فريزر سلمت البشير دعوة من بوش مشروطة بقبول القوات الدولية

توتر في الخرطوم بسبب مظاهرتين متنافستين

TT

لاول مرة منذ توليه زمام الحكم في السودان، تلقى الرئيس عمر البشير دعوة رسمية من الرئيس الاميركي جورج بوش لزيارة واشنطن، في تطور درامي على مسار العلاقات السودانية الاميركية المتردية منذ 17 عاما.

ولكن الادارة الاميركية حرصت على ان ترفق الدعوة بمطالبة الرئيس السوداني بالموافقة على نشر القوات الدولية في اقليم دارفور المضطرب، وهو الطلب الذي رفضه البشير، حين قال «لن تدخل تلك القوات بلادنا الا عبر حرب». وتسلم البشير رسالة خطية من الرئيس بوش تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها بجانب دعم جهود السلام في دارفور سلمتها له مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية جنداي فريزر، التي واجهت مشكلات كثيرة في مهمتها الى الخرطوم منذ الاحد الماضي تتعلق بإقناع البشير بقبول القوات الدولية في الاقليم المضطرب.

ووعد البشير المسؤولة الاميركية بدراسة الرسالة والرد عليها في اقرب وقت عبر وزارة الخارجية، قبل ان يشيد «بالتطور الذي شهدته العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس بوش بخلاف ما كانت تشهده في السابق من مواجهة، ودعمه المتواصل الذي أدى إلى التوقيع على اتفاقي السلام بنيفاشا وابوجا»، طبقا لوكالة السودان للانباء الرسمية.

وحملّ البشير في اللقاء الإعلام الغربي مسؤولية تضخيم مشكلة دارفور واختلاق دعاوى التطهير العرقي والإبادة الجماعية واستشهد بما اعلنه الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان خلال زيارته لدارفور بعدم صحة تلك الدعاوى ورجوعه عما اعلنه فور عودته لمقره نتيجة ضغط الرأي العام.

وقال الدكتور لام اكول وزير الخارجية السوداني إن فريزر طلبت من السودان القبول من حيث المبدأ انتقال مهمة القوات الأفريقية لقوات دولية وجدد موقف السودان الثابت من هذه القضية، ولم يستبعد اكول ان يكون لقاء الرئيسين البشير وبوش على هامش الاجتماعات القادمة للجمعية العامة للامم المتحدة بنيويورك. وقال محجوب فضل السكرتير الصحافي للبشير ان فريزر طلبت تدخل الرئيس لاطلاق سراح الصحافى الأميركي الذي دخل السودان دون تأشيرة دخول ويخضع الان للمحاكمة في مدينة الفاشر بدارفور واشارت إلى أنه ليس جاسوسا، واضاف فضل ان الرئيس البشير ابدى موافقته على التعامل مع هذه القضية من ناحية انسانية.

وقبيل لقائه فريزر بلحظات، ابلغ الرئيس البشير حشدا من عمال السودان حشده الاتحاد العام للعمال الموالي للحكومة، موقف السودان الرافض تحويل مهمة الاتحاد الافريقي في دارفور الي قوات اممية، وقال «لن نقبل بذلك»، واضاف «ولن نقبل تغيير قبعات قوات الاتحاد الافريقي بالقبعات الزرقاء للقوات الدولية». وشدد على ان «المواجهة افضل لنا بمليون مرة من الموافقة على دخول هذه القوات الى بلادنا»، ومضى «ان القوات الدولية لن تدخل الا عبر حرب معنا»، وتابع «نفضل الموت على الموافقة على دخول القوات الدولية»، وقال «فضلنا مواجهة القرار رفضاُ للذل والهوان». وتوقعت مصادر امنية تحدثت لـ«الشرق الاوسط» حدوث اعمال شغب في حال عدم الغاء احدى المظاهرتين، وقال احد هذه المصادر انه يتوقع ان تحظر السلطات من الليل تحركات المواطنين في السوق العربي الواقع في قلب الخرطوم منعا لحدوث تلك الاعمال منذ الصباح الباكر.

وكانت 13 حزبا معارضا قررت في مؤتمر صحافي اول من امس بدار حزب المؤتمر السوداني بمشاركة ممثلي الأحزاب والمنظمات الأهلية والمدنية والمجتمع المدني، تنظيم مسيرة احتجاجية تنطلق من ميدان الأمم المتحدة في قلب الخرطوم الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر الأربعاء حتى القصر الجمهوري وتسليم مذكرة لرئيس الجمهورية (نص المذكرة ص 3). وطالبت المذكرة بإلغاء قرارات الزيادات للسكر والمواد البترولية ومحاسبة وزيري المالية والطاقة. وقال الدكتور عبد النبي علي أحمد الامين العام لحزب الامة المعارض في تصريحات صحافية ان حزبه يدعم وحدة صف القوى المعارضة وكل ما تقوم به من أعمال لمقاومة تلك القرارات عبر المواكب والمسيرات والاعتصامات.

وفي الاتجاه المناقض، قررت هيئة المقاومة الوطنية (داعمة للحكومة) تسيير مظاهرة صباح اليوم من ميدان الشهداء وسط الخرطوم (مجاور للقصر الرئاسي) ضد المحاولات التي تجري لنشر القوات الدولية في الخرطوم، وقرر المنظمون ان تتحرك المسيرة من الميدان الى مقر الامم المتحدة في الخرطوم شرق لتسليم مذكرة احتجاج على الخطوة التي تدعمها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا.

وقررت قيادات وجماهير ومؤسسات ومنظمات واحزاب حكومة الوحدة الوطنية بولاية نهر النيل شمال الخرطوم الخروج في مظاهرة للتعبير عن رفضهم للقرار البريطاني الاميركي المعروض على مجلس الامن حول تدخل القوات الدولية بدارفور.

وكانت قوات الشرطة فضت اول من امس عصرا مظاهرة نظمها «منبر السودان» المعارض بشارع الجامعة، وقال المنبر في بيان أصدره إن قوات الشرطة قامت بتفريق مظاهرة سلمية وأطلقت عليها القنابل المسيلة للدموع واستخدمت العصي والهراوات لتفريق المتظاهرين مما تسبب في إصابة عدد كبير من المتظاهرين سيما المتحدث الرسمي باسم المنبر؛ سليمان الأمين. وأعرب البيان عن تخوفه من مآلات المستقبل السياسي للبلاد نتيجة لانتهاج الحكومة (القوة) كأسلوب للحوار.