تقريران دوليان: الدول الغنية مهددة أيضا بكارثة مائية

مدن كبرى عطشى مثل هيوستن وسيدني.. ولندن تفقد مياها بسبب شبكة أنابيبها القديمة

TT

طالب الصندوق العالمي للحياة البرية WWF أمس الدول الغنية بإجراء تغييرات جوهرية في سياساتها لتفادي مخاطر حدوث كارثة مائية، مثل التي تواجه الدول الفقيرة، فيما حذر تقرير للمعهد الدولي لإدارة المياه العذبة من أن ثلث العالم يواجه نقصا في المياه.

وأشار التقرير وهو بعنوان «دول غنية، فقر في المياه» الذي نشر عشية إطلاق فعاليات أسبوع المياه العالمي يوم الأحد المقبل في استوكهولم بالسويد، الى ان مناطق كثيرة وعددا من المدن في الدول الغنية لن تتمكن من الحفاظ على امدادات المياه، رغم إعلان الحكومات عن ضرورة الاقتصاد في استخدام المياه.

وقالت ليزا حديد، رئيسة هيئة الاتصالات في المؤسسة التي تعنى بحماية البيئة، ومقرها في جنيف، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن التقرير أعد خصيصا لتحذير صانعي القرار في الدول الغنية من مخاطر الاستغلال السيئ للموارد المائية والطبيعية بشكل سيقود الى كارثة محتمة.

ولدى سؤالها عن عدم تطرق التقرير الى أزمة المياه في الدول النامية، قالت حديد ان المؤسسة تساهم في مشروعات بيئية على مستوى عالمي في جميع القارات، وقد ارتأت في تقريرها الجديد ان تشير الى اخطار نقص المياه في الدول الغنية لتحريك حكوماتها ومنظماتها بهدف ايجاد الحلول لها سوية مع الدول الفقيرة. واستطردت قائلة ان التقرير يناقش ايضا مشاكل المياه في الدول الناشئة اقتصاديا مثل الصين والبرازيل والهند.

وقال جيمي بيتوك مدير البرنامج العالمي للمياه العذبة في المؤسسة في التقرير، ان«المياه ينبغي ان تستخدم بكفاءة في كل مناطق العالم. وقد أضحت ندرة المياه والتلوث أهم مشكلتين شائعتين، ولذلك فان الدول الغنية والفقيرة تتحمل سوية مسألة ايجاد الحلول لهما».

وتعاني مدن كبرى في الدول الغنية من استنفاذ احتياطات مياهها لكثرة استهلاكها. وأطلق التقرير لقب «المدن العطشى» على هيوستن الأميركية وسيدني الاسترالية لأنها تستهلك مياها اكثر من امداداتها. اما لندن فانها تعاني من تسرب المياه من شبكة انابيبها المتقادمة المدفونة تحت الأرض التي يقدر حجمها بحجم 300 حوض سباحة اولمبي يوميا.

وحذر التقرير من ان دعم التوسع الصناعي وزيادة اعداد السكان يؤديان لمعدلات استهلاك مرتفعة يقرب بعض مدن العالم الغني من استنفاد إمدادات المياه. وأضاف ان المياه اصبحت قضية سياسية خطيرة من اشبيلية في اسبانيا الي ساكرامنتو في كاليفورنيا وسيدني في استراليا، لأن التغير في المناخ وفقدان اراض منخفضة يقلل بشدة إمدادات الماء. واشار الى ان قطاعات الزراعة في هذه الدول يجب ان تدفع ثمنا أكبر للمياه وان تتحمل مسؤولية استخدامها بشكل اكثر كفاءة.

وقال التقرير انه في أوروبا فان دولا تطل على المحيط الأطلسي تعاني من تكرار موجات جفاف بينما في منطقة البحر المتوسط يجري استنفاد الموارد المائية بسبب الطفرة الكبيرة في الأنشطة السياحية والزراعية التي تقوم على الري. وفي استراليا التي تعد بالفعل واحدة من أكثر قارات العالم جفافا فان ملوحة التربة أصبح خطرا رئيسيا يتهدد مناطق كبيرة من اهم الأراضي الزراعية بينما تستخدم اماكن كثيرة في الولايات المتحدة كميات من المياه اكثر بكثير من الكميات التي تتجدد طبيعيا.

وحتى في اليابان التي يسقط فيها المطر بكميات كبيرة فان تلوث إمدادات المياه أصبح قضية خطيرة. وقال تقرير الصندوق العالمي ان الصورة العامة ستزداد سوءا في الاعوام القادمة لان ارتفاع درجات الحرارة في العالم يتسبب في سقوط كميات اقل من الامطار وزيادة تبخر المياه وتغيير نمط ذوبان الجليد من المناطق الجبلية.

واقترح التقرير، وفقا لوكالة «رويترز»، سبعة سبل للتغلب على المشكلة وهي الحفاظ على الأماكن التي تتجمع فيها مياه الأمطار والاراضي الواطئة وإيجاد توازن بين استهلاك المياه والحفاظ عليها وتغيير الأنماط السائدة في التعامل مع المياه وإصلاح البني التحتية العتيقة وزيادة أسعار المياه التي يدفعها المزارعون وتقليل تلوث المياه وإجراء المزيد من الدراسات على أنظمة المياه.

على صعيد آخر أعلن المعهد الدولي المعني بشؤون إدارة المياه العذبة في مؤتمر للتنمية عقد بكانبيرا في استراليا امس، ان ثلث العالم يواجه نقصا في المياه بسبب سوء ادارة الموارد المائية والارتفاع الهائل في استخدامها خاصة بسبب الزراعة. وأضاف ان ندرة المياه في أنحاء العالم تزيد بسرعة أكبر مما كان متوقعا وان الزراعة تمثل 80 في المائة من الاستهلاك العالمي للمياه.

ونقلت وكالة «رويترز» عن فرانك ريجسبرمان المدير العام للمعهد قوله، ان استخدام المياه زاد على مستوى العالم ستة أمثال خلال المائة سنة الماضية وسوف يتضاعف مرة أخرى بحلول 2050 خاصة بسبب الري والاحتياجات الأخرى الخاصة بالزراعة. وأضاف أن المليارات من السكان في آسيا وأفريقيا يواجهون بالفعل نقص المياه بسبب سوء ادارة الموارد المائية.

ومن المقرر أن يصدر المعهد ومقره سري لانكا والذي تموله منظمات البحوث الزراعية الدولية، رسميا نتائج دراساته التي توصل اليها خلال أسبوع المياه العالمي في السويد.