أوروبا تبحث الإرهاب الجوي وتدعو لتشديد إجراءات تفتيش الحقائب في المطارات

لندن تسعى لاسترداد مشتبه «القاعدة» من باكستان وصبي يخترق إجراءات الأمن في «غاتويك»

TT

دعا وزراء داخلية بريطانيا وفرنسا وألمانيا امس جميع دول الاتحاد الاوروبي (25 دولة) لتطبيق إجراءات تفتيش أكثر صرامة لحقائب اليد التي يصطحبها المسافرون معهم على متن الطائرات، وذلك بعد إحباط السلطات البريطانية لمخطط لتفجير طائرات ركاب، وهي في طريقها عبر الاطلنطي الاسبوع الماضي.

وقال وزير الداخلية البريطاني، جون ريد، وبجانبه نظيراه الفرنسي نيكولا ساركوزي والالماني وولفجانج شويبله «نرغب في تطبيق إجراءات أمنية متساوية في كافة دولنا».

وبدأت بريطانيا امس بتطبيق إجراءات للحد من عدد حقائب اليد المسموح للمسافر باصطحابها معه على متن الطائرة إلى واحدة فقط بحجم حقيبة الكومبيوتر المحمول (لاب توب) مع حظر حمل مواد التجميل والسوائل.

وقال ريد إنه في الوقت الذي يأسف فيه لان عمليات تفتيش الحقائب تتسبب في تأخير المسافرين، إلا أنه يرى أن البديل لذلك هو خسائر في الارواح. ومن جانبه، قال شويبله «سنستفيد جميعا من تجربة بريطانيا في هذا الصدد». وسيقوم الوزير ريد باطلاع نظرائه الاوروبيين على «التهديدات الجديدة التي تواجهها اوروبا والعملية التي تقوم الحكومة البريطانية بتنفيذها» حسب بيان لوزارة الداخلية البريطانية. واشار البيان الى ان الوزراء سيتفقون على الاسراع بوضع خطة لمحاربة الارهاب في دول الاتحاد الاوروبي. ويحضر الاجتماع وزراء داخلية كل من فنلندا والبرتغال وسلوفينيا ومفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون العدالة فرانكو فراتيني ومنسق الاتحاد لجهود مكافحة الارهاب. كما يناقش الوزراء الخطط الاوروبية لمكافحة التطرف بين اوساط الشباب المسلم في الدول الاوروبية. وكانت تفجيرات السابع من يوليو (تموز) التي وقعت العام الماضي في العاصمة البريطانية قد وضعت مكافحة الارهاب ضمن اولويات الاتحاد الأوروبي، وساعدت وزير الداخلية البريطاني السابق تشارلز كلارك على التوصل لاتفاق يجبر الشركات على الاحتفاظ بأرقام الهواتف وبيانات البريد الإلكتروني للمساهمة في مساعدة التحقيقات المتعلقة بالارهاب. وتسعى المفوضية الأوروبية لإقناع بعض الحكومات الأوروبية بالتخلي عن حق الاعتراض على القوانين الجنائية، ومبررة ذلك بتعزيز جهود مكافحة الارهاب. وكان كلارك حذرا في تأييد طلب المفوضية هذا أما الوزير الحالي فقد قال عن الطلب حينها انه غير مقنع قبل التطورات الاخيرة. وقالت المفوضية الاوروبية عشية اجتماع لندن ان الاعتقالات التي جرت في لندن «تظهر ان الارهاب تهديد عالمي متواصل»، وطالبت المفوضية برد منظم على هذا التهديد.

وقال فراتيني إن «سياسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بمكافحة الارهاب ستطبق بكل قوة وبكل أبعادها لمنع وقوع أعمال إرهابية، ولتوفير الحماية منها». ولا يزال هناك 24 شخصا محتجزا لدى الشرطة البريطانية حيث يخضعون للاستجواب منذ اعتقالهم الاسبوع الماضي للاعتقاد بأنهم كانوا يخططون لتفجير عدد من طائرات الركاب المتوجهة إلى الولايات المتحدة بواسطة قنابل محمولة في حقائب اليد. واجتمع ريد في بداية الامر مع ساركوزي وشويبله ثم التقوا في وقت لاحق بنظرائهم من فنلندا (الرئيس الحالي للاتحاد الاوروبي) والبرتغال وسلوفينيا للاطلاع على مستجدات التحقيقات التي تجريها بريطانيا مع المشتبه فيهم.

وأعلنت المفوضية الاوروبية في بروكسل أن الهدف من المحادثات إظهار التماسك والتضامن الاوروبي.

وفي اسلام اباد، قال مسؤول في المفوضية البريطانية العليا في العاصمة الباكستانية اسلام اباد امس ان اجراءات تسلم أي مواطن بريطاني يعتقل في باكستان لصلته بمخطط لنسف طائرات ركاب في رحلات عبر المحيط الاطلسي «أمامها طريق طويل».

وأكدت الحكومة الباكستانية اول من امس اعتقال سبعة اشخاص؛ بينهم بريطانيان مسلمان من أصل باكستاني لصلتهم بمخطط لنسف طائرات ركاب في رحلات من بريطانيا للولايات المتحدة.

وقال ايدان ليدل، المتحدث باسم المفوضية، «ما زلنا في مرحلة التأكد من تورط اي مواطن بريطاني. الخطوة التالية بعد ذلك هي السماح للقنصلية بالاتصال بهما».

وعرفت باكستان الاسبوع الماضي احد البريطانيين المعتقلين باسم رشيد رؤوف. وقالت الحكومة انه عضو في تنظيم «القاعدة» وله صلات في افغانستان ويقوم بدور محوري في المخطط.

وصرحت اول من امس متحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية بانه يمكن تسليم رؤوف لبريطانيا رغم ان باكستان لم توقع مع بريطانيا على معاهدة تسليم المحتجزين كما انها لم تتلق طلبا رسميا من بريطانيا بترحيله من باكستان وتسليمه لها. وذكرت تقارير وسائل اعلام بريطانية ان مسؤولين من الحكومة البريطانية وصلوا الى باكستان للمشاركة في التحقيق لكن ليدل رفض التعليق.

وفي لندن، ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية في عددها الصادر امس ان بريطانيا تسعى لاسترداد البريطاني رشيد رؤوف الضالع في المؤامرة الارهابية المفترضة ضد طائرات تعبر المحيط والمعتقل في باكستان.

وقالت الصحيفة ان مسؤولين في المفوضية السامية البريطانية (سفارة) في اسلام اباد باشروا الخطوات اللازمة لعملية الاسترداد. ورفض متحدث باسم شرطة لندن التعليق على هذه المعلومات كما ان وزارة الداخلية البريطانية وبلسان المتحدثة باسمها لم تؤكد ولم تنف طلب استرداد البريطاني الشاب البالغ من العمر 25 عاما.

وكان رؤوف رشيد قد اعتقل في الرابع من اغسطس (اب) الحالي في مدينة بهاولبور وسط باكستان.

وبالاضافة الى رشيد، اعتقل ايضا بريطاني آخر، وما لا يقل عن خمسة ناشطين باكستانيين ينتمون الى الحركة الاسلامية في باكستان.

وفي تطور لاحق، اعلن مسؤولان في اجهزة الامن امس ان السلطات الباكستانية اوقفت «قريبا محتملا» لرشيد رؤوف المشتبه فيه الاساسي في المؤامرة الارهابية المفترضة التي كشفت عنها بريطانيا الخميس والذي اعتقل مطلع الشهر الجاري في باكستان.

واوقف الرجل مطلع اغسطس الجاري لدى عودته من افغانستان حيث يشتبه المحققون في انه قد يكون على اتصال بتنظم «القاعدة». واكد مسؤولان في اجهزة الامن لوكالة الصحافة الفرنسية ان توقيفه ادى الى اعتقال رشيد رؤوف في الرابع من اغسطس الحالي. وقال احد المسؤولين «في مطلع اغسطس، اوقفت السلطات رجلا قد يكون قريبا لرشيد رؤوف عندما كان يعبر الحدود قادما من افغانستان». واضاف المسؤول الآخر ان رشيد رؤوف اوقف بعد ذلك وكشفت تصريحاته الخطة المدبرة في افغانستان من جانب «القاعدة». وقالت اجهزة الامن ان وثائق كان يحملها الرجل تشير الى انه قد يكون قريبا لرشيد رؤوف لكن لم يتم التأكد من هويته ولا قرابته.

وقد اوقف شقيق رشيد رؤوف، طيب رؤوف، 22 عاما، في برمنغهام بين المشتبه فيهم الاربعة والعشرين المحتجزين في بريطانيا في اطار التحقيق في هذه المؤامرة التي كانت تهدف لتفجير طائرات في طريقها الى الولايات المتحدة. ورجح مسؤولون آخرون في اجهزة الاستخبارات ان يكون الاعداد تم في افغانستان من قبل مسؤول كبير في «القاعدة» بدون اعطاء المزيد من التفاصيل لا سيما حول الطريقة التي جرت فيها الاتصالات.

وكانت وزارة الخارجية الباكستانية قد اعلنت الاسبوع الماضي ان رؤوف رشيد هو «شخصية رئيسية» في القضية. واضافت «هناك معلومات حول علاقة مع تنظيم القاعدة في افغانستان».

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية تسنيم اسلام «لا يوجد حاليا اي اتفاق للترحيل مع بريطانيا ولكن كون رشيد رؤوف هو مواطن بريطاني فان امكانية ترحيله قائمة».

وسعت السلطات البريطانية امس الى تمديد احتجاز 24 مشبوها على ذمة قضية تفجير 10 طائرات في الاجواء من لندن الى الولايات المتحدة. وعلمت «الشرق الاوسط» ان المحققين قدموا جزءا من الادلة لقاض بريطاني من اجل الحصول على تمديد لاحتجاز المشبوهين. ويمكن لضباط اسكوتلنديارد احتجاز المشتبه فيهم على ذمة قضايا الارهاب لمدة 28 يوما بموجب القوانين الجديدة. الى ذلك، قالت مصادر مقربة من جهات التحقيق ان اسكوتلنديارد تبحث عن علاقة بين احد المشبوهين الـ23 وسعيد بهاجي، وهو ألماني من اصل مغربي، مطلوب دولي باعتباره واحدا من مدبري هجمات 11 سبتمبر عام 2001 على نيويورك وواشنطن. وكان بهاجي عضوا في خلية الطيارين الانتحاريين في هامبورغ واختفى إلى جهة مجهولة قبل أيام من العمليات في يوم 3 سبتمبر (ايلول) 2001، فيما اشارت مصادر امنية المانية ان احد المعتقلين وهو من اصول باكستانية حاول الاتصال بزوجة سعيد بهاجي عبر البريد الالكتروني ما بين 2004 و2005. وقالت انيتا زايسج المتحدثة باسم الداخلية الالمانية: «لا نستطيع الكشف عن المزيد من المعلومات حتى لا نضرّ بالتحقيقات التي يجريها البريطانيون».

وفي هامبورغ، أفادت تقارير تلفزيونية أن السلطات الامنية في ألمانيا عثرت امس على حقيبة مشتبه فيها داخل إحدى محطات القطار في مدينة ريكلنجهاوزن غرب البلاد. وأفاد تقرير محطة إن.تي.في التلفزيونية الاخبارية أن الشرطة أخلت أحد القطارات والمحطة بالكامل بمساعدة الكلاب البوليسية المدربة على تمييز المواد المتفجرة ولم يتضح حتى الآن ما إذا كانت الحقيبة تحتوي على قنبلة أم لا.