مبارك اعتبر كتاباته نشراً لقيم التنوير والتسامح.. والبيت الأبيض وصف رحيله بـ«الخسارة العالمية»

العالم ينعى نجيب محفوظ

TT

نعى العالم الأديب الكبير نجيب محفوظ الذى وافته المنية امس عن 95 عاما بعد صراع مع المرض، فيما اعتبر البيت الابيض وفاته «خسارة عالمية». فقد نعى الرئيس المصري، حسني مبارك، الأديب الكبير نجيب محفوظ الذي «انحاز بقلمه لشعب مصر وتاريخه وقضاياه وعبر بإبداعه عن القيم المشتركة للإنسانية، ونشر بكتاباته قيم التنوير والتسامح النابذة للغلو والتطرف. وكان حصوله على جائزة نوبل للآداب اعترافا بإسهام الفكر العربي فى حضارة الانسانية وتراثها المعاصر». ووصف مبارك الاديب الراحل بأنه «علم من أعلام الفكر والثقافة، وروائي فذ ومفكر مستنير وقلم مبدع، وكاتب خرج بالثقافة العربية وآدابها إلى العالمية». ونعى مبارك «هذا المصري البارّ لشعب مصر وأمتها العربية والعالم»، معربا «عن خالص عزائه ومواساته لأسرة الفقيد الراحل ولمحبيه والعارفين بفضله».

وفي واشنطن، أصدر البيت الأبيض بيانا عزَّى فيه الشعب المصري والعالم أجمع بوفاة الأديب العالمي نجيب محفوظ‏. وجاء في البيان ان الرئيس جورج بوش شعر بالحزن والأسى عند إبلاغه بوفاة الروائي العربي الكبير الذي وصفه البيان بأنه مؤلف استثنائي عالمي للأدب الروائي والقصص القصيرة والسيناريوهات السينمائية تجاوز فيها كل القوالب الجاهزة وأبدى عمق بصيرة في سبره لأغوار حياة المصريين وكل بني الإنسان. وقال البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه من مكتب نائبة المتحدث باسم الرئيس بوش «إن جميع أعمال نجيب محفوظ عرفت الأميركيين ببلاده الحبيبة مصر كما عرفت قراءه في جميع أنحاء العالم بمجتمعه المصري، وسيبقى هذا التعريف لأجيال قادمة». ونقل بيان البيت الأبيض تعازي الرئيس بوش وتعازي السيدة الأولى لورا بوش نيابة عن الشعب الأميركي إلى عائلة الفقيد الراحل وأصدقائه وإلى الشعب المصري، معتبرا أن وفاته تمثل خسارة كبيرة لأديب نقل تاريخ مصر الغني ومجتمعها إلى العالم كله.

كما نعت جامعة الدول العربية الأديب الراحل، فيما بدأ المندوبون الدائمون للدول الأعضاء بالجامعة اجتماعهم أمس في القاهرة بقراءة الفاتحة على روحه. وقالت الجامعة العربية في بيان ان «مصر والأمة العربية بل والعالم فقد معلما بارزا من معالم الثقافة المعاصرة، الكاتب والاديب المبدع نجيب محفوظ، الذي اثرى وجدان الأمة بالعديد من الاعمال الادبية التي كان لها صداها الفاعل على المستوى العالمي».

ووجه العاهل الاردني، الملك عبد الله الثاني، برقيتي تعزية الى الرئيس مبارك وأسرة الاديب نجيب محفوظ، جاء فيهما: «اننا خسرنا بوفاة الاديب الراحل مبدعا كبيرا واحد ابرز اعمدة الادب العربي، والذي شكل علامة فارقة في تاريخ الادب العربي في العصر الحديث». واشار الملك عبد الله الثاني الى ان «اعمال الفقيد اغنت المكتبة العربية والعالمية بروائعه الادبية التي عبرت عن هموم المجتمعات الانسانية وحظيت بتقدير واعجاب الاوساط الثقافية في شتى دول العالم». واعرب الملك عن «اصدق مشاعر التعزية والمواساة بهذا المصاب الاليم».

كما وجه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي برقية تعزية الى الرئيس مبارك، قال فيها: «تلقيت ببالغ التأثر نبأ وفاة الاديب الكبير الاستاذ نجيب محفوظ»، وتوجه الى الرئيس المصري وعائلة محفوظ والاسرة الثقافية في مصر وسائر البلدان العربية «بأصدق التعاطف وأعمق مشاعر التعازي والمواساة». ونوه الرئيس التونسي بـ«خصال محفوظ وعطائه الغزير وابداعاته الخالدة وما حققه للثقافة العربية من تألق واشعاع بوأها اسمى مراتب التكريم والاشادة على المستوى العالمي». وبدوره وجه الرئيس العراقي، جلال طالباني، رسالة عزاء الى عائلة الاديب العالمي وعبر فيها عن «عميق مواساته لشعب مصر»، واصفا روايات محفوظ بأنها أسفار تدون تاريخ مصر والمنطقة وتكشف معاناة وهموم الناس، ولذلك ضمنت له مكانا رائدا في الأدب العالمي واستحق عن جدارة جائزة نوبل.

كما نعت المؤسسات الثقافية المصرية الروائي العالمي، وأجمعت على أن الثقافة العربية والأدب العالمي فقدا أديبا عظيما، ومبدعاً جسد روح المجتمع المصري بآلامه وأفراحه. وقالت وزارة الثقافة المصرية: «انه برحيل أديبنا الكبير نجيب محفوظ نفقد شاهدا رئيسيا على عالمية أدبنا العربي، ويفقد المصريون جميعا ابنا لهم ساهم فى رفعة وطنهم وإعلاء اسمه، حيث ترك نجيب محفوظ ما يجاوز المدرسة الأدبية الى المنهج الإبداعي المتكامل يحيط ذلك بإطار من الإنسانية النادرة والصفات التى يتحلى بها الحكماء رفيعو القدر والقيمة». من جهته، نعى اتحاد الناشرين المصريين والعرب الاديب الراحل الذي «اثرى المكتبات العربية بروائع الأعمال الأدبية التي ستبقى دائما وأبدا علامات مضيئة تسترشد بها الاجيال والمثقفون والعامة وتبقى منارات شامخة تعبر عن الادب المصري والعربي الرائد والمتواصل». كذلك قالت مكتبة الإسكندرية في بيانها ان نجيب محفوظ كان مؤسسا لمدرسة روائية عربية اقتدى بها العديد من الروائيين العرب، وبرحيله فقدت الساحة الأدبية العربية، روائيا أحس بالبسطاء في الأحياء الشعبية، وجسد التسامح والقيم النبيلة. وفي بيان مماثل وصف المجلس الاعلى للثقافة بمصر «أحد رواد الاستنارة في مصر في القرن العشرين الذي أثرى الثقافة المصرية والعربية بعطائه المتميز، وغير مسار الرواية العربية وانتزع لها مكانها ومكانتها العالمية». وقال بيان المجلس الاعلى للثقافة ان محفوظ قدم في ثلاثينات القرن الماضي وطوال اكثر من 70 عاما نموذجا للريادة الفكرية والفنية والتضامن والإخلاص لقضيته الإبداعية، وظل حتى اللحظات الأخيرة مخلصا لقيمه ومبادئه التي عبر عنها من خلال إبداعه الروائي وكتاباته المعددة. واعتبر البيان انه لو كان نجيب محفوظ قد رحل عنا بجسده، فان إبداعه ومكانته الفكرية ووقوفه الى جانب قضايا حرية الانسان ستظل دوما كما كانت مصدرا لإلهام أجيال وراء اجيال من المبدعين والعرب وستظل مكانته العالمية التي انتزعها بابداعه نقطة مضيئة للثقافة المصرية.

وبدورها، نعت القوى السياسية المصرية الأديب الراحل، اذ نشر المرشد العام للإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف على موقع الجماعة على الإنترنت «إخوان أون لاين» نعيا اعلن فيه ان الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد والكاتب الإخواني محمد عبد القدوس سيشاركان فى جنازة محفوظ. واوضح مرشد الجماعة انه سيقوم بنفسه لاحقا بأداء واجب العزاء من دون أن يوضح كيفية ذلك. كما نعى الدكتور بطرس غالي رئيس «المجلس القومي لحقوق الإنسان» الأديب العالمي الراحل، ووصفه بأنه «رجل تحلى بالمبادئ الإنسانية وأدرك أهمية وقيمة السلام فى التطوير والبناء». ووصفه ايضاً بانه «ذو فكر تنويري اطلع بانفتاح ودأب على الفكر العالمي».

وأبرزت عدة وسائل إعلام عالمية موضوع وفاة الاديب العالمي نجيب محفوظ. فقد اذاعت نبأ الوفاة، وبث التلفزيون الصيني برنامجا وثائقيا عن نجيب محفوظ بعنوان «غياب روائي كتب للعالم أجمع فكتب له التاريخ قصة الخلود الأبدي». وتضمن البرنامج سردا تفصيليا لحياة الاديب الراحل، حيث ذكر ان اسمه الكامل هو «نجيب محفوظ بن عبد العزيز بن إبراهيم حمد باشا»، ثم اشار الى التفاصيل الاخرى من سيرته الذاتية. وقال معلق البرنامج ان نجيب محفوظ «يعد من الأدباء العباقرة في مجال الرواية وقد وهب حياته كلها للكتابة والابداع».

وبدوره، قدم السفير الاوزبكي في القاهرة، صالح انعاموف، تعازيه لأسرة الأديب الراحل وللحكومة والشعب المصري، وقال إنه تلقى نبأ وفاة الاديب الكبير ببالغ الحزن والاسى. واضاف السفير انعاموف ان نجيب محفوظ ليس مشهورا في العالم العربي فحسب بل في اوزبكستان أيضا. وأضاف ان محفوظ يعتبر أديب العالم الاسلامي كله، مشيرا الى أن الادباء الاوزبكيين ترجموا الكثير من كتبه، وان المعاهد البحثية كانت تقوم بدراسة كتبه ومؤلفاته.