القاضي جوحي لـ«الشرق الاوسط»: صدام بات يدرك أكثر أنه متهم وبدأ يتصرف كذلك

مصدر قضائي عراقي: الرئيس المخلوع طلب بدلة إضافية وصبغة شعر سوداء

TT

قال القاضي رائد جوحي، رئيس الهيئة التحقيقية في محكمة الجنايات العليا الخاصة بمحاكمة صدام حسين وأركان نظامه، ان الرئيس العراقي المخلوع «بات يدرك اكثر من السابق بأنه متهم ويمثل كمتهم أمام القضاء العراقي وليس كرئيس للعراق، وان عليه ان يعمل من أجل الدفاع عن نفسه ورد التهم ومناقشة الأدلة». وقال القاضي جوحي لـ«الشرق الاوسط» عبر الهاتف من مكتبه في بغداد أمس «منذ ان بدأت التحقيق مع صدام حسين تعاملت معه كمتهم محال الى التحقيق في عدة قضايا، كما أفهمته في كل جلسة تحقيق، بأنه متهم ومحال الى محكمة الجنايات العليا في قضايا تتعلق بجرائم الحرب والإبادة، وهو يعرف ذلك في داخله جيدا، لكنه يحاول ان يستعرض سياسيا أمام الكاميرات. كما أكدت عليه أن يتصرف كمتهم وان يستغل الفرصة الجيدة التي تتيحها له المحكمة بفعل القانون ليدافع عن نفسه ويناقش الأدلة والتهم الموجهة اليه بدلا من اضاعتها في الخطابات السياسية، كون المحكمة ليست سياسية وانما هي محكمة جنايات متخصصة».

وأشار جوحي الى ان صدام حسين «أدرك وبدأ يتصرف كمتهم حقيقي منذ الجلسات الاخيرة لمحكمة الدجيل والجلسات الاولية لمحكمة الانفال. نحن أمام قضية جنائية لا تنفع فيها الخطابات السياسية ولا تؤثر على سير المحكمة ونزاهتها».

وأشاد القاضي جوحي بالقاضي عبد الله علي علوش العامري رئيس محكمة الجنايات الثانية العليا، وقال «بفضل خبرة وذكاء القاضي العامري، فاننا لاحظنا في الجلسات الثلاث الاولى حزمه وكياسته واعتماده على القانون في إجراءاته لضبط الجلسات وتعامله مع المتهمين، حيث يعود له الفضل في ان يفهم المتهمين بأنهم محالون حسب قضايا جنائية لا سياسية، وإذا ما استخدم أي متهم الجلسة لإلقاء الخطب السياسية او الخروج عن تقاليد وأصول الجلسة، فانه (القاضي) سيستخدم صلاحياته القانونية في إغلاق الصوت، وإذا ما تمادى أي متهم فسوف يأمر القاضي بإخراجه من القاعة». يذكر ان القاضي العامري عمل اكثر من 28 عاما في حقل القضاء، أمضى اكثر من 20 عاما منها في محاكم الجنايات، وهو معروف بنزاهته وتطبيقه للقوانين بالرغم من حزمه.

وحول ما اعتبره البعض بالمجاملة من القاضي للمتهم علي «الكيمياوي» حسن المجيد عندما سمح القاضي للمجيد بالجلوس والتحدث، قال القاضي جوحي ان «من حق القاضي العامري بصفته رئيسا للمحكمة، ان يتصرف وفقا للقوانين حتى يحصل على الادلة. ومن حقه ان يسمح لهذا المتهم بالوقوف او بالجلوس، وقد سمح لعلي حسن المجيد بالجلوس وهو يدلي بإفادته في المحكمة باعتباره كبيرا في السن ومريضا، ووضعه يختلف عن الآخرين، والقاضي يراعي القانون الانساني الذي أصبح قاعدة قانونية، وبالتالي، فان القاضي يراعي الظروف الصحية والانسانية لأي متهم ولا يجامل هذا أو ذاك على حساب القانون او القضاء».

لكن القاضي جوحي نفى ان يكون المجيد مصابا بمرض خطير، وقال «لديه مشاكل صحية بسبب كبر سنه ويصاب بالإعياء في حالة وقوفه لفترة طويلة، وهو يخضع لعناية صحية ممتازة كالآخرين، وأستطيع القول ان حالته الصحية جيدة جدا».

وفي رده على سؤال عمن هو المتهم الاول في قضية الانفال، قال القاضي رئيس الهيئة التحقيقية في محكمة الجنايات العليا «كمحكمة وكقضاء، فان المتهم هو متهم وليس هناك متهم اول ومتهم ثان، لا سيما وان الجميع في هذه القضية محالون بذات التهم، وهي جرائم الحرب والإبادة البشرية ضد الأكراد وتهجيرهم، ولكل متهم دوره في تنفيذ هذه الجرائم، لكن حسب التحقيقات التي أجريتها والاستماع الى افادات المشتكين والشهود، فانهم يعتبرون علي حسن المجيد وصدام حسين، هما المتهمان الاساسيان في هذه القضية، لكننا في القضاء ننظر الى جميع المحالين للمحكمة باعتبارهم متهمين أساسيين».

وحول محاولة احد محامي الدفاع عن المتهمين السخرية من احدى المشتكيات، وهي امرأة كردية كبيرة في السن وفقدت جميع افراد عائلتها، حيث تعمد المحامي السخرية منها عندما سألها عن رائحة الغاز الذي تم قصفهم به من قبل القوات الحكومية ومن ثم سألها عن رائحة الثوم وضحك، كما لوحظ أن القاضي ابتسم ولم يرد على المحامين، أوضح القاضي جوحي «أنا هنا ليس بموضع الدفاع عن القاضي العامري بقدر ما أريد ان اوضح الحقائق؛ فالقاضي كان في الأساس مبتسما او هكذا هو وضعه، ولم يسخر من الشاهدة، بينما حاول محامي الدفاع عن احد المتهمين جر القضية باتجاه معاكس فوقف القاضي بوجهه». من ناحية ثانية، أكد جوحي أن «من حق المحكمة وحدها إحضار المتهمين الى قاعة المحكمة، وليس من حق المتهم ان يرفض المجيء. وإذا حاول صدام حسين او غيره الامتناع عن الحضور فسوف يجلب بالقوة، او ان تقرر المحكمة عدم احضاره في حالة ان يقدم المتهم طلبا بعدم الحضور».

من جهة أخرى، كشف مصدر قضائي مطلع ومقرب من محكمة الجنايات العليا الثانية، ان «المحكمة زودت صدام حسين بأكثر من بدلة وقمصان ليظهر بهما في جلسات المحكمة»، مشيرا الى ان صدام «كان قد طلب ارتداء البدلة بدلا من الزي العربي (الدشداشة والعقال)، وهو يهتم كثيرا بمظهره، خاصة قبيل ظهوره في المحكمة. وقد تم تزويده بصبغة شعر سوداء بناء على طلبه، وهو بالفعل يصبغ شعره قبل أي ظهور له في جلسات المحكمة». وفيما اذا كان صدام يصبغ شعره بنفسه ام بمساعدة من احد، قال المصدر «يتوفر له في المكان الذي يحتجز فيه حلاق، وباعتقادي هو الذي يقوم بصبغ شعر صدام». ولم يفصح المصدر عن سعر البدلة والقمصان او ماركاتها التجارية، سوى انه قال «اشتريناها من السوق المحلي ولا تحمل أية ماركة مشهورة».

الى ذلك، ذكرت تقارير أمس، أن هيئة النزاهة العراقية تمكنت من وضع يدها على أملاك تعود لنظام صدام خارج العراق. ونقل تلفزيون العراقية عن المتحدث باسم هيئة النزاهة العراقية علي الشبوط القول «إن الهيئة تمكنت من وضع يدها على أملاك تعود للنظام السابق في كل من بغداد ولندن وباريس بأسماء وهمية». وأوضح الشبوط أن الهيئة تدرس ملفات أخرى، وستكشف قريبا عن أسماء متورطين في قضايا فساد من النظام السابق، حسب ما ذكرت وكالة الانباء الالمانية. وأشار البيان إلى أن الهيئة تتابع قضايا الفساد المالي والإداري وليس القضايا السياسية، وهي مخولة بمتابعة القضايا منذ عام 1968 وحتى الآن وبأثر رجعي.

وقال القاضي جوحي إن «هناك قرارا كان قد صدر في عهد مجلس الحكم عندما كان بول بريمر حاكما للعراق، ويقضي هذا القرار بالحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة لأكثر من 100 من المتهمين بينهم صدام حسين».