شيراك: قادة سورية لا يتصرفون بشكل يوحي بالثقة * ميركل: نرفض الاتصال بسورية على أي مستوى

باريس وبرلين تتهمان معا دمشق بعرقلة تنفيذ القرار 1701

TT

وجهت فرنسا وألمانيا انتقادات شديدة اللهجة لسورية واتهمتاها بالقيام بدور سلبي وبالعمل على الحؤول دون تنفيذ مضمون القرار الدولي رقم 1701، وذهبت باريس الى حد اتهام السلطات السورية باستغلال الأزمة اللبنانية ـ الإسرائيلية من أجل العودة الى اللعبة الدولية وطمس التحقيق الجاري حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري العام الماضي.

وهذه المرة الأولى التي تصدر فيها عن البلدين اتهامات بهذا العنف بحق القيادة السورية منذ اندلاع المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل في الثاني عشر من شهر يوليو(تموز) الماضي.

وفي المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في قصر الإليزيه، ظهر أمس، عقب جولة أولى من المحادثات بين المسؤولين خصصت غالبيتها للأزمة اللبنانية ـ الإسرائيلية وللوضع في منطقة الشرق الأوسط، فتحت المستشارة الألمانية نيران «المدفعية الثقيلة» على المسؤولين السوريين، كاشفة النقاب عن أن محادثاتها مع شيراك تطرقت الى سورية من باب «ما يمكن أن ننتظره منها وما لا يمكن أن ننتظره منها». وبعد أن ذكرت ميركل بالأسباب التي دفعت وزير خاجيتها شتاينماير الى إلغاء زيارته المقررة الى دمشق في آخر لحظة بسبب الخطاب السياسي المتشدد للرئيس السوري بشار الأسد، قالت المستشارة الألمانية إن «القيادة السورية الحالية تعقد لنا الأمور كثيرا ولا تتيح لنا بأن نعترف لسورية بدور بناء في العمل على تنفيذ القرار1701». وأبدت ميركل أسفها لـ «عدم صدور إشارات إيجابية كثيرة» عن سورية التي لا تغتنم فرص السلام في المنطقة.

ويبدو من كلام ميركل أن برلين نادمة على بادرة الانفتاح التي أبدتها إزاء دمشق بقرارها إرسال وزير الخارجية شتاينماير للقاء المسؤولين السوريين في الوقت الذي ترفض فيه باريس أي انفتاح سياسي على سورية أو أي اتصال خارج القنوات الدبلوماسية العادية. وقالت ميركل إن بلادها «غير مستعدة لإقامة اتصالات (مع دمشق) في أية ظروف أو على أي مستوى كان». لكنها بالمقابل، لم تغلق الباب أمام اتصالات مستقبلية مع دمشق في ما إذا انطلقت العملية السياسية في المنطقة مجددا. وقالت ميركل:«أعتقد أنه على المدى البعيد سيكون لكل اللاعبين في المنطقة ومنهم سورية دور يلعبونه ونحن متفقون (مع فرنسا) على أنه إذا حصل مسار سياسي بعيد المدى في المنطقة، فعندها يجب ألا تبقى سورية خارجه». وأما الرئيس الفرنسي، فقد أعلن في المؤتمر الصحافي عينه أنه «متفق تماما» مع ما قالته المستشارة الألمانية. وقال شيراك: «إن سورية بلد موجود وله أهميته ويتعين احترامه». لكنه بالمقابل اعتبر ان الصعوبة تكمن «في القادة السوريين الذين لا أطلق أحكاما بشأنهم لكنهم يتصرفون بشكل لا يوحي آليا بالثقة وهذه هي المشكلة». وكان وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي استبق الرئيس شيراك باتهام سورية بمحاولة استغلال النزاع اللبناني ـ الإسرائيلي لفك عزلتها في العالم. وقال بلازي لإذاعة «إر تي إل» صباح أمس إنه «لا يتعين أن تستفيد سورية من النزاع اللبناني ـ الإسرائيلي للعودة الى الساحة الدولية وللتملص من التحقيق الدولي» الذي يقوده المحقق البلجيكي سيرج براميرتس. وكانت باريس عارضت باستمرار أي اتصال مع دمشق رغم اعترافها بالدور الكبير الذي لا تزال قادرة على القيام به في لبنان من أجل قطع الطريق على سورية لاستخدام الورقة اللبنانية طريقا للعودة الى دائرة الاتصالات الدولية. وقالت مصادر فرنسية إنه تم الحصول على وقف لإطلاق النار وبدء العمل بالقرار الدولي رقم 1701 بعيدا عن أي دور سوري. وعمد وزير الخارجية الى لقاء نظيره الإيراني منوشهر متقي في بيروت إبان المعارك بين «حزب الله» وإسرائيل لاعتقاد باريس أنها بذلك «تلتف» على الدور السوري من خلال الحوار مع إيران. وذهب دوست بلازي إلى أبعد من ذلك عندما قال إن سورية بلد لديه قادة «وجهت اليهم لجنة تحقيق دولية أصابع الاتهام (في اغيتال الحريري) وهو خاضع لقرار صوت عليه بالإجماع في مجلس الأمن (1595) غرضه معرفة من قتل مجموعة من الشخصيات السياسية ومن المجتمع المدني وكذلك رئيس الوزرء السابق رفيق الحريري». وفي المؤتمر الصحافي أمس، دعا شيراك وميركل مجددا إسرائيل الى رفع الحصار البحري والجوي المضروب على لبنان. واعتبر شيراك أن هذا الحصار «غير مبرر إطلاقا» وهو يصيب بالضرر الشديد الاقتصاد اللبناني. وتناول الرئيس الفرنسي مجمل المسار الذي أدى الى إعلانه رفع المساهمة الفرنسية في القوة الدولية الجديدة الى 2000 رجل، مبررا ذلك بحصوله على ضمانات كافية حول نقطتين رئيسيتين هما وجود قيادة «فعالة ومهنية» تختلف عما عرفته القوات الدولية في السابق بحيث تنوجد في نيويورك قيادة عسكرية تكون المرجعية للقيادة الميدانية التي ستبقى بيد الجنرال الفرنسي ألان بللغريني. أما الضمانة الثانية فتتمثل في إطاء القوة الدولية صلاحية استخدام السلاح للدفاع عن نفسها وللقيام بمهمتها. وأكد الرئيس الفرنسي أنه ما كان بإمكانه ألا أن يتصرف كـ «كلب مسعور» من دون أن يأخذ بالاعتبار المخاطر المحيقة بمهمة القوة الفرنسية وبالضمانات التي كان يتعين الحصول عليها قبل قرار إرسال 2000 جندي الى جنوب لبنان.

وكان لافتا في كلام الرئيس الفرنسي أنه وصف ما تضمنه القرار 1701 لجهة توفير 15 ألف جندي لليونيفيل المعززة بأنه «رقم مبالغ فيه» و«لا معنى له» مما يشير ضمنا الى أن القوة الدولية لن تصل الى هذا الرقم. وقال شيراك إن مساحة جنوب لبنان تعادل مساحة نصف مقاطعة فرنسية، وبالتالي لا يمكنها استيعاب 15 ألف جندي وعددا مماثلا من القوات الدولية.