي. وبعد اللقاء قال وزير الخارجية الماليزي داتو سيري: «أتينا الى هنا للتعبير عن دعمنا القوي وتعاطفنا مع حكومة لبنان وشعبه في هذا الوقت الصعب، ولنرى ماذا سنفعل ولنتشاور مع القادة اللبنانيين. وقد التقينا الرئيس بري وكانت محادثات ايجابية للغاية للاطلاع اكثر على ما يجري وما يمكن ان نقوم به. وبالنسبة الى ماليزيا، ابلغنا دولة الرئيس بري استعدادنا للمشاركة في قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب، إذا ارادت الحكومة اللبنانية، وإرسال الف جندي ليعملوا بإمرة قوات اليونيفيل». من جهته، قال وزير الخارجية الباكستاني: «أعربنا عن اهتمام باكستان كجزء من وفد المنظمة الذي يزور لبنان بمعرفة ما يريده اللبنانيون. وتعلمون أن باكستان لديها خبرة طويلة في مهمة حفظ السلام، ولدينا مشاركات عديدة في مثل هذه المهمات في العالم، ولكن حتى الآن لم نقرر بعد موقفنا من هذه القضية، وعندما أعود الى بلادي سأبحث في هذا الموضوع مع رئيس البلاد ورئيس الوزراء قبل أن تتخذ باكستان اي قرار في هذا الشأن».

وعند الثالثة من بعد الظهر استقبل الرئيس بري وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي يرافقه السفير الفرنسي في بيروت برنار ايمييه. وقال الوزير الفرنسي بعد اللقاء: «سررت بلقاء الرئيس بري مرة اخرى. وارى ان المحادثات التي اجريناها منذ شهر قد تقدمت بشكل إيجابي وكل الاطراف تبحث عن الحل الملائم وهناك عدة احداث سياسية اساسية حصلت، اولاً قرار الحكومة اللبنانية بالاجماع بنشر الجيش اللبناني في الجنوب والانسحاب الاسرائيلي الذي يحصل والذي بات مؤكداً ويسمح لنا بالتعاون مع قوات اليونيفيل المعززة من اجل اعادة السيادة والسلطة الطبيعية للدولة اللبنانية».

وأقام رئيس الحكومة فؤاد السنيورة مأدبة غداء على شرف وزير خارجية فرنسا فيليب دوست بلازي، وتركيا عبد الله غول، وممثلي منظمة المؤتمر الاسلامي وزير خارجية ماليزيا سيد احمد البار وباكستان خورشيد ناسوري وسفير السنغال المعتمد في لبنان عبد الواحد أمباكي ومساعد وزير خارجية قطر محمد الرميحي. وعند الثالثة والنصف، غادر وفد منظمة المؤتمر الاسلامي ووزير الخارجية التركي عبد الله غول السرايا الحكومية من دون الادلاء بأية تصاريح. وكان وزير الخارجية التركي وصل الى السرايا عند الواحدة والنصف حيث استقبله الرئيس السنيورة وعرض معه التطورات في لبنان وموضوع مشاركة تركيا في القوات الدولية وذلك بحضور وزير الخارجية فوزي صلوخ. وعند الثالثة غادر وزير الخارجية الفرنسي السراي للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ان يعود الى السرايا ويعقد اجتماعاً مع الرئيس السنيورة عند الرابعة عصراً.

اما غول فقد عقد مؤتمراً صحافياً مع نظيره اللبناني فوزي صلوخ. وردا على سؤال حول مشاركة تركيا في القوة الدولية التي ستنتشر في الجنوب واذا كانت تضع شروطا كبقية الدول لجهة المنطقة الخالية من السلاح قال: «تناولنا مثل هذه الامور سواء في اجتماعنا في وزارة الخارجية أو مع رئيس المجلس، كذلك جرى اتصال بين دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني ورئيس مجلس وزراء تركيا السيد رجب طيب أردوغان خصص لهذا الموضوع. وطلب رئيس الحكومة اللبنانية من دولة رئيس مجلس وزراء تركيا المشاركة في القوات الدولية. وبعد ذلك عقدنا سلسلة اجتماعات على مستويات مختلفة في تركيا لتقويم هذا الموضوع. حتى الآن لم نتخذ قرارا نهائيا في هذا الموضوع. إلا أنه ينبغي ان تكون مهمة اليونيفيل حفظ السلام والأمن، وان يجري التعاون بين تلك القوات والحكومة اللبنانية بموافقة ورضى وإرادة من الحكومة اللبنانية، والمشاركة ايضا في الخدمات الانسانية». واستقبل رئيس كتلة «المستقبل» النيابية النائب سعد الحريري وزير الخارجية الفرنسي في حضور السفير برنار ايمييه. واجرى معه محادثات تناولت الوضع في لبنان والجهود المبذولة لتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701. وبعد اللقاء الذي استمر ساعة، قال وزير الخارجية الفرنسي: «انني مسرور جداً للقاء النائب سعد الحريري وهو صديق ورئيس للغالبية البرلمانية. وقد تطرقنا في محادثاتنا الى العدوان الذي رأيناه على الارض وأيضاً الى الخطوات الضرورية لتقوية هذه الديناميكية اللبنانية، أكان حيال الاتفاقات السياسية او التضامن الحكومي او اعادة بناء لبنان او لجهة رفع الحصار البحري والجوي»، مشدداً على اهمية رفع هذا الحصار واعتبر هذا الامر «محورياً لاعادة بناء البلد ولتنشيط الاقتصاد في لبنان»، مطالباً «اسرائيل بأن ترفع هذا الحصار البحري والجوي عن لبنان. وفي الوقت نفسه، نحن نطلب من الحكومة اللبنانية ان تبذل ما في وسعها للتأكد من انه لن يكون هناك تهريب للأسلحة خصوصاً».

ثم تحدث النائب الحريري، فقال: «لا شك في ان فرنسا ادت دورا كبيرا في وقف هذه الحرب على لبنان. وقد شكرت لوزير الخارجية الدور الحقيقي والجاد الذي ادته فرنسا منذ اللحظة الأولى، وعملت لوقف الحرب التي شنت على اللبنانيين، والتي لم تفرق بين اللبنانيين وقتلت الأطفال والشيوخ. وهنا، أود ان اشكر جميع الذين صمدوا والذين وقفوا الى جانب لبنان وأيضا اللبنانيين الذين تضامنوا مع بعضهم البعض وكل لبناني قاوم بشكل أو بآخر... اليوم علينا ان ننظر مع أصدقائنا الى المستقبل وان نعطي أملا للشباب وللعائلات اللبنانية ولعائلات الشهداء ولكل من دمرت أعماله بأن لبنان سيعاد اعماره مرة جديدة بسواعد اللبنانيين وبمساعدة أصدقائنا مثل فرنسا التي ساعدت لبنان في كل لحظات المحنة التي مر بها». واضاف: «كذلك تحدثنا مع الوزير الفرنسي في موضوع المحكمة الدولية التي كان البعض متخوفا من عدم تشكيلها. وانا أريد ان اطمئن اللبنانيين ان هذه المحكمة ستشكل بإذن الله وان قتلة رفيق الحريري سيدفعون الثمن. واننا كتيار المستقبل سنتقدم أيضا بدعوى ضد إسرئيل بسبب الأضرار التي تسببت بها ولقتلها اللبنانيين الأبرياء وسنستعيد حقنا من إسرائيل».

وسئل الحريري اذا كان متخوفاً من الوضع القائم، فأجاب: «انا لست خائفا ونحن في لبنان لسنا خائفين. لقد ناقشنا مع معالي الوزير (دوست ـ بلازي) ضرورة البدء بالتطلع إلى المستقبل. هناك الحصار والمساعدة التي يحتاج اليها لبنان للتقدم الى الأمام. لقد دمر لبنان من آلة حربية طاولت جميع اللبنانيين والمهم اليوم هو وضع خطة للتقدم. لقد كانت فرنسا دائما إلى جانب لبنان وكذلك الرئيس الفرنسي جاك شيراك والوزير دوست ـ بلازي. ولولا فرنسا لما حصلنا على وقف النار وعلى قرار اعيد صوغه مع اللبنانيين».