أعمال شغب تعقب صلاة الغائب على زعيم التمرد البلوشي في باكستان

اعتقال 500 متظاهر.. والحكومة تنجو من مذكرة سحب الثقة

TT

تواصلت لليوم الثالث على التوالي امس اعمال الشغب في عدد من المدن الباكستانية احتجاجا على مقتل زعيم المتمردين في بلوشستان. وتركزت أعمال الشغب مجددا في مدينة كويتا، عاصمة اقليم بلوشستان، بعد اداء صلاة الغائب على نواب اكبر بغتي الذي قتل يوم السبت في غارة جوية.

وأكدت الشرطة وشهود عيان ان مجموعة من مثيري الشغب اضرموا النيران في عدد من المباني، بينها بنك، وفجروا قنابل مصنعة يدويا في المدينة. وانفجرت القنابل في متاجر بالقرب من مكان اقامة الصلاة. واطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع في الهواء في محاولة للسيطرة على الوضع، حسبما افاد مسؤول في الشرطة. كما تم احضار عدد من عناصر القوات شبه العسكرية.

لكن ذلك لم يمنع المتظاهرين من الرد، مما أسفر عن سقوط شرطي وإصابة آخر، حسبما اوضح قائد الشرطة المحلي تشودري محمد يعقوب لصحافيين في كويتا.

كذلك فجر مهاجمون خط أنابيب للغاز واعمدة كهرباء في مدينة كلات التابعة لاقليم بلوشستان امس. وذكرت وكالة «رويترز» ان المهاجمين استخدموا متفجرات قوية لنسف خط الانابيب وأعمدة الكهرباء مما ادى الى قطع امدادات الغاز والكهرباء عن كلات. ونقلت الوكالة عن ضابط شرطة محلي قوله: «انها انفجارات قوية، وتم نسف 3.6 متر من خط الانابيب». واضاف الضابط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه انه بدئ باعمال الاصلاح في خط الغاز وخطوط الكهرباء.

وحضر الآلاف بينهم وزراء سابقون وحكام المناطق صلاة الغائب على بغتي التي جرت في ملعب رياضي محلي بمدينة كويتا. وكان بغتي يقود تمردا من اجل حصول سكان بلوشستان على حصة اكبر من عائدات الغاز في المنطقة. وينظر الكثيرون في بلوشستان الى بغتي على انه بطل بسبب قتاله ضد حكومة الرئيس الباكستاني برويز مشرف. وقد ادى النزاع الى مقتل المئات خلال العامين الماضيين. واسفرت اعمال العنف المتواصلة منذ ثلاثة ايام عن اعتقال اكثر من 500 شخص ومقتل شخصين. كما دعا المتحدرون من اصل بلوشي الى اضراب عام احتجاجا على مقتله. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية ان اعمال عنف وقعت امس ايضاً في مدن اخرى باقليم بلوشستان بينها توربات حيث احرق المحتجون ثلاثة متاجر وبنكا. وكان بغتي، الذي يعتقد انه كان في الثمانينات من عمره عند مقتله، شخصية صلبة ومثيرة للجدل، وهيمن على السياسة في بلوشستان على مدى عقود. واتهم بغتي، الذي تلقى تعليمه في جامعة اوكسفورد البريطانية المرموقة، بتطبيق نظام قضائي اقطاعي في بلوشستان واقامة سجون خاصة، وألقيت عليه المسؤولية في مقتل عشرات من رجال الشرطة والجيش. ويقال ان آلاف المقاتلين كانوا تحت امرته. ولم تتم استعادة جثة بغتي من الكهف الذي انهار خلال تبادل عنيف لاطلاق النار بين عناصر الامن الباكستانيين ورجال بغتي المسلحين، حسب مسؤولين. ولا تزال الجهود متواصلة لاستعادة جثته لدفنها في مقبرة اجداده. وقال عضو مجلس الشيوخ اغا شهيد نسيب بغتي ان عائلته قد اتصلت بالحزب الحاكم لطلب المساعدة في استعادة جثمان بغتي الا انها لم تتلق ردا فوريا.

وانتقد سياسيون معارضون عملية قتل بغتي التي تمت «خارج نطاق القضاء». ووصف المحللون مقتل بغتي بانه «خطأ» ارتكبته الحكومة وحذروا من ان مقتله قد يدفع بشعب بلوشستان الى التطرف ويزيد من حدة التمرد. وتتزايد المشاعر الانفصالية في بلوشستان منذ اقامة دولة باكستان قبل نحو 60 عاما وصرح رئيس الوزراء شوكت عزيز اول من امس ان الجيش لم يستهدف بغتي عمدا. إلا أن الرئيس مشرف حذر من ان حكومته ستقضي على التمرد. ويعتقد ان مقتل بغتي سيزيد من الضغوط السياسية على حكومة مشرف، خصوصا انه جاء متزامنا مع مذكرة بسحب الثقة عن الحكومة طرحتها المعارضة البرلمانية، محملة الحكومة تورطها في قضايا فساد. وكان مقررا ان يناقش البرلمان باسلام آباد مذكرة سحب الثقة.

وبسبب الدعم الذي تتمتع به الحكومة في البرلمان، فشلت المعارضة في جلسة عقدت بالبرلمان الفيدرالي في اسلام آباد، امس، في تمرير مذكرة سحب الثقة. ورغم ان المعارضة كسبت تأييد 138 صوتا من مجموع 342 هم عدد أعضاء البرلمان، فان الحكومة نجت بدعم الأغلبية.

وكانت المعارضة ممثلة في الأحزاب الدينية والعلمانية قد تقدمت بمذكرة سحب الثقة احتجاجا على ما سمته الفساد ومشروع الحكومة، لتعديل بعض القوانين المستمدة من الشريعة الإسلامية.